إعلان

المحكمة الإدارية العليا تلغي "لائحة الجزاءات" الخاصة بالجهات العاملة بمجال الاتصالات

01:38 م الأربعاء 12 يوليه 2017

المحكمة الإدارية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود الشوربجي:

أصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكما برفض الطعن المقام من الممثل القانوني للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ضد وزير الاتصالات، ورئيس مجلس إدارة شركة فودافون مصر للاتصالات، وإلغاء قرار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بلائحة الجزاءات التي يوقعها الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات على الجهات المرخص لها العمل في مجالات الاتصالات، لعدم استيفاء الإجراء الجوهري المتمثل في مراجعته في قسم التشريع بمجلس الدولة طبقاً لنص المادة (190) من الدستور.

صدر الحكم برئاسة المستشار الدكتور محمد مسعود، رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد الشاذلي ومحمد عبد الوهاب والمستشار الدكتور سامي درويش ومبروك حجاج نواب رئيس مجلس الدولة.

وذكرت المحكمة في (6) مبادئ للتشريعات واللوائح غير المعروضة على قسم التشريع: أولها عرض التشريعات واللوائح على قسم التشريع وجوبي لتحقيق الأمان القانوني وعدم عرضها يؤدى إلى بطلانها، وثانيها أن العبرة ليست في وجود التشريع، وإنما في فاعلية التشريع وقدرته على التعايش بسلامة الأساس وصحة المضمون، وثالثها أن عدم عرض التشريعات على قسم التشريع يؤدي إلى عشوائية التشريع ويصبح معوقاً للاستقرار الداخلي وعقبة في سبيل التطور الاجتماعي والنمو الاقتصادي، وعامل طرد للاستثمار الخارجي.

كما أن مراجعة التشريعات عمل فني لا يقدر عليه طبقاً للدستور إلا أهل الخبرة والتخصص من رجال مجلس الدولة، لتمتعهم بالاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، لتُجري المراجعة بحياد وتجرد بعيداً عن الضغوط أو الإملاءات أو غيرها من أمور قد تؤثر في سلامة إعداد مشروع التشريع، وخامسها أنه لا وجه للاحتجاج بأنه لا بطلان إلا بنص ذلك لأن تلك القاعدة تخص الإجراءات في القانون الخاص، ولا تسري في مجال القانون العام، لأن الإجراءات في القانون العام إنما شرعت لتحقيق المصلحة العامة، لا مصلحة خاصة، وسادسها أن رقابة المشروعية سابقة على رقابة الدستورية، وقد تغنى عنها ولا إلزام على المحكمة إذا تبين لها عدم مشروعية اللائحة أن تحيل الدعوى إلى الدستورية العليا، للفصل في مدى دستورية اللائحة فلكل نطاقها.

وقالت المحكمة إن الدستور الحالي نص على اختصاص مجلس الدولة بمراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية بموجب المادة (190) منه، كما أنه وفقاً للمادة ( 63) من قانون مجلس الدولة فُرض التزام على عاتق السلطة التنفيذية بمراجعة مشروعات القوانين التي تقدمها إلى مجلس النواب واللوائح التي تختص بإصدارها، كما يلتزم مجلس النواب بإحالة مشروعات القوانين والاقتراحات بقوانين بعد انتهاء لجان المجلس من عملها في شأنها، وموافقة المجلس عليها في مجموعها، وقبل أخذ الرأي النهائي عليها إلى قسم التشريع لمراجعتها.

وأضافت المحكمة، أن التشريع مظهر من مظاهر سيادة الدولة، تفرضه مقدماً لتحدد به السلوك الواجب الاتباع، وتتدخل لتنفيذه جبراً عند مخالفته، ويشكل القواعد الأساسية التي يطبقها القاضي، وهو يفصل في المنازعات بين الأفراد أو بينهم وبين جهة الإدارة، ومن عناصر الأمان القانوني أن يكون التشريع الذى يصدر ويُطبق صحيح الأساس، سليم المضمون، مفهوم المعني، فلا يجوز أن يصدر قانون يخالف الدستور، فالدستور هو القانون الأعلى في الدولة، وتحظر مخالفته، أو تعطيل أحكامه أو تقييدها بتشريع أدنى، وكل قانون ينطوي على عيب من ذلك يهوى في هاوية عدم الدستورية.

