إعلان

لماذا لا تستثمر مصر أزمة "أشباه الموصلات" بقطاع السيارات العالمي لصالحها؟

02:34 م السبت 11 سبتمبر 2021

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد جمال:

لا يزال قطاع صناعة وتجارة السيارات العالمي يعيش حالة من التخبط والارتباك منذ بدايات العام الجاري، ذلك على وقع أزمة نقص تغذية المصانع بالرقائق الإلكترونية "أشباه الموصلات"، ما دفع عديد الشركات لاتخاذ قرارات بالإغلاق الجزئي وتقليص عمليات الإنتاج وغيرها.

ويتوقع خبراء أن تتفاقم أزمة نقص الرقائق الإلكترونية التي تسبب فيها جائحة كورونا، واستمرارها لمدة أطول من المتوقع لربما تصل إلى الربع الأول من عام 2023 نتيجة لوجود موجات متتالية لفيروس كورونا المتحور.

كانت شركة الإلكترونيات اليابانية توشيبا كورب قالت إنها لن تتمكن من تلبية الطلب على الرقائق الإلكترونية، المستخدمة في تنظيم انتقال الطاقة، لمدة عام آخر وحتى نهاية 2022 في أفضل الأحوال، ما يمثل تحذيرا جديدا لشركات صناعة السيارات والآلات الصناعية التي تعاني بالفعل.

وتعتمد صناعة السيارات بأنحاء العالم على مصانع الرقائق الإلكترونية في مناطق جنوب شرق آسيا، خصوصًا كوريا وتايوان والصين، وأيضًا الولايات المتحدة، وهو ما قد يختلف في السنوات القادمة مع سعي الدول لتوطين الصناعات المختلفة لديها؛ تفاديًا لتكرار الأزمة الحالية.

ويستهلك قطاع الأجهزة الإلكترونية العالمي من "أشباه الموصلات" ما قيمته 470 مليار دولار أمريكي سنويًا، في مقابل 40 مليار دولار بقطاع السيارات.

ومع دراسة العديد من دول العالم فرص توطين صناعات الرقائق الإلكترونية المفصلية بالكثير من الصناعات الإلكترونية وعلى رأسها صناعة السيارات؛ لماذا لا تستثمر مصر تلك الأزمة لصالحها وتدشن صناعة "الرقائق الإلكترونية" على أرضها؟

قال المهندس خالد سعد الأمين العام لرابطة مصنعي السيارات، إن تدشين صناعة الرقائق الإلكترونية على أرض مصر أمر غاية فى الصعوبة ويرقى إلى المستحيل، ذلك لأسباب عدة أبرزها ضآلة حجم معدلات إنتاج السيارات المصري مقارنة بالسوق العالمي، فضلا عن أن القطاع المحلي لا يعمل على التصنيع ولكن التجميع.

وأضاف سعد فى تصريح لـ"مصراوي" أن أعداد السيارات التي يتم تجميعها محليًا بمصر تتراوح بين 40 إلى 70 ألف سيارة سنويًا بكافة أنواعها "نقل - نصف نقل - اتوبيسات - ملاكي" ما يعني أن السوق المصري ليس كثيف الإنتاج مقارنة بالسوق العالمي، مستبعدًا تمامًا فكرة الدخول فى صناعة مثل الرقائق الإلكترونية كونها تحتاج لاستثمارات ضخمة تقدر بملايين الدولارات.

وضحد أمين رابطة المصنعين مجرد طرح فكرة الاستثمار فى صناعة "الرقائق الإلكترونية" مستشهدًا بأن مصر تمتلك ما يقرب من 17 مصنع للسيارات وكل مصنع يتراوح إنتاجه من 5 إلى 10 آلاف سيارة سنويًا، ما يؤكد استحالة انفاق استثمارات بمئات الملايين على هذا الحجم من الإنتاج.

وبسؤاله حول دخول صناعة الرقائق الإلكترونية في العديد من الصناعات إلى جانب صناعة السيارات وعلى رأسها الأجهزة الإلكترونية والهواتف المحمولة ومدى تعزيز ذلك لفكرة استثمار مصر بهذه الصناعة، أكد سعد أن هذا الكم من الصناعة المحلية ليس بدافع للاستثمار فى صناعة الرقائق الإلكترونية، فضلا عن حجم التصنيع لا يكفي تغطية هذا المشروع.

على الجانب الآخر، أكد على توفيق، رئيس الرابطة المصرية للصناعات المغذية، أن الأزمة الحالية التي يعيشها العام جراء نقص الرقائق الإلكترونية، أظهرت مدى هشاشة الشركات المصنعة وأنه وجب على مصر اقتحام هذه الصناعة كما أنها لن تغنينا بمجال صناعة السيارات فحسب بل ستدخل بالعديد من الصناعات الأخري.

وعن تفاقم أزمة "الرقائق" بهذه السرعة قال توفيق، إن الأزمة خارجة عن قدرة الشركات المصنعة بسبب انتشار وباء فيروس كورونا كوفيد-19، مما أدى لإعلان العديد من الشركات اتجاهها في مساعدة الحكومات لمقاومة الجائحة من خلال تحويل بعض خطوط الإنتاج لتصنيع أجهزة التنفس الصناعي والكمامات، ما ساعد فى خلق فجوة بالإنتاج على حساب صناعة السيارات.

وعارض توفيق، رأي المهندس خالد سعد أمين رابطة مصنعي السيارات، بشأن استحالة استثمار مصر أزمة الرقائق الإلكترونية لصالحها، مؤكدًا أن مصر لديها القدرة على اقتحام هذه الصناعة وبقوة، معللا ذلك بأن مصر لديها بعض المصانع بهذا المجال أبرزها مصنع بمدينة السادس من أكتوبر لرجل الأعمال الراحل الدكتور أحمد بهجت.

وشدد توفيق، على أن الأزمة الحالية التي يعيشها العالم بسبب نقص الرقائق، بمثابة فرصة عظيمة لمصر يجب أن تُستغل بشكل جيد وإدارة حكيمة، لتغذية أوروبا بالكامل والشرق الأوسط وإفريقيا بالرقائق الإلكترونية التي تعد في الوقت الآني حصرًا لبعض دول جنوب شرق آسيا.

وطالب بأن يتم توطين هذه الصناعة في مصر بالتعاون مع شركات عالمية تمتلك حقوق الملكية أو حق المعرفة ولديها خبرة طويلة بصناعة الرقائق الإلكترونية.

وأشار بأن مصر لديها المشاريع القائمة بالفعل فى مجال صناعة السيارات والرقائق الإلكترونية وما نحتاجة هو توسعة الاستثمارات الحالية، خاصة وأنها تمتلك حق الملكية والمعرفة.

وطالب رئيس رابطة الصناعات المغذية المسؤولين بالدولة المصرية بالتواصل مع شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية العالمية وحثهم على الاستثمار في هذا المجال داخل مصر، والعمل على تقديم كافة التسهيلات والامتيازات والدعم للصادرات والإعفاء الجمركي والأراضي المميزة ودعم الكهرباء للمصانع، فضلا عن تقديم خدمات النقل الجوي للتصدير لكافة دول أوروبا.

كان اللواء حسين مصطفى، خبير صناعة السيارات المصرية، أكد أن مصر لديها فرصة جيدة لدخول عالم صناعة الرقائق، لافتا إلى أن إنشاء مصنع للرقائق الإلكترونية قد يتكلف قرابة 5 مليارات دولار (78 مليارًا و500 مليون جنيه مصري) تقريبًا، وهي قيمة يمكن للشركات العالمية دفعها مقابل إيجاد موردًا للرقائق قريبًا إلى مواقع إنتاج السيارات في أوروبا.

وتشير تقارير إلى أن قطاع السيارات العالمي في طريقه لفقدان قرابة 7 ملايين سيارة كان مقررًا إنتاجها بنهاية العالم الجاري، ذلك بسبب شح سلاسل إمدادات الرقائق الإلكترونية، والتي تدخل ما بين 100 إلى 150 رقاقة منها في عمليات تشغيل السيارة الواحدة.

وفي أبريل الماضي أعلنت شركة ميتسوبيشي موتورز اليابانية أحد المتضررين من نقص الرقائق، عزمها تقليص إنتاجها عالميًا في شهر مايو بواقع 16 ألف سيارة بسبب عجزها عن توفير إمدادات الرقائق الإلكترونية للمصانع.

وفي وقت سابق من الشهر الرابع أيضًا، قررت شركة مرسيدس بنز الألمانية الرائدة في صناعة وتطوير السيارات، تقليص ساعات العمل بعدد من مصانعها على خلفية نقص الرقائق الإلكترونية.

كما أطلق هربرت ديس الرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات الألمانية فولكس فاجن، تحذيرًا مؤخرًا من أن أزمة نقص الرقائق الإلكترونية المستخدمة في صناعة السيارات الحالية قد تستمر لسنوات مقبلة.

وللبحث عن حلحلة الأزمة داخل بلادها، قامت كامالا هاريس، نائب رئيس الولايات المتحدة برحلة مكوكية لسنغافورة في أغسطس الماضي في محاولة لإيجاد حلًا لمعضلة نقص إمدادات أشباه الموصلات الذي تسبب في تعطيل عمليات الإنتاج في صناعة السيارات والإلكترونيات في أمريكا.

وانخرطت إدارة الرئيس جو بايدن على مدار شهور في محاولات مع قطاع الصناعة والنواب بشأن سبل الحد من الأزمة، دون تحسن يذكر حتى الآن.

يذكر أن قطاع السيارات العالمي تكبد في الربع الأول من عام 2021 خسائر بلغت نحو 14 مليار دولار (219 مليار جنيه مصري) تقريبًا، ومن المتوقع بحسب تقارير أن يصل إلى 61مليار دولار بنهاية العام.

فيديو قد يعجبك: