إعلان

أزمة البحث عن "محرم".. مأساة المسلمات لأداء مناسك الحج والعمرة

03:36 م الأحد 14 يوليه 2019

مأساة المسلمات لأداء مناسك الحج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

المال لا يشتري كل شيء.. "المحرم" الذي تفرضه الحكومة السعودية على المرأة التي تريد أن تؤدي مناسك الحج والعمرة يشكل عائقًا كبيرًا أمام المسلمات تحت 45 عامًا، فـ "الصحبة الآمنة" جائزة فقط بعد الوصول إلى هذه السن، فعلى الرغم من أن نساء كثيرات يملكن مالًا يكفيهن لأداء فريضة الحج أو العمرة، إلا أنهن لا يتمكن من ذلك بسبب شرط "المحرم" على الرغم من أن كثيرات قد سافرن إلى دول أخرى بعضها ليست بالدول العربية أو الإسلامية.. يرصد مصراوي هنا بعض آرائهن ورحلتهن في البحث عن "محرم".

"ببساطة مفيش فلوس تكفي" هكذا تقول هند إبراهيم- اسم مستعار- عن سبب رغبتها في السفر للعمرة بدون محرم، فليس هناك ما يكفي لتسافر هي وزوجها، خاصة بعد تأشيرة العمرة التي فرضت على المصريين، وحتى لو توافر المال فزوجها لا يستطيع أن يسافر معها بسبب ظروف عمله، كما أنها تفضل أن تمارس العمرة أو الحج منفردة لأن أسرتها إن جاءت معها لن تستطيع أن تركز في العبادة وطلبات أبناءها في نفس الوقت. "أي دولة في العالم مرحبة بيا لوحدي إلا بيت ربنا" تقول هند وتضيف أن منع النساء من السفر ليس من الإسلام بدليل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معه"، وتتهم هند من يقول بخلاف ذلك أنه يقوم بتأويل الدين "بشكل ذكوري" لذا لا يعتد بهذا الحديث.

أما سارة فرج، فترغب في أداء العمرة، لكنها لا تستطيع ذلك لأنها مطلقة ومعها طفلين، فمن سيسافر معها إن أرادت؟ ولا يمكنها أن تترك ابناءها، واخوتها الذكور كلهم خارج مصر، وهي أيضًا لا تستطيع أن تصطحب أبناءها معها، فيجب أن يوافق والدهم، كما أن أكبرهم لم يبلغ بعد فلا يمكن أن يكون محرمًا ولا تستطيع كذلك أن تذهب وحدها.

"كل ما يتوفر معايا فلوس بيبقى نفسي أطلع عمرة ومش بعرف، لأن لازم محرم وفلوس المحرم" تقول إيمان خليل ضاحكة، فوالدها لا يستطيع أن يسافر معها مخصوص لأنه يعمل بالخارج، وأخوها مقبل على الزواج وهناك مصاريف أخرى تثقله، أما زوجها فلا تتوفر معه التكلفة اللازمة للعمرة بسبب مصاريف أبناءهم، وما يؤرق إيمان أنه حتى عندما تتوفر لها الأموال اللازمة للحج أو العمرة لن يكون في مقدورها أن تسافر وتؤديها، "فيه تلاتة أعرفهم غيري معاهم فلوس ومش عارفين يسافروا للحج أو العمرة" ما بين المطلقة ووالدها كبير في السن، والتي لم تتزوج أصلًا ووالدها متوفي وليس لديها إخوة ذكور سافرت أوروبا لكنها لا تستطيع أداء عمرة! "المحرم هو فعلا أكبر عائق" تقول إيمان. فكرت في التحايل على الأمر "اطلع بتأشيرة مدربة سواقة وأعمل عمرة زي الرجالة اللي بيطلعوا جزارين مثلا" لكنها لا تعرف هل هذا الأمر حلال أم حرام.

