إعلان

من يؤتمن على العرض لا يسأل عن المال.. ما التأصيل الشرعي لقائمة المنقولات الزوجية؟

11:38 م الأحد 06 يونيو 2021

دار الأفتاء المصرية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود مصطفى:

انتشرت الأيام الماضية، على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بإلغاء القائمة الزوجية، بالتزامن مع حدوث واقعة بمحافظة الداخلية بعد رفض عروس كتابة قائمة، واكتفى بعبارة "من يؤتمن على العرض لا يسأل عن المال".

وقائمة المنقولات أو ما يُطلق عليه فى العرف المصري ب"القايمة"، هي عقد من عقود الأمانة، التي نص عليها قانون العقوبات، ووجب على الزوج أن يقر بأنه استلم القائمة الزوجية على سبيل الأمانة، وأنه ملتزم بشكل صريح بردها متى طلب منه ذلك، ويتم توضيح وحصر تلك المنقولات والزوج يقوم بالتوقيع عليها ، ولكن هناك شروط لابد من توافرها، عند كتابتها.

واقعة عروس الدقهلية، أثارت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد للفكرة و معارض لها، وأدلت المؤسسات الدينية بدلوها في القضية، فما حكم الشرع في قائمة المنقولات المنزلية؟.

وقالت دار الإفتاء إن الشرعُ الشريفُ أعطى حقوقًا للمرأة معنويةً ومالية، وجَعل لها ذِمَّتَها الماليةَ الخاصةَ بها، وفرض لها الصَّدَاقَ، وهي صاحبةُ التصرف فيه، وكذلك الميراث، وجَعل مِن حقها أن تبيع وتشتري وتَهَب وتقبل الهِبَة وغير ذلك مِن المعاملات المالية، ما دامت رشيدةً، شأنُها في ذلك شأنُ الرجل؛ قال تعالى في شأن الصَّدَاق (أي المَهر): ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ [النساء: 4]، وقال سبحانه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [النساء: 24].

وأضافت الإفتاء إن المرأةُ تقوم بإعداد بيت الزوجية بمقدم صداقها سواء أَمْهَرَهَا الزوجُ الصداقَ نَقدًا أو قَدَّمَه إليها في صورة جهازٍ أَعَدَّه لبيت الزوجية فإن هذا الجهاز يكون مِلكًا للزوجة مِلكًا تامًّا بالدخول، وتكون مالِكَةً لنصفه بعَقد النكاح إن لم يتم الدخول؛ كما جاءت بذلك نصوصُ القرآن الكريم وسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وتابعت في فتواها :"عادةً ما يكون هذا الجهاز في بيت الزوجية الذي يمتلكه الزوجُ أو يؤجره مِن الغير، فيكون الجهازُ تحت يَدِ وقَبضَةِ الزوج، فلَمَّا ضَعُفَت الدِّيَانةُ وكَثُر تَضييعُ الأزواجِ لِحُقوقِ زوجاتِهم رَأى المُجتمَعُ كتابةَ قائمةٍ بالمنقولات الزوجية (قائمة العَفْش)؛ لِتَكون ضَمَانًا لِحَقِّ المرأة لَدى زوجها إذا ما حَدَثَ خلافٌ بينهما، وتَعارَفَ أهلُ بلادنا على ذلك.

وأوضحت الإفتاء أن العُرف أَحَدُ مَصادِرِ التشريع الإسلامي ما لم يَتعارض مع نَصٍّ مِن كتابٍ أو سنةٍ أو إجماعٍ؛ لأنه لا اجتهاد مع النَّصِّ؛ وقد وَرَدَ عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه: "ما رأى المُسلِمُون حَسَنًا فهو عندَ اللهِ حَسَنٌ، وما رأَوا سَيِّئًا فهو عندَ اللهِ سَيِّئٌ" أخرجه أحمـد والطيالسي في مسندَيهما واللفظ لأحمد.

وأشارت إلى أن القائمة استُخدِمَت في موضعها الصحيح ولم تُستَخْدَم للإساءة ليست أمرًا قبيحًا، بل هي أمرٌ حَسَنٌ يَحفظ حقوقَ الزوجة ولا يَضُرُّ الزوجَ، ولا تُصادِمُ نصًّا شرعيًّا، ولا قاعدةً فقهيةً، وإنما هي مُتَّسِقَةٌ مع الوسائل التي استَحَبَّها الشرعُ في العُقودِ بِعَامَّةٍ؛ كاستِحبَابِ كتابةِ العُقودِ، واستِحبَابِ الإشهادِ عليها، وعَدَمُ وجودها في الزمنِ الأولِ لا يُشَوِّشُ على مشروعيتها؛ لأنها تَتَّسِقُ مع المقاصد العامَّةِ للشريعة مِن السعيِ لضمانِ الحقوقِ، ورَفْعِ النـِّزاع، فهي ليست البدعةَ المذمومةَ المَنهِيَّ عنها، بل هي بدعةٌ مُستَحسَنَةٌ مَمْدُوحَة، يَصِحُّ أن يُقال فيها وفي أمثالها كما قال عمر رضي الله تعالى عنه: "نِعمَتِ البِدعةُ".

وأكدت أنه لا حَرَجَ شرعًا في الاتفاق على قائمة العَفْش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، مع التنبيه على عَدَمِ إساءة استخدامها.

في الوقت نفسه، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن للزواج السعيد مقومات عديدة، ليس من بينها المبالغة في المهور، ولا ارتفاع تكاليف الزفاف والزواج؛ فعن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت: «إِنَّ مِنْ يُمْنِ الْمَرْأَةِ: تَيْسِيرَ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرَ صَدَاقِهَا» .

وأشار المركز إلى أن المغالاة في المهور، واشتراط أعلاها، والتَّعنت فيها، والتَّفاخر الأجوف بمقدار قوائمها، أمور تصرف الشباب عن الزواج، وتُعسِّر الحلال، وتُفسد المُجتمعات، وتُخالِف هدي سيدنا رسول الله ﷺ الذي قال: «إِنَّ أَعْظَمَ النِّكَاحِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُ مَؤُونَةً».

وأضاف المركز عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك" أن الصداق من الآثار المترتبة على عقد الزواج، والواجبة على الرجل للمرأة؛ قال تعالى: {وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وأنه إذا تم الزواج؛ فقد ثبت للمرأة الصداق المتفق عليه، وإن لم يُسمَّ مهرًا؛ فللمرأة مهر مثيلاتها من النساء، ولها أن تتنازل عنه أو عن جزء منه بعد إتمام الزواج، ولكن لا يحق لها أن تتنازل عنه بداية قبل ثبوته بالعقد؛ إذ التنازل لا يكون إلا بعد الملك.

ونوه المركز إلى أنه يجوز أن يكون صداق المرأة مالًا أو ذهبًا أو أثاثًا، مُعجَّلًا أو مُؤجَّلًا، بما يضمن الحقوق، وبحسب ما يتراضى الزوج وولي الزوجة، وبحسب أعراف الناس والأمصار المختلفة في هذا الشأن.

وشدد مركز الأزهر للفتوى، على أن من قواعد الشريعة الإسلامية المُستقرِّة أن عادة الناس معتبرة ومحكَّمة إذا لم تخالف الشرع الشريف، ومن ذلك كتابة قائمة منقولات بيت الزوجية للزوجة على الزوج في العديد من المجتمعات.

وأوضح أنه ما دام أن مرد القائمة للعُرف الذي لم يخالف الشرع؛ فلا حرج في الأخذ بها أو تركها بحسب ما يتراضى الزوج وولي الزوجة.

وأكد أنه لا يجوز التلاعب في بنود القائمة أو إجراءاتها بعد التراضي عليها، ولا يجوز استخدامها كوسيلة ضغط لتنازل طرف عن حقوقه أو إلحاق الضرر به.

وتابع:" يُستحَق صداق المرأة كاملًا بالطلاق أو الوفاة، ولو كان الأثاث جزءًا منه وتلف بعضه بسبب استعماله؛ فلا يلزم الزوج تعويضه".

وأشار إلى أنه لا يحق للزوج أن ينقص من صداق زوجته شيئًا من تلقاء نفسه، وإن لم يقضه لها في حياته؛ قُضي من تركته بعد موته قبل تقسيمها على الورثة.

فيما أعلن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، إطلاق حملة "يسروا ولا تفرطوا"للتوعية بالاعتدال في تكاليف الزواج ومواجهة ظاهرة المغالاة في المهور المنتشرة بين الأسر مع الحفاظ على حقوق الزوجات.

وأوضح مجمع البحوث في بيان له، الأحد، أن ذلك يأتي ضمن توجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب- شيخ الأزهر، بالتوعية المجتمعية بهذه القضية المهمة وتأكيده على أن المجتمع المصري بحاجة إلى مزيد من الجهود المبذولة من أجل البناء والقضاء على الظواهر السلبية ومواجهة كل المفاهيم المغلوطة في هذه القضايا المجتمعية المهمة.

وقال الدكتور نظير عياد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن الحملة التي يطلقها المجمع وتستمر على مدار الأسبوع الجاري تستعرض قضية المهور والحقوق المرتبطة بالزواج باعتبارها من أخطر القضايا والمشكلات المجتمعية التي تهدد بناء الأسرة والمجتمع، فالأسرة المثالية هي التي تُبنى على الاعتدال والرفق والتيسير في أمور الزواج تطبيقا لتعاليم نبينا صلى الله عليه وسلم، والتي تضمن بناء الأسرة على أسس اجتماعية سليمة تقوم على منهج المودة والرحمة في التعايش بين أفراد الأسرة الواحدة.

وأضاف عيّاد أن برنامج عمل الحملة يستهدف بيان كيفية معالجة الإسلام لقضية تيسير الزواج من خلال ضرب الأمثلة العملية على ذلك، واستعراض مواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، مؤكدًا أن التيسير في الزواج لا يعني ضياع حقوق المرأة، وإنما هو تيسير يقوم على التراضي بين الطرفين مع حفظ الحقوق لجميع الأطراف.

أوضح أن الحملة تستهدف العودة إلى العادات والسلوكيات السليمة والقيم المجتمعية والأخلاقية الأصيلة التي تربينا عليها في مجتمعاتنا الشرقية العريقة، والقضاء على السلوكيات الخاطئة التي أخذت في الانتشار خلال الآونة الأخيرة.

وأكد عيّاد أن الأزهر الشريف يبذل كل الجهود الممكنة للمحافظة على المجتمع المصري، وذلك بالبناء القوي للأسرة المصرية، باعتبارها المكون الرئيس للمجتمع، وبقدر تماسكها وترابطها يكون المجتمع قويًا، خاصة في توقيت يعاني فيه المجتمع بعضًا من المشكلات والعقبات التي يُعدّ التخلي عنها وإهمالها نوع من أنواع السلبية وعدم الإحساس بالمسئولية المجتمعية.

وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف، إن قائمة المنقولات مجرد عرف عند المصريين، وأصبحت مؤخرا سببا في إحداث الفُرقة بين الزوجين.

وأضاف كريمة، أن محاكم الأسرة بها الكثير من القضايا سببها قائمة المنقولات الزوجية، مشيرًا إلى أن المصريين هم من استحدثوا هذه القائمة، وليس ذلك في الإسلام أو باقي الدول.

وشدد أستاذ الشريعة على أن قائمة المنقولات الزوجية، قد تكون سببا في وصول الزوجين إلى المحاكم، وهنا يستحيل معه عودة الحياة بينهما.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان