جمعية المطورين العقاريين: ارتفاع الأسعار 30% في 2025 وتوقعات بنمو أكثر انضباطًا في 2026
كتب : محمد عبدالناصر
جمعية المطورين العقاريين
أصدرت جمعية المطورين العقاريين تقريرها السنوي الأول والذي يرصد أداء السوق العقاري المصري خلال عام 2025 ويضع رؤية وتوقعات واضحة لاتجاهات السوق خلال عام 2026، وذلك من خلال آراء وتحليلات نخبة من قيادات القطاع وأعضاء مجلس إدارة الجمعية.
حيث أكد التقرير أن عام 2025 شهد مرحلة ديناميكية قوية في العديد من المدن والمناطق العمرانية الجديدة، إلى جانب تحديات كبيرة بسبب ارتفاع التكاليف وعدم استقرار أسعار مواد البناء ، وهو ما خلق حالة “فرز حقيقية” بين المطورين الأكثر التزامًا وقدرة على التنفيذ، وأولئك الذين افتقدوا خططًا واضحة لإدارة المخاطر.
وتتوقع الجمعية أن يكون عام 2026 عامًا أكثر استقرارًا ونضجًا، مع تحسن الرؤية الاقتصادية وزيادة الاعتماد على المشروعات المتكاملة، وتنامي الطلب على الوحدات متوسطة السعر، بجانب تعزيز الشراكات بين الدولة والقطاع الخاص وعودة الثقة تدريجيًا للسوق والمستثمرين.
مؤشرات ايجابية وسوق أكثر انضباطاً:
وقال المهندس محمد البستاني رئيس مجلس إدارة جمعية المطورين العقاريين، إن السوق العقاري المصري خلال عام 2025 شهد ديناميكية واضحة، مع زيادة ملحوظة في الطلب على الوحدات السكنية والتجارية والإدارية والفندقية في مناطق شرق وغرب القاهرة.
وأكد أن هذه الحركة الإيجابية تأتي مدعومة بتطور القطاع السياحي، وبالأخص مع افتتاح المتحف المصري الكبير، الذي يُعتبر عامل جذب رئيسي للمستثمرين والسياح على حد سواء.
وأكد البستاني أن الاستقرار السياسي يمثل حجر الأساس لاستقرار الأوضاع الاقتصادية والعقارية، وأن وضوح السياسات الحكومية والتحسن المستمر في البنية التحتية يعززان ثقة المطورين والمستثمرين، وهو ما انعكس بشكل مباشر على حركة المبيعات خلال عام 2025.
وحول رؤيته للسوق خلال 2026، أوصى البستاني بالتركيز على تطوير مشاريع متكاملة متعددة الاستخدامات تلبي احتياجات السوق المتنوعة، ومتابعة فرص الاستثمارات الكبرى في المدن الجديدة وشرق وغرب القاهرة، مع الاستفادة من تطور القطاع السياحي.
زيادات جديدة في أسعار الوحدات:
وفي السياق ذاته، أكد المهندس أحمد أمين مسعود نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، أن السوق العقاري المصري خلال عام 2025 شهد واحدة من أهم مراحل النمو، سواء على مستوى حجم المبيعات أو مستويات الأسعار، مدفوعًا بارتفاع الطلب الحقيقي والمضاربات الاستثمارية، إلى جانب زيادة واضحة في تكلفة التنفيذ ومواد البناء.
فقد سجل السوق ارتفاعًا في أسعار الوحدات السكنية يتراوح بين 20% و30% مقارنة بنهاية 2024، خاصة في القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية والمناطق الساحلية.
وبلغ إجمالي مبيعات الشركات الكبرى في الربع الأول من 2025 ما يقرب من 290 مليار جنيه مقابل 235 مليار خلال نفس الفترة من 2024، بنسبة نمو 23%. فيما بلغ عدد الوحدات المباعة في الربع الأول إلى 18,500 وحدة، بمتوسط سعر يقارب 15.7 مليون جنيه.
وارتفع أيضًا قطاع الإيجارات، حيث وصلت متوسطات العائد السنوي السكني إلى 6.7% على مستوى الجمهورية، مع زيادات أعلى في المناطق الخدمية والمكتملة عمرانيًا.
وحول أبرز التحديات التي واجهت المطورين في 2025، أكد مسعود أن أبرزها هي استمرار ارتفاع تكاليف الإنشاء والطاقة ومواد البناء، واتساع الفجوة بين القدرة الشرائية والارتفاع السريع للأسعار، واعتماد جزء من الطلب على المضاربة الاستثمارية، ما يتطلب ضبطًا لوتيرة النمو ورفعاً لجودة المنتجات المطروحة.