تحكي إيمان السيد كيف استطاعت بعد عناء ادخار فلوس العمرة، وفي النهاية لم يستطع أحد أن يسافر معها. في ذلك الوقت كانت إيمان تمر بحالة اكتئاب شديدة، وكانت في أشد الحاجة للسفر والقيام بالعمرة، والدها كان قد أدى العمرة في وقت قريب، رفض الذهاب معها لأنه رأى لو كان هناك مال متوفر فأولى أن تسافر والدتها لأنها لم تعتمر مطلقًا وهو لن يعتمر مرتين وهي لم تذهب مطلقًا، أما أخوها فلم يكن يفكر في العمرة من الأساس، ترى إيمان أن "المحرم" هو العائق الأكبر أمام ذهاب المرأة إلى الحج أو العمرة "في بنات وستات كتير بيشتغلوا وممكن يوفروا التكاليف لكن الفلوس لا تشتري كل شيء". شعرت إيمان بالحسرة حين سافرت إلى "دهب" مع أصدقائها وقال لهم البدو "النور اللي هناك دا السعودية"، تقول في أسف مثلما سافرت للترفيه وحدي لم لا يمكنني أن أعبر هذه الكيلومترات القليلة لأمارس حقي في العبادة؟

تقول إيمان نبيل إن "الإسلام المتشدد" الذي كان سائدًا في السعودية من قبل، هو السبب في التشدد في فكرة وجود "محرم" لسفر المرأة لأداء الحج أو العمرة، لكن الآن الأمر مختلف لأن السفر من مطار القاهرة مثلا للوصول إلى جدة أو المدينة المنورة لا يأخذ أكثر من ساعتين ثلاثة، وليس شاقًا كما كان في الماضي، كما قد أفتى بعض العلماء بجواز سفر المرأة لإستكمال دراستها طالما هناك أمان وصحبة آمنة وتأمن على نفسها الفتنة، وعلى هذا الأساس استطعت أن أقنع أهلي أن اسافر إلى الخارج، "السفر فعلا جهد ومشقة ومش أي امرأة تقدر تتحمل جهد ومشقة السفر" لكنها تقول أن السفر الآن مختلف، كما أننا نسافر لدولة عربية وإسلامية ولأداء عبادة، فليس من حق السعودية أن تمنعنا لأنها في المقابل حدث انفتاح كبير في السعودية مؤخرًا واصبح فيها حفلات فنية مختلطة و"ديسكو حلال" وغيره، فمن باب أولى أن يتيحوا الفرصة للمسلمات أن يؤدوا عبادتهم سواء حج أو عمرة فهذا حقهن، وليس من الطبيعي أن تمنع النساء من ذلك طالما أفتى علماء الأمة أن هذا جائز، فمن حق النساء أن يحجوا ويعتمروا بدون محرم، تقول إيمان "أو على الأقل العمرة، الحج فعلا فيه مشقة كبيرة"، وتضيف أنه لا يجب ألا يسمح للمرأة بالسفر مع صحبة آمنة إلا بعد الخامسة والأربعين فممكن أن يسمحوا بذلك لها وهي شابة أيضًا.

وكانت دار الإفتاء أجازت للمرأة السفر من دون محرم للحج والعمرة ما دام الأمن متحققًا في سفرها وإقامتها وعودتها في فتاوى عدة لها، وأوضحت أن هذا ما عليه جمهور الفقهاء؛ لما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعدي بن حاتم رضي الله عنه: «فوالذي نَفسِي بيَدِه لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى تَخرُجَ الظَّعِينةُ مِن الحِيرةِ حتى تَطُوفَ بالبَيتِ في غَيرِ جِوارِ أَحَدٍ» رواه أحمد، وقد خرجت أمهات المؤمنين رضي الله عنهن للحج في عهد عمر مع عثمان بن عفان رضي الله عنهما ولم يكن معهن محرم.

وبينت دار الإفتاء في فتواها أن جمهور الفقهاء قد أجاز للمرأة في حج الفريضة أن تسافر دون محرم إذا كانت مع نساء ثِقات أو رفقة مأمونة، واستدلوا على ذلك بخروج أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للحج في عهد عمر رضي الله عنه وقد أرسل معهن عثمان بن عفان ليحافظ عليهن رضي الله عنه.

"والذي عليه الفتوى في هذا الزمان أن سفر المرأة وحدها عبر وسائل السفر المأمونة وطرقه المأهولة ومنافذه العامرة؛ من موانئ ومطارات ووسائل مواصلات عامة، جائز شرعًا ولا حرج عليها فيه؛ سواء أكان سفرًا واجبًا أم مندوبًا أم مباحًا، وأنَّ الأحاديث التي تنهى المرأة عن السفر من غير محرم محمولة على حالة انعدام الأمن التي كانت ملازمة لسفر المرأة وحدها في السابق، فإذا توافر الأمن لم يشملها النهي عن السفر أصلًا".

المرأة-في-مكة

فيديو قد يعجبك: