إعلان

كارثة الإسكندرية.. بالصور: قصة "البطولة والموت" في محرم بك

05:11 م الإثنين 26 أكتوبر 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

الساعات الأولى من الصباح في شارع محرم بك بالإسكندرية، لا شيء جديد، الترام يتحرك ببطء وثِقل، المحلات تفتح أبوابها، الحركة هادئة، فيما يحمل الشاب العشريني "إسلام باهر" دلو صغير، أمام مقهى شعبي يعمل به-الوفاء-، يمنح الأرض القليل من الماء، يضبط إيقاع المشهد اليومي المتكرر برص الكراسي الخشبية انتظارا للزبائن، قبل أن تنهمر الأمطار فجأة بقوة.

1

في لحظات تحول الأمر إلى كابوس، كرات ثلج ترشق الشارع، "كابل" كهرباء خاص بالترام لم يحتمل، سقط في الأرض التي غرقت بمياه الأمطار "محدش كان واخد باله إن الكابل وقع في الميه.. كنا مالهيين في الجو.. واكتشفنا الموضوع أول ما ست وولادها نزلوا من الترام" كلمات ذكرها "أبويوسف" صاحب المحل المقابل لمقهى "الوفاء".

5

لم يكن سائق الترام القادم من إتجاه محطة مصر، يعلم أن هناك خطر تحت عجلاته، توقف أمام مقهى "الوفاء" تنفيذا لرغبة سيدة تحمل معها 3 أطفال، لم يمنعها من النزول رغم غرق الشارع في المياه، دفعت السيدة الثلاثينية برفق بطفلين من أبنائها خارج الترام- على 8سنوات، أحمد 4 سنوات- وهمت بالنزول ممسكة الثالث لكنها فوجئت بصراخهما، وسقوطهما في المياه، وعدم تمكنهم من الحركة مع تشنج جسديهما "الست صرخت ونطت من الترام على ولادها تحاول تنقذهم، هي وابنها التالت اتكهربوا".

4

صراخ هيستري دب في الشارع الهادئ، الرجال على الأرصفة يشاهدون السيدة وأطفالها يصارعون الموت، الكهرباء تمتص بريق الحياة من أجسادهم، المفاجأة ووطأة الحدث منعت الأهالي من التفكير في حل للأزمة القاتلة، لكن "إسلام" لم يقف مكتوف الأيدي، تحرك هنا وهناك بحثا عن أخشاب قد تمكنه من الوصول إليهم وإنقاذهم، اختفى للحظات وعاد بسلم خشبي "الست كانت عرفت تطلع هي وواحد من ولادها.. لكن الباقيين معرفوش.. إسلام حاول يلحقهم".

من أحد العقارات المقابلة لمقهى الوفاء، حيث تدور أحداث الواقعة المريرة، كان المهندس "عادل زكي" الرجل الستيني، يتابع ما يدور، رأى "إسلام" يتقدم نحو المياه، وضع السلم الخشبي تجاه الطفلين، وقف عليه مقتربا منهما، أمسك بأحد الطفلين، حاول إخراجه من المياه "فجأة رجليه لمست الميه فاتكهرب ووقع هو كمان"، الصراخ يعلو من جديد، الشاب العشريني ينتفض داخل المياه، يتعذب، لم يحاول أحد إنقاذه "كل اللي كان هيقرب هيموت.. والإسعاف والنجدة وصلوا بس محدش حاول يعمل حاجة لأن الكهرباء مبتهزرش".

بعد قليل سكن جسد "إسلام" والطفلين، نزحتهم المياه أسفل سيارة صغيرة، مئات الأشخاص في العمارات والأرصفة يشاهدون ما يحدث بهلع "كأنه يوم القيامة.. ربنا ما يعيده تاني"، صمت الموت يحلّ بالمكان، الأم تنظر إلى أبنائها، تبكي دون صوت، لا تتفوه بأية كلمة، تنتظر أن تمر اللحظة الثابتة، لأنها لا تقوى على تحملها أكثر من ذلك "فين بقى بعد ساعة من الوضع دا.. قفلوا الكهرباء عن المنطقة. والناس بدأت تنزل الميه وتنقل الجثامين" يقولها "زكي" بحزن.

3

في اليوم التالي، أُغلق المقهى، وضعت ورقتين على واجهته تنوه لصلاة الجنازة لـ "إسلام" لمن يريد الحضور من أهل المنطقة "كان محبوب والناس كلها راحت له"، أٌعيد كابل الكهرباء إلى مكانه، فيما تجمع الناس في محيط الحادث، يتذكرون الليلة القاسية عليهم، يلقون اللوم على المحافظ الذي قدم استقالته في نهاية يوم الواقعة، وعلى إهمال المسؤولين عن الترام والكابلات الخاصة به "كل يومين تلاتة تقع ويجوا يلصموها أي كلام ويمشوا.. دي ممكن تعمل مصيبة تاني في أي وقت.. مش هينفع نسيب الوضع كدا".

تابع باقي موضوعات الملف:

مشاهد على هامش "النوّة" (ملف خاص)

undefined

2 بالصور - مصراوي داخل غرفة "رجل التلاجة" بالإسكندرية

undefined

3 إسكندرية غارقة في الوحل.. "النوّة" بكاميرا مصور حر

undefined

4 قصة صورة.. حين سخر "الفيسبوك" من ضابط مرور الإسكندرية

undefined
5 كوميديا سوداء يرويها محمد.. "لما إسكندرية تغرق في شبر ميه"

undefined

6 هاني المسيري.. من ضيّع في "جينيس" عمره - بروفايل

undefined

7 القصة الكاملة لـ "خناقة" محافظ الإسكندرية مع أهالي أبوقير

undefined

فيديو قد يعجبك: