إعلان

 ولو جاء ألف مبعوث إلى صنعاء!

سليمان جودة

ولو جاء ألف مبعوث إلى صنعاء!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 16 مايو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أسوأ ما يمكن أن يواجه أي قضية مشتعلة في حياة أي شعب أن يعتاد عليها العالم، وأن تصل إلى درجة تصبح كل التطورات فيها عادية، رغم فداحة هذه التطورات في كل الأحيان، ورغم معاناة الذين يشاء سوء حظهم أن يكونوا وقوداً لكل تطور منها يقع على الأرض.

سوف تشعر بهذا كثيراً، وأنت تتابع القضايا الكبرى حول العالم، ولكنك سوف تشعر به أكثر، عندما تطالع أن مارتن جريفيث، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، قدم إفادته الأخيرة إلى مجلس الأمن في الثاني عشر من هذا الشهر، إيذاناً بإنهاء مهمته التي دامت ثلاث سنوات في اليمن السعيد.

قال الرجل إنه لا يستطيع أن يقول إن الأطراف في اليمن قد وصلت إلى وضع يمكنها من خلاله حل الصراع بينها في البلاد.

وهذا كلام لا معنى له سوى أن جريفيث يعترف بطريقة غير مباشرة بأن مهمته فشلت، وأنه قد ظل يروح إلى الأراضي اليمنية ويجيء منها طوال السنوات الثلاث، ثم لم يفعل أي شيء في النهاية سوى الذهاب والعودة في كل مرة وهو خالي اليدين!

وبالطبع سوف يأتي من بعده مبعوث أممي جديد، وسوف ينخرط فيما انخرط فيه جريفيث من قبل، وسوف يبقى اليمن في معاناته، وسوف نظل نبحث عن أثر للسعادة التي اقترنت باسمه على مر التاريخ، فلا نعثر على شيء سوى الآلام والأمراض التي تحاصر اليمنيين هناك، وسوى أن أرض سبأ اليمنية التي يصفها القرآن الكريم بأنها كانت تعرف جنتين اثنتين عن يمين وشمال ذات يوم، لم تعد لها صلة بما كانت عليه وقت أن تحدث عنها كتاب الله بأن فيها جنتين لا جنة واحدة!

أصل الصراع في اليمن هو الجماعة الحوثية التي لا تخفي علاقتها بإيران، والتي تتصور أن في مقدورها أن تبتلع البلد، وأن تكون فوق الدولة الوطنية فيه، دون أن تنتبه إلى أن هذه عملية أقوى من قدرة معدتها السياسية على الهضم وعلى الاستيعاب!

وبالتالي، فما تمارسه في حق اليمنيين، وفي حق اليمن بالأساس، محكوم عليه بالإخفاق مهما طال عبثها بمقدرات البلاد، ومهما طال وجودها في العاصمة صنعاء، ومهما طال وجود الحكومة الشرعية في مدينة عدن في الجنوب.

اليمن في آخر المطاف لليمنيين كافة، بمن في ذلك الجماعة الحوثية نفسها، وليست لجماعة سياسية دون جماعات في الوطن الواحد.

ولكن ماذا سيكون على اليمن أن يدفعه من رصيد مستقبل أهله حتى يأتي آخر المطاف هذا، فنقول وقتها إنها لليمنيين جميعاً، لا لجماعة الحوثي التي تستقوي عليهم بعلاقتها بحكومة المرشد في طهران، ولا تقدم صالح بلدها على مصلحتها كجماعة؟!

لقد بقي جريفيث طوال سنواته الثلاث يدير الأزمة في اليمن، ولا يحلها، ولو انتقل من مربع إدارة الأزمة إلى مربع حلها، لكان قد قال في إفادته أمام المجلس شيئاً مختلفاً، ولكان قد غادر مهمته ووضع اليمن مختلف في يوم المغادرة عنه قبلها.

وهذا يدل على أن الحال في اليمن لن يتغير، ولو جاء ألف مبعوث من نوع جريفيث.

وإنما سيتغير يوم تكون لليمنيين إرادة في اتجاه تغييره. فاليمنيون أولى الناس ببلدهم.

وما لم يغيره جريفيث في ذهابه وعودته سوف يغيره اليمنيون بأيديهم؛ لأن إرادة الشعوب هي الأقوى في كل حال.

إعلان