بين الذهب والدولار.. كيف ينعكس الإغلاق الحكومي الأمريكي على مصر؟
كتب- أحمد والي:
الدولار و الذهب
أكد خبراء اقتصاديون تحدثوا إلى مصراوي أن الإغلاق الحكومي الأمريكي المحتمل لن يحمل تأثيرًا مباشرًا أو واسعًا على الاقتصاد المصري، مؤكدين أن انعكاساته، إن وُجدت، ستكون محدودة في أسواق الذهب والنفط وسعر الدولار، بينما يظل الاقتصاد المحلي أكثر ارتباطًا بالعوامل الداخلية.
وقال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي والنائب السابق في البرلمان، إن الإغلاق الحكومي الأمريكي أصبح حدثًا معتادًا نسبيًا، وبالتالي تم تسعير جزء كبير من أثره في الأسواق العالمية مسبقًا.
وأضاف أن مثل هذه الأزمات تعزز دائمًا بيئة الملاذات الآمنة، وفي مقدمتها الذهب، الذي يعيش حاليًا المرحلة الثالثة من دوراته التاريخية الممتدة منذ نظام بريتون وودز، مرورًا بالأزمة المالية العالمية، ثم مرحلة الجائحة والتوترات الجيوسياسية الحالية.
وأشار فؤاد إلى أن الدولار الأمريكي يواجه ضغوطًا هادئة مع تراجع عوائد السندات، في حين يظل تأثير الإغلاق على أسعار النفط محدودًا طالما لم تمتد الأزمة لفترة طويلة، موضحًا أن البيئة النقدية العالمية تتجه نحو التيسير التدريجي بعد فترة تشديد الفائدة، وهو ما "يخلق زخمًا إضافيًا في سيولة الأسواق".
وفيما يتعلق بمصر، أكد أن خفض أسعار الفائدة محليًا "سيظل مشروطًا باستقرار معدلات التضخم والسيولة المحلية"، مضيفًا أن القرارات النقدية المصرية تتأثر أكثر بالعوامل الداخلية من أي اضطرابات سياسية أو مالية خارجية.
أزمة سياسية أكثر منها اقتصادية
ومن جانبه، قال الدكتور وائل النحاس، المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال، إن الأزمة الحالية في الولايات المتحدة ذات طابع سياسي أكثر من كونها اقتصادية، إذ تأتي في إطار صراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
وأوضح أن الإغلاق الحكومي هذه المرة لن يحمل آثارًا اقتصادية قوية على الأسواق العالمية كما في السابق، حيث لم تشهد مؤشرات السوق الأمريكية تراجعًا حادًا حتى الآن، مشيرًا إلى أن مصر لن تتأثر بشكل مباشر بالأزمة الأمريكية، لأنها لا ترتبط بعلاقات مالية أو تجارية ضخمة مع الموازنة الفيدرالية.
وتابع: "حتى لو استمر الإغلاق لفترة طويلة، لن يكون له انعكاس كبير على الاقتصاد المصري، لأن لدينا احتياطيًا قويًا، حوالي 28% منه من الذهب، وبالتالي أي ارتفاع في أسعار الذهب عالميًا يعزز موقف الاحتياطي المصري بما يقارب 400 مليون دولار".
ما هو الإغلاق الحكومي الأمريكي؟
دخلت الحكومة الأمريكية في حالة إغلاق رسمي لأول مرة منذ 6 سنوات، بعد فشل مجلس الشيوخ في تمرير مشروع قانون التمويل، إذ لم يحصل على الأغلبية الكافية (55 مقابل 45 صوتًا)، ما أدى إلى توقف مؤسسات الدولة الفيدرالية عن العمل منتصف ليل الأربعاء، ودخول البلاد في أزمة جديدة.
وبحسب وكالة بلومبرج، فإن الكونجرس لم يُقر أيًا من قوانين الإنفاق الـ12 التي تموّل الوكالات الفيدرالية، ما يجعل الإغلاق الحالي أكثر شمولًا من سابقيه، وزاد من حدة الأزمة تهديد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفصل دائم للموظفين غير الأساسيين بدلًا من منحهم إجازة مؤقتة كما جرت العادة.
ويحدث الإغلاق الحكومي عندما يفشل الكونجرس في تمرير قوانين الإنفاق الجديدة قبل انتهاء صلاحية التمويل السابق، وهو أمر تكرر أكثر من 20 مرة منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنه هذه المرة يأتي في سياق سياسي محتدم قبيل الانتخابات الأمريكية المقبلة.
وخلال الإغلاق، تستمر فقط الأنشطة الحيوية مثل عمل الجيش وهيئات الأمن وتفتيش الأغذية، إلى جانب استمرار البنك المركزي (الاحتياطي الفيدرالي) والهيئات الممولة ذاتيًا، بينما يتم إيقاف مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين عن العمل مؤقتًا دون رواتب، على أن تُصرف لاحقًا بعد انتهاء الأزمة.
كما يتأثر عمل مكاتب الإحصاءات والضرائب والهيئات التنظيمية، ما يؤدي إلى تأجيل صدور بيانات اقتصادية مهمة مثل تقارير التضخم والوظائف، وهو ما يربك الأسواق والمستثمرين عالميًا.