وأوضحت المحكمة أن الأمر يقتضى مراعاة سلامة التنسيق بين القوانين حتى لا تتضارب أو تتعارض أحكامها عن غير قصد، ويجب أن تدرس عند إعداد مشروع القانون آثاره بعد صدوره على القوانين القائمة، وما إذا كانت أحكامه تتضمن إلغاء ضمنياً لنصوص وردت في قانون آخر، أو تقييداً لعموم تلك النصوص، وما إذا كان من الملائم أن يصدر مشروع القانون كقانون مستقل أم أن يصدر تعديلاً لقانون قائم لضمان أن لا تتعدد القوانين المنظمة لمشروع واحد ، كما أن سلامة القوانين التي تصدر تقتضى عند إعداد مشروعاتها التأكد من استيفاء جميع الإجراءات التي نص الدستور على ضرورة إتباعها، كأخذ رأي الجهات التي أوجب الدستور أخذ رأيها في مشروعات القوانين الخاصة بها أو المتعلقة بمجال عمل تلك الجهات، ولا يجوز أن تتضمن اللوائح أو القرارات الإدارية ذات الصفة التشريعية ما يخالف أحكام الدستور أو القانون والنصوص الواردة في القوانين واللوائح تتضمن خطاباً من الدولة إلى من تطبق عليهم القوانين واللوائح، ويتحملون واجب احترامها وعدم مخالفتها، وإلى رجال الإدارة المكلفين بالتدخل لتنفيذها عند وقوع أية مخالفة لأحكامها ، وإلى القضاة المكلفين بالفصل في المنازعات القضائية التي تثور بسبب مخالفة تطبيق أحكام القوانين واللوائح.

وأكدت المحكمة أن التشريع يشكل أول وأهم مصادر القانون التي يرجع إليها القاضي عند الفصل في الدعـــاوى، فيجب أن يكون التشريع – قانون ولائحة – واضحاً، ومفهوماً، وقابلاً للإدراك، لا يشوب ألفاظه غموض، ولا يضيع معناه بين ألفاظ غامضة أو تعبيرات فضفاضة، ولا يتحقق معها يقين، ويتعين أن يكون الشخص العادي قادراً على أن يدرك بيسر ما إذا كان من المخاطبين بالتشريع من عدمه، وإذا كان مخاطباً به أن لا يشق عليه معرفة مجال نفاذة، والواجب المطلوب منه القيام به أو السلوك المهني عن إتيانه، وأن يسهل على رجل الإدارة فهم التشريع ليتولى تطبيق أحكامه على من يخالفه.

وذكرت المحكمة أن سن التشريعات ليس غاية، وإنما يُسن التشريع ليطبق، والعبرة ليست فى وجود التشريع وإنما في فاعلية التشريع وقدرته على تحقيق الأهداف المرجوة من تطبيقه، والتشريع الذي لا تتوافر له سلامة الأساس وصحة المضمون، أو الذي توضع فيه الألفاظ فى غير مواضعها، وتختلط فيه المعاني تنتج عنه حالة من عدم الاستقرار التشريعي، تتزعزع معها الحقوق، ويفتقد الأشخاص الأمان القانوني، ويخسر المواطنون حقهم في التوقع المشروع الذي يمكنهم من تنظيم حياتهم وحقوقهم وأوضاعهم في ظل نصوص تشريعية صحيحة، وثابتة نسبياً، وليست عرضة للحكم بعدم دستوريتها إذا تعلق الأمر بقانون، وبعدم المشروعية أو عدم الدستورية فى حالة اللوائح وغيرها من القرارات ذات الصفة التشريعية، فسلامة التشريع وانضباطه وفقاً للأصول الواجبة الإتباع من عناصر كفاء النظام القانوني، تؤدي إلى استقرار المجتمع والدولة، وتضفى حالة من الثقة بين الأشخاص داخل الدولة، تمتد إلى الأجانب المتعاملين مع الدولة إذا كانت ترغب جذب الاستثمار الأجنبي، أو تشجيع التجارة الدولية ، أما إذا سادت عشوائية التشريع وعدم مراعاة أصوله، فإن ذلك ينعكس سلباً على المجتمع في العلاقة بين أفراده، أو بينهم وبين الدولة، ويصبح التشريع معوقاً للاستقرار الداخلي، وعقبة في سبيل التطور الاجتماعي والنمو الاقتصادي، وعامل طرد للاستثمار الخارجي، وحجر عثرة فى سبيل زيادة مساهمة الدولة في النشاط التجاري الدولي.

واستطردت المحكمة أنه لا يجوز لجهة الإدارة أن تمتنع عن مراجعة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية ، لأن هذا الإجراء تقرر للمصلحة العامة، لتحقيق مصلحة المخاطبين بالتشريع ومن ينفذونه من رجال الإدارة، ومن يطبقونه من رجال القضاء، لتصدر التشريعات منضبطة بالضوابط اللازمة لسلامتها، وصحتها ووضوحها وحسن صياغتها، ومراجعة التشريعات عمل فنى لا يقدر عليه إلا أهل الخبرة من رجال القانون، وقد اختص الدستور والمشرع مجلس الدولة بهذا العمل وحده دون غيره لتوافر الخبرة والتخصص فى أعضاء مجلس الدولة، ولتمتعهم بالاستقلال عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، لتجري المراجعة بحياد وتجرد بعيداً عن الضغوط أو الإملاءات أو غيرها من أمور قد تؤثر فى سلامة إعداد مشروع التشريع، الأمر الذى يترتب عليه أن اللوائح والقرارات الإدارية ذات الصفة التشريعية التي تصدر دون استيفاء مراجعة قسم التشريع لها قبل الإصدار تكون قد صدرت باطلة وغيـر مشروعة لعيب في الإجراءات تمثل في إغفال الإجراء الجوهري المنصوص عليه في المــــادة ( 190 ) من الدستور وفى المادة ( 63) من قانون مجلس الدولة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان