إعلان

سائق نقل: ما حكم شرب المخدرات للتغلب على تعب السواقة؟.. والإفتاء ترد

كتب : محمد قادوس

01:00 م 25/09/2025

تعاطى المخدرات أثناء القيادة - أرشيفية

تابعنا على

أوضحت دار الإفتاء المصرية ما حكم الاستعانة على قيادة السيارات والمركبات بتعاطي المخدرات؟ فأنا أعمل سائق شاحنة، وأشاهد بعض زملاء المهنة يتعاطون أنواعًا من المخدرات، وعند مناقشتهم وجدتهم يبررون ذلك بأنها تعينهم على القيادة وتقلل الشعور لديهم بالإرهاق نتيجة المواصلة في العمل لمدد كبيرة ولمسافات طويلة، فأرجو بيان الحكم الشرعي في ذلك، وذلك خلال ردها على سؤال تلقته من شخص يقول: هل يجوز للطبيب أن يفشي سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين؟

وفي رده، أوضح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أنه يجب شرعًا اجتناب المخدرات سواء كان الإنسان يقود مركبة أو لا، ومَن تعاطى شيئًا منها أثناء القيادة فهو أشد إثمًا وأعظم ضررًا وأخطر جُرْمًا.

وأضاف عياد، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية: أن دار الإفتاء المصرية، قد تشدد على السائقين ألا يقود أحدهم مركبته ويُسَيِّرها عبر الطرق إلا وهو في حال إفاقةٍ ونشاطٍ وقدرةٍ ورؤيةٍ ودرايةٍ لكي يراعي قواعد المرور ومعايير الأمان والسلامة المقررة في أنظمة تسيير المركبات ويتقيد بها، ويحدد السرعة المعقولة والمسافات الآمنة بينه وبين الآخرين.

بيان حرص الشريعة الإسلامية على نعمة العقل وضرورة المحافظة عليه من كل ما يغيبه:

نعمة العقل وضرورة المحافظة عليه:

امتن الله تعالى على الإنسان بنعمة العقل الذي به يكون الإدراك والتمييز، وعليه مدار التكليف، وشَرَع من الأحكام ما من شأنها حفظ العقل لدى كل إنسان؛ مما يحول بينه وبين أن تصيبه آفة تُعْجِزه أو تُتْلِفُه أو تجعل صاحبَه مصدرَ ضرر وأذى على المجتمع أو أن يكون أداة فساد فيه.

من أجل ذلك أوجب الشرع الشريف اجتنابَ كلِّ ما من شأنه تغييب عقل الإنسان وفقدان حسه ووعيه؛ وحرَّم ارتكاب ذلك باعتباره إلقاء بالنفس في المهالك؛ حيث قال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].

قال العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (2/ 215، ط. الدار التونسية): [ووقوع فعل: (تُلْقُوا) في سياق النهي يقتضي عموم كل إلقاء باليد للتهلكة، أي: كل تسبب في الهلاك عن عمد، فيكون منهيًّا عنه محرمًا] اهـ.

بيان الأصل في حرمة تناول المخدرات:

الأصل في حرمة تناول المخدرات بشتى أنواعها ما روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلِّ مسكرٍ ومُفَترٍ» أخرجه الإمام أحمد وأبو داود، وإسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 44، ط. دار المعرفة). و"المُفَتِّر" كما قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (3/ 408، ط. المكتبة العلمية) في ضبطه: [الذي إذا شرب أحمى الجسد وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار. يقال: أفتر الرجل فهو مفتر: إذا ضعفت جفونه وانكسر طرفه] اهـ.

وقال العلامة محمد بن علي بن حسين المكي المالكي في "تهذيب الفروق" (1/ 216، ط. عالم الكتب، مطبوع مع "الفروق" للإمام القرافي): [فسَّر غير واحد التفتيرَ باسترخاء الأطراف وتخدرها وصيرورتها إلى وهنٍ وانكسارٍ] اهـ.