وأشار إلى إنه من المتوقع أن يشهد عام 2026 نموًا إيجابيًا ولكن بوتيرة أكثر استقرارًا مقارنة بالعام الماضي، نتيجة توجه الدولة لضبط الأسواق وتشجيع التوسع في مشروعات الإسكان المتوسط والمتكامل الخدمات.
وقد يشهد السوق زيادات سعرية محتملة تتراوح بين 8% و12% في المتوسط، مع تحسن في الإقبال على الوحدات الصغيرة والمتوسطة، وارتفاع الطلب على المشروعات المختلطة الاستخدام، التي تجمع السكني والتجاري والإداري والخدمي في بيئة واحدة.
وأوصى نائب رئيس مجلس إدارة جمعية المطورين العقاريين في 2026 بتنويع المنتجات العقارية والتركيز على الوحدات المناسبة للطبقة المتوسطة والشباب، بجانب طرح خطط سداد مرنة تمتد لفترات أطول لتقليص فجوة القدرة الشرائية، ورفع معايير الشفافية والجودة لضمان ثقة العملاء وخلق سوق مستدام لا يعتمد على المضاربة.
كذلك التوسع في المشروعات المتكاملة التي توفر بيئة معيشية وخدمية متوازنة، مع تعزيز التعاون مع الجهات الحكومية لضمان توازن بين العرض والطلب وتحقيق استقرار سعري يخدم المطور والمواطن على حد سواء. مشيراً إلى أن الجمعية تؤكد التزامها الكامل بدعم الدولة في تحقيق تنمية عمرانية مستدامة، وتوفير مسكن ملائم لكل فئات المجتمع، مع الحفاظ على استقرار السوق واستمرار جذب الاستثمار.
تفاوت في التسعير واضطراب سوق المقاولات:
وأكد الأمين العام للجمعية المهندس محمد غباشي، أن السوق العقاري في 2025 تأثر بشكل مباشر بارتفاع أسعار الحديد والأسمنت، وهو ما رفع تكلفة التنفيذ على أغلب الشركات.
وأشار إلى أن واحدة من أبرز التحديات كانت اضطراب سوق المقاولات وسيطرة العرب على المواقع الإنشائية، مما تسبب في تفاوت كبير في التسعير والانضباط. وأوضح أن الشركات تمكنت من تجاوز هذه الضغوط عبر إدارة أكثر صرامة للتكلفة، وتنظيم فرق التنفيذ، وإعادة هيكلة خطط العمل.
وأضاف غباشي، أن التوجه العام لمعظم شركات الجمعية يتجه نحو العقارات المتخصصة باعتبارها الأكثر أمانًا واستقرارًا. مؤكداً أن اعتماد شركات الجمعية على التمويل الذاتي دون أعباء الفوائد البنكية منحها قدرة تنافسية أعلى، ومع توقعات استقرار مواد البناء في 2026 سيتجه السوق نحو مرحلة أكثر توازنًا ونضجًا.
السوق دخل مرحلة الفلترة:
المهندس ياسر عبد الله عضو مجلس إدارة جمعية المطورين العقاريين، أكد أن عام 2025 كان نقطة تحول حقيقية، فقد شهد السوق مرحلة “ فلترة ” واضحة ما بين المشروعات الجادة ذات الأساس الفني والمالي الصلب والتي صمدت بقوة، بينما انكشفت ثغرات الشركات التي لم تكن مستعدة بالخطط اللازمة لمواجهة المخاطر أمام ارتفاع التكلفة وضعف السيولة، وظروف السوق.
وأشار إلى أن الأسعار ارتفعت رسميًا بنحو 30% لكن القيمة الحقيقية تحسنت بشكل محدود وبمتوسط 15% ، ما يعني أن الزيادة كانت انعكاسًا مباشرًا لتضخم مواد البناء وليس لنمو الطلب فقط.
وحول توقعاته لعام 2026 أشار إلى نمو أكثر انضباطًا مع تركز القوة الشرائية في المشروعات ذات المواقع القوية والمطورين أصحاب السجل الموثوق، بينما ستتراجع جاذبية المشروعات الهشة أو المبنية على مبالغة تسويقية، مشدداً على ضرورة الالتزام الانضباطي بالتنفيذ مع تقديم قيمة حقيقية، ضبط التسعير، وابتكار منتجات تواكب قدرة واحتياجات الشريحة الفاعلة، مع استراتيجيات بيع شفافة تحافظ على الثقة وتخلق طلبًا مستدامًا.