رفض ساحق لضريبة الميراث والخدمة المدنية الشاملة في سويسرا
كتب : أحمد الخطيب
كشف موقع SWI التابع لهيئة الأذعة والتلفزيون السويسري، أن نتائج الاستفتاء الأخير في سويسرا أظهرت رفضا واسعا للمبادرتين المتعلقتين بضريبة الميراث والخدمة المدنية الشاملة، في مؤشر واضح على تمسك المجتمع بالنظام الدستوري ورغبته في عدم المساس بمنظومتي الضرائب والخدمة الوطنية رغم تصاعد الدعوات نحو توسيع العدالة الضريبية والمشاركة المدنية.
ووفق التقرير فقد أعادت نتيجة التصويت تسليط الضوء على حساسية الملفات المرتبطة بالسيادة المالية والهوية الدفاعية، خصوصا في ظل اعتماد سويسرا على نموذج قانوني يوزع الصلاحيات المالية بدقة بين الحكومة الفيدرالية والكانتونات، ما منح النظام الضريبي استقرارا كبيرا على مدار عقود.
فالضرائب المباشرة مثل ضريبة الميراث تخضع بالكامل لإدارة الكانتونات التي تحدد نسبها وإعفاءاتها وفقا لأوضاعها الاقتصادية، وهو ما خلق توازنا دقيقا بين تأمين موارد الدولة وجذب الاستثمارات.
ويرى كثيرون أن أي تحرك لفرض ضريبة اتحادية جديدة قد يخل بهذا التوازن ويؤدي إلى نتائج عكسية.
كما يرتكز نظام الخدمة الوطنية على قواعد تاريخية تجعلها إلزامية للرجال فقط، بينما تظل متاحة للنساء بصورة اختيارية، مع ارتباط وثيق بمفهوم الحياد الدفاعي الذي يشكل جزءا من الهوية السويسرية.
رفض ضريبة ميراث على الثروات الكبرى
وأوضح تقرير أن مبادرة فرض ضريبة على التركات الكبيرة واجهت معارضة واسعة انتهت برفض 78.3 % من المصوتين، وهو معدل يفوق رفض مبادرة مشابهة قبل عشر سنوات. وكان المقترح يستهدف فرض ضريبة بنسبة خمسين في المئة على الميراث الذي يتجاوز خمسين مليون فرنك وتوجيه العائدات إلى مشروعات مناخية.
وحذرت الحكومة الفيدرالية ومعظم الأحزاب من أن فرض ضريبة اتحادية على الميراث سيدفع رؤوس الأموال إلى الخارج ويضع عبئا كبيرا على الشركات العائلية عند انتقال الملكية بين الأجيال.
ونقل الموقع عن بنيامين موليمان من الحزب الليبرالي الراديكالي قوله إن التصويت يعكس إدراكا واضحا بأن المبادرة كانت ستهدد استقرار الاقتصاد، بينما وصفت مونيكا رول من رابطة الشركات النتيجة بأنها رسالة صريحة ترفض المساس بالنظام الضريبي الراسخ.
في المقابل اعتبر المؤيدون أن الحملات المعارضة اعتمدت على التخويف، مؤكدين أن المبادرة كانت ستسهم في تقليص التفاوت الاقتصادي ودعم الحلول المناخية.
وأشار سيدريك فيرموت من الحزب الاشتراكي إلى أن الأفكار الإصلاحية تحتاج وقتا أطول حتى تنضج في الوعي العام.
رفض كاسح للخدمة المدنية الشاملة
وذكر أن 84.1 % من الناخبين صوتوا ضد توسيع الخدمة المدنية لتشمل الجميع، رغم توقعات سابقة كانت تشير إلى وجود دعم يقترب من نصف الشارع السويسري. وتراجع التأييد مع تزايد المخاوف من التعقيدات الإدارية وصعوبة إدارة منظومة تضم ملايين المكلفين.
وقالت نومي روتن من لجنة المبادرة إن النقاش سيستمر لأن المقترح أعاد طرح قضايا جوهرية مثل المساواة بين الجنسين والمسؤولية المجتمعية، بينما أكدت جمعية سويسرا دون جيش أن النتيجة تمثل رسالة لا لبس فيها ترفض أي محاولة لتوسيع الإطار الدفاعي خارج حدوده الحالية.