والمفتر حكمه حكم المُسْكِر؛ وذلك لأن القاعدة الأصولية تُقَرِّر أنه: "إذا ورد النهي عن شيئين مقترنين ثم نصَّ على حكم النهي عن أحدهما من حرمة أو غيرها أُعطِيَ الآخرُ ذلك الحكم بدليل اقترانهما في الذكر والنهي، وفي الحديث المذكور ذكر المُفَتِّر مقرونًا بالمسكر، وتقرَّر عندنا تحريم المسكر بالكتاب والسُّنَّة والإجماع فيجب أن يُعطَى المفتر حكمه بقرينة النهي عنهما مقترنين" كما جاء في "تهذيب الفروق" للعلامة محمد بن علي بن حسين المكي المالكي (1/ 216).

كما أن المُسْكِر والمُخَدِّر يجتمعان في عِلةٍ مؤثرة وهي تغييب العقل أو التأثير عليه؛ رغم وجود عموم مطلق بينهما؛ إذ كلُّ مخدرٍ مسكر وليس كلُّ مسكرٍ مخدرا، ذلك لأن "الإسكار يُطْلَق ويُراد به مطلق تغطية العقل، وهذا إطلاق أعم، ويُطلق ويُراد به تغطية العقل مع نشأة وطرب، وهذا إطلاق أخص وهو المراد من الإسكار" كما قال شيخ الإسلام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4/ 230، ط. المكتبة الإسلامية).

كما أنَّ ما ورد من اختلاف بين الفقهاء في عَدِّ المخدرات من المسكرات أو من المفسدات -كما في "الفروق" للإمام القرافي (1/ 217) في الفرق الأربعين بين قاعدة المسكرات وقاعدة المرقدات وقاعدة المفسدات- كان وفق معارف هاتيك الأزمان بحسب ما ثبت لديهم من جانب الوجود والتجربة، وإنما الذي أثبته العلم في العصر الحديث أن المخدرات فيها مفاسد الخمر ومضاره، بل قد تزيد عليها؛ حيث تسبب الإدمان حيث يُعتبر مرضًا خطيرًا له بُعد بيولوجي ونفسي على الإنسان، بالإضافة إلى الأضرار الخطيرة بالمجتمع؛ مما يجعل الجزم بتحريمها قليها وكثيرها وكافة أنواعها هو الأقرب للأدلة والقواعد الشرعية، والأوفق للمقاصد الكلية المقررة حفظ العقل وحماية المجتمع وتأمينه من أي إخلال أو عبث.

حكم الاستعانة على قيادة السيارات والمركبات بتعاطي المخدرات:

يظهر ممَّا سبق وجوب اجتناب المخدرات أيًّا كان نوعها، وحرمة تعاطيها بأي وسيلة كانت سواء كان الإنسان يقود مركبة أو آلة أو لا؛ بل تشتد هذه الحرمة إذا كان التعاطي للمخدر أثناء القيادة وتسيير المركبة -كما في مسألتنا-، لما يترتب عليه من خطر بالغ وضرر شديد محقق للسائق نفسه ولغيره ممن يركب معه أو مَن يُشاركونه في السير على الطريق، في الأرواح وفي الممتلكات العامة والخاصة؛ ذلك أن المركبة أيًّا كان نوعها ما هي إلا آلة في يد السائق ولا تتحرك البتة إلا بفعلٍ منه، ولا بد أن يسير وفق الأصل الفقهي الذي يقرر أن "المرور في طريق العامة مباحٌ بشرط السلامة".

قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (4/ 479، ط. دار إحياء التراث العربي): [الأصل أن المرور في طريق المسلمين مباحٌ مُقيدٌ بشرطِ السلامة؛ لأنه يتصرف في حقِّه من وجه وفي حقِّ غيره من وجهٍ لكونه مشتركًا بين كلِّ الناس] اهـ.

وقال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (26/ 188، ط. دار المعرفة): [وما يكون حقًّا للجماعة يُباح لكلِّ واحدٍ استيفاؤه بشرط السلامة؛ لأنَّ حقَّه في ذلك يمكنه من الاستيفاء، ودفع الضرر عن الغير واجبٌ عليه فيُقَيد بشرط السلامة؛ ليعتدل النظر من الجانبين] اهـ.

وفي إحدى الحلقات المذاعة عبر قناة الناس، أكد الدكتور عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن تعاطي المخدرات من الأمور المحرمة شرعًا في الإسلام، مشيرًا إلى أن أي نوع من المخدرات الذي يذهب بالعقل أو يؤثر سلبًا على الجسد يعتبر محرمًا ولا يجوز للمسلم تعاطيه.

وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ما يؤدي إلى تخدير العقل وإضعافه، حيث قال: «ما أذهب العقل فهو محرم».

وتابع: الإنسان الذي يتعاطى المخدرات قد يشعر في البداية ببعض الراحة أو الهدوء، ولكن هذا مجرد خداع للنفس، فالمخدرات تؤثر على الجسم بشكل عام، وتسبب الفتور والارتخاء، وهذا ما يلاحظ على كثير من المتعاطين.. لكن الحقيقة هي أن المخدرات تضر بالعقل والجسد على المدى البعيد، وهي بذلك تضر بأعظم نعم الله على الإنسان، وهي العقل.

هل شارب الخمر لا تقبل صلاته 40 يوما؟

في السياق نفسه، يعد شرب الخمر في الإسلام كبيرة من الكبائر، يجب البعد عنها واجتنابها، لقول الله جل وعلا (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون).[المائدة: 90-91]. وقد جاء في ذم شارب الخمر وعقابه أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم : "كل مسكر حرام، وإن على الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال . قالوا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طينة الخبال؟ قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار". [أخرجه مسلم والنسائي].

وقال العلماء إنه لا تقبل صلاته أربعين صباحا، لقوله صلى الله عليه وسلم. "من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه. فإن عاد لم يقبل الله صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب تاب الله عليه.فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحًا، فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال" أي: صديد أهل النار. [أخرجه الترمذي بسند حسن. ومثله عند أبي داود والنسائي].

فتوى سعاد صالح "الحشيش ليس كالخمر"

وكانت الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، قد أكدت أن تحريم شرب المخدرات لا يوجد بها نص في القرآن الكريم، ولكن يتم القياس على ما ينتج للشخص بعد تناول الخمور.

وأضافت صالح، خلال حلقة سابقة لها مذاعة على قناة" الشمس": أن هناك في التشريع قياس بين الأشياء المنصوص عليها، والأشياء غير المنصوص عليها، وذلك لوجود اشتراك في العلة.

ولفتت إلى أن العلة بين الخمور والمخدرات هو غياب عقل الشخص بعد تناول تلك الأشياء، فتناول الخمور حرام، وايضًأ تناول الحشيش والمخدرات بشكل عام حرام لأنها تعامل معاملة الخمور.

حكم كفارة تعاطي المخدرات؟

وأما عن حكم كفارة تعاطي المخدرات؟.. السؤال تلقاه مصراوي وعرضه على الدكتور محمد علي، الداعية الإسلامي، والذي أوضح في رده، من تعاطى المخدرات ووصل إلى مرحلة السكر حتى لا يعلم ما يقول، فلا يجوز له أداء الصلاة، ولا تجزئ عنه إن فعلها، فإن أفاق وتوضأ وصلى، أجزأت عنه، ولكنه لا يثاب عليها حتى يتوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا، فإن تاب، تاب الله عليه ... الحديث. رواه أحمد والترمذي وحسنه.

وأضاف علي في رده لمصراوي: أن المخدرات بما فيها الحشيش محرمة بإجماع المسلمين، ولا يجوز تعاطيها بحال من الأحوال، ذلك أن فيها تغييب العقل الذي هو أعز نعمة أنعم الله بها على الإنسان، وفضله بها على سائر الحيوانات.

وأوضح الداعية لمتعاطي المخدرات أنه إذا أدى استعماله لها إلى سكره فإنه لا يقرب الصلاة حال سكره، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ {النساء:43}، وأي نوع من السكر حصل للإنسان كان مشمولاً بسببه بهذا الخطاب.

وكفارة ذلك هي التوبة النصوح، فإن التوبة تمحو ما قبلها من الذنوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وليكثر من فعل الخيرات فإن الله يبدل سيئاته حسنات.

اقرأ ايضًا

هل رفع اليدين أثناء الدعاء ثم مسح الوجه بهما بعد انتهائه جائز أم بدعة؟.. الإفتاء توضح

ما هو أفضل وقت لصلاة قيام الليل وعدد ركعاتها؟.. أمين الفتوى يوضح (فيديو)

ماذا نفعل حتى نصل إلى الهمة التي كان عليها الرسولُ ﷺ؟.. علي جمعة ينصح

أمين الفتوى: التنقيب عن الآثار وبيعها وشراؤها أعمال محرمة شرعًا وكسبها خبيث

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان