إعلان

لا يليق بحامل نوبل!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

لا يليق بحامل نوبل!

سليمان جودة
07:27 م الأحد 22 نوفمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نشرت الأهرام في صفحتها الأولى، صباح الأربعاء ١٨ نوفمبر، خبراً يقول إن بياناً صدر في النرويج عن اللجنة التي تمنح جائزة نوبل، وكان يعلق على ما يجري في إثيوبيا هذه الأيام بين الحكومة المركزية وإقليم تيجراي- أحد أقاليم الدولة الإثيوبية العشرة.

وقد نقلت الأهرام من البيان: "تتابع لجنة جائزة نوبل النرويجية التطورات في إثيوبيا من كثب، وتشعر بالقلق الشديد"!

ثم أضافت اللجنة في بيانها أنها تكرر اليوم ما سبق أن قالته وهو أن مسئولية جميع الأطراف الضالعة في الصراع أن تنهي العنف المتصاعد، وأن تحل الخلافات والصراعات بالوسائل السلمية.

وهذه من المرات النادرة التي يخرج فيها بيان عن لجنة نوبل تعليقاً على شيء يحدث في العالم ، ولا بد أن الذي دفعها إلى ذلك أن آبي أحمد، رئيس الحكومة في أديس أبابا، كان قد حصل على جائزة نوبل للسلام في أكتوبر من العام الماضي!

وفي العادة، فإن اللجنة تمنح جائزتها في كل عام، ثم لا تبالي بعدها ما إذا كان الذي حصل عليها قد تصرف على نحو يتناقض مع مقتضيات منحها، أم أنه ظل بالفعل داعية من دعاة السلام في بلده وفي منطقته، وكذلك في العالم على اتساعه.

وقد كانت الحالة الأبرز في هذا الاتجاه هي حالة أونج سان سوتشي، رئيسة ميانمار، التي حصلت على الجائزة عام ١٩٩١، ثم وقفت صامتة إزاء الانتهاكات التي قام بها الجيش في بلادها ضد الأقلية المسلمة المعروفة باسم الروهينجا.

لقد فر الكثيرون من أفراد الأقلية إلى بنجلاديش المجاورة، وبعضهم تشرد، وعاش في مخيمات، بينما السيدة سوتشي لا تفعل شيئا!

وهذا ما جعل الأصوات تعلو في عواصم عالمية كثيرة؛ تطالب اللجنة بمراجعة ملف منح الجائزة لها؛ لأن الحاصل على نوبل في السلام بالذات لا بد أن يظل طوال الوقت في معسكر السلام، وألا يغادره مهما تكن الظروف والضغوط، ولكن يبدو أن لجنة نوبل تعمل وفق تقاليد معينة تمنعها من سحب الجائزة من أي شخص يكون قد حصل عليها، فضلاً بالطبع على أن تخاطبه في فعل شيء من جانبه لا يليق بحامل نوبل للسلام!

وإذا كان الأمر هكذا، فاللجنة مدعوة لمراجعة نفسها واستدراك ما فاتها مستقبلا بشأن ما تم منحه من جوائز في الماضي.

وربما يكون عليها أن تستفيد مما فعلته لجنة جائزة سخاروف الحقوقية المرموقة، التي كان البرلمان الأوروبي قد منحها للسيدة سوتشي قبل حصولها على نوبل بعام واحد.

لقد اجتمع البرلمان في العاشر من سبتمبر من هذا العام، وقرر إسقاط اسم رئيسة ميانمار من قائمة حائزي الجائزة، وكان هذا هو كل ما استطاع البرلمان الأوروبي أن يفعله، في مواجهة صمت سوتشي على ما جرى في حق مسلمي الروهينجا.

إن إسقاط الاسم من قائمة حائزي الجائزة ليس معناه بالطبع سحبها منها، ولكنها لن يكون من حقها في المستقبل أن تشارك في تزكية أي مرشح جديد للحصول على هذه الجائزة الحقوقية الكبيرة.

وهذا في الحقيقة قرار محمود للبرلمان الأوروبي، لأن فيه الحد الأدنى من وضع سيدة مثل سوتشي أمام مسئوليتها، ثم أمام تأنيب ضميرها على صمتها غير المقبول.

إعلان