إعلان

من كورونا إلى القصف الإسرائيلي.. "فلافل السوسي" باقية رغم الخسائر

11:35 م الجمعة 11 يونيو 2021

محمد السوسي صاحب مطعم فلافل السوسي بعد القصف الإس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

ما هي إلا ساعات انقضت على وقف إطلاق النار في غزة. سريعًا عرفت أقدام محمد سعيد السوسي طريقها خارج المنزل، في السابعة صباحًا تواجد أمام مطعمه المدمر. هذه المرة يقتسم الألم مع التفكير فيما هو قادم؛ ماذا يفعل 15 عاملاً يعتمد دخلهم على المحل المقصوف، بينما يخبرهم الوضع أن الإصلاحات تتطلب شهورًا؟ كيف يتدارك هو وأشقاؤه خسارتهم المادية والمعنوية؟. لم يجد الشاب الثلاثيني إجابة سوى العمل فورًا لإعادة مكانهم القائم منذ السبعينيات، عزم محمد أن تعود "فلافل السوسي" علامة الوافدين إلى حي الرمال في وسط القطاع المحاصر.

عند مفترق الرمال، جوار مبنى سكني شهير في الحي يُعرف بـ"برج الشروق" يقع مطعم فلافل أسرة السوسي. عام 1975 وضع أساس المكان، أقام بسطة صغيرة أمام بنايه يملكها الجد.

عام تلو الآخر كبر الركن، انهدم العقار وبني آخر متعدد الطوابق، وبالقرب منه تأسس البرج المتضمن لأغلب مكاتب الإعلام. تغيرت معالم الحي وبقيت الفلافل "الرمال منطقة تجارية. كله محلات وفي مواسم العيد يلجأ المواطنين لهذا المكان لشراء الملابس وكل المستلزمات"، مما جعل وجود مطعم شعبي في هذه المنطقة وجهة محببة.

لم يتعرض مطعم السوسي لضرر القصف قبل ذلك اليوم. 12 مايو 2021 كان اليوم الخامس لعودة العمل بعد انقطاع منذ مطلع شهر رمضان، فهذه الفترة المناسبة لإجازة سنوية وإعادة تأهيل المكان حتى ميعاد الموسم الباديء من العشرة الأواخر في الشهر وعيد الفطر كما يقول محمد السوسي لمصراوي.

1

كل شيء كان جديدًا في المطعم الصغير المنحصرة مساحته بين 3 وأربعة أمتار. انتظر محمد وأشقاؤه العودة بفارغ الصبر "قبل رمضان كان هناك إغلاق بسبب تفشي كورونا. كنا نغلق 3 أيام في الأسبوع والعمل في ساعات ما قبل الحظر". تجدد أمل السوسي بالعودة إلى الحياة مع تخفيف الإجراءات الاحترازية، لكن القصف الإسرائيلي عصف بالآمال.

جاء أصحاب المطعم اتصال من حارس برج الشروق، أعلمه بأن قصفًا يستهدف المكان، هرع السوسي الابن إلى المطعم، وصل قبل القصف بربع الساعة، لملم بعينيه ما حدث "انضرب البرج بصواريخ تحذيرية f16 من الشقة الشمالية ثم الجنوبية"، كان يقف السوسي على قرابة 200 مترًا، في شارع يسمي فلسطين، اتخذ ركنًا آمنًا بينما تهوي الصواريخ بلا هوادة حتى توقفت.

2

ظن السوسي أن القصف انتهي، تقدم في طريق المطعم يلتمس آثار ما حدث "كنت واقف على المفرق بعيد بأقل من 100 متر. كان الدمار متقبل"، لكن الاحتلال رفض أن يترك الحال بأقل ضرر، فجأة سمع الشاب صوت لإطلاق صواريخ أخرى، هرع بالفرار، وكانت الضربة الأخيرة لبرج الشروق المجاور لمطعم السوسي، وكأن "تسونامي نزل على المكان كله دمره" كما يصف.

لم يخرج السوسي سليمًا، أصيب بشاظيتين في رجله. رفض أن يذهب للمشفى قبل رؤية مطعمه مرة أخرى. عاد بخطوات مهزوزة "لقيت المكان مدمر بشكل مأساوي. عز علي أن أرى المكان اللي اتربيت فيه ووقفت فيه مع والدي من صغرى تحت الركام". غادر الشاب للعلاج ورجع لمنزله بألم نفسي مضاعف.

3

يوم تلو الآخر ويتشارك آل السوسي مع المتضررين الوجع؛ القصف والخسائر، تألم الأب لسماع ما وقع ورؤية ما التقطه الابن من صور لكنه تقبل القضاء "قال ربنا يعوضنا عوض خير"، وكان دعاء الوالد مقضيًا.

في العشرين من مايو دخلت اتفاق الهدنة حيز التنفيذ بوساطة مصرية. اتفق الأشقاء على البحث عن مكان للإيجار يعودون به للعمل حتى إعمار المطعم الأصلي من جديد، ما كان لهم أن يظلوا بلا عمل لأكثر من هذا "صار لنا وقتها 50 يوم ما بنشتغل". بعد عناء استطاع آل السوسي إيجاد محل في نفس المنطقة، على بعد 300 مترًا وفي مساحة صغيرة بدأ العمل من جديد.

بحث السوسي وأشقاؤه في مكان القصف عن أغراض من المطعم يمكن تجديدها، أخرجوا مولد للكهرباء وطاولات وغيرها من الأشياء ونقلوها المحل الجديد ووضعوا لافتتهم المعروفة "فلافل السوسي". نهض المطعم الشهير من جديد "خرجنا من تحت الركام ومن الدمار وبدأنا العمل وقولنا يارب".

4

نحو 18 يومًا ويعمل "فلافل السوسي" في الشارع ذاته. المطعم المؤقت إلى جانب المقصوف. صباح تلو الآخر ويستعيد المكان رواده ليس فقط للشراء "نسبة كبيرة من الزبائن تيجي تتطمن وتسلم وتروح"، لاقى أصحاب المطعم دعمًا معنويًا أعانهم على المضي.

لم ينتظر أصحاب السوسي تعويض المتضررين، فضلوا استعادة الحياة بأيديهم. فعلوا ذلك مرة أخرى، أما الأولى حين تجاوزوا الخسائر وافتتح العاملون المكان بعد تخفيف الإجراءات الاحترازية، والثانية بعدما استعادوا شيئًا من أغراضه وواصلوا العمل في مكان جديد، لتبقى تلك الأمنية التي يعرفها مَن تردد على المطعم وغادر القطاع المحاصر "ارجع على غزة وأطلع على الرمال وأكل من عند السوسي فلافل".

5

تابع قصص الملف

عاد للعمل على الأنقاض.. مرحبًا بك في صالون هاشم المدمر بغزة

1

"بيوت أهل غزة عمَار".. قصة "خليل" في إيواء المتضررين أثناء وبعد الحرب

2


100 سيدة تقدمت لمبادرتها.. "روزان" تدعم أهل غزة المتضررين من القصف الإسرائيلي

3

يُخرجون الفرحة من قلب الدمار.. نجوم غزة للسيرك حاضرون بعد العدوان

4

بالصور- الحياة بعد القصف... غزة تكره الحرب لكن لأجل الوطن "ينسقي العُليق"

6

فيديو قد يعجبك: