إعلان

مقرئون حول العالم (5) كيف أنقذ القرآن "الفاتح" الماليزي من هموم الدنيا؟

10:22 م السبت 01 مايو 2021

القارئ الشاب محمد الفاتح من ماليزيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

لم يتمكن محمد الفاتح من إخفاء حزنه وهو يطرق أبواب مُعلمه حبيب بلال في مدينة كوالالمبور أكبر المدن بدولة ماليزيا، يواجه مشكلة صعبة للغاية، فقبل أيام من نجاحه في ختم القرآن الكريم "فوجئت بأن حفظي للآيات يفر من ذهني وقلبي" شعر باليأس فانطلق إلى شيخه ليطلب منه النصيحة "كانت تلك الفترة هي الأسوأ في حياتي لكنها انتهت سريعا وحصلت على سند الحفظ بعدها بفترة قصيرة" مشهد من حياة الشاب الماليزي يعبر عن مدى ارتباطه بالقرآن الكريم كما يروي لمصراوي.

خلال طفولته لم يكن الفاتح يلهو طوال الوقت في شوارع عاصمة ماليزيا مثل أقرانه، يستعيد في حديثه لمصراوي تشجيع والدته له وهو في سن الخامسة لكي يجلس بين يديها لتُلقي عليه آيات الله "كنت أحفظ معها جزء ثم جزء" ابتسامة الأم والشعور بالاطمئنان في حضورها كان له مفعول السحر في استيعابه السريع "بعد أن أصبح عمري 15 عاما توجهت إلى الحفظ بطريقة مُتقنة على يد مُدرس شهير في مدينتنا".

قضى الشاب الماليزي نحو عام ونصف ليحفظ القرآن الكريم كاملا لكنه تعثر في الأيام الأخيرة فجأة دون أسباب، سقطت الآيات من ذاكرته، شعر بالارتباك والتيه حينها "تلقيت تشجيع من معلمي في تلك الأيام، ونصحني بضرورة المراجعة لعدة مرات حتى أدركت حفظي من جديد" لم ينس ليلة ختم القرآن، خرج يومها منتشيا، أحس كأنه يملك العالم من خلال تلاوة المصحف الشريف.

في الجلسات العائلية أو رفقة الأصدقاء عندما يتلقى أسئلة عن مدى محبته للقرآن الكريم، يصمت الفاتح للحظات قبل أن تعلو وجهه علامات الفرحة وهو يُجيب "ينتابني شعور عجيب عند قراءة القرآن، تهرب المشاعر السيئة من داخلي، ينتهي الضيق والقلق والخوف، يطمئن قلبي" يؤكد لهم أنه يلجأ إلى المصحف مباشرة عندما يواجه أي مشاكل في الأمور الدنيوية وخلال فترة وجيزة يأتي الفرج والسرور من عند الله.

1

لم يكتف ابن دولة ماليزيا بالتعلم داخل دولته لكنه انطلق للتبحر في علوم القرآن بعدد من الدول مثل معهد دار العلوم بجوهانسبرج في جنوب إفريقيا، كما سافر إلى القاهرة لدراسة أصول الدين في جامعة الأزهر الشريف "وشاركت أيضا في مسابقة دولية بتنزانيا في إفريقيا وحصدت المركز الرابع" كلما عثر على أي طريقة للتوغل في القرآن الكريم وعلومه لا يتركها قط مهما كانت بعيدة عن بلاده.

قبل أن يترك ماليزيا للدراسة تقدم الفاتح إلى عدد من المسابقات المحلية على مستوى المدن والدولة واستطاع أن يضع اسمه بين أفضل الأصوات في تلاوة القرآن داخل دولته الآسيوية "حصلت على المركز الأول والثاني والخامس في مسابقات كبرى" وعندما جاءت الفرصة للانضمام إلى مسابقة بورسعيد الدولية التي أُقيمت في مصر بمشاركة عشرات المتنافسين من دول العالم التحق بها على الفور.

لعدة أيام عاش الفاتح في رحاب القرآن الكريم وسط زملائه وأساتذة من كبار العلماء والمشايخ "كانت مسابقة جيدة وممتاز، تمكنت من مقابلة أشهر الشخصيات في عالم القرآن بمصر وباقي العالم" وبعد اختبارات عدة فاز الشاب الماليزي بالمركز الثالث في الفرع الأول الخاص بحفظ القرآن الكريم والابتهال بقراءة كاملة، وهي خطوة هائلة في مسيرة القارئ الشاب مع المصحف الشريف استقبلها بمزيج من شعور الفخر والسعادة.

الحفظ والتلاوة دون الاستماع لأشهر القراء ليس بالأمر الجيد، علم الفاتح هذا منذ صغره فداوم على البحث عن تسجيلات المشايخ في أبرز الدول الإسلامية للتعلم والاستمتاع بأصواتهم "أحببت صوت الشيخ عبدالله فهمي من ماليزيا، والشيخ محمود الحصري من مصر، ومن السعودية القراء مشاري راشد العفاسي وماهر المعيقلي وبندر بليلة" هم الزاد له دائما ومن أسباب البهجة في حياته وسر اهتمامه بالتلاوة المجودة وتحسين صوته وتقديم أفضل ما لديه في المسابقات أو المناسبات الدينية.


ولقراءة القرآن في شهر رمضان المعظم أثر طيب داخل نفس القارئ الماليزي، له طقوس خاصة ومميزة داخل دولته، يجتمع رفقة عدد من أحبائه عشاق التلاوة ويجلسون معا للقراءة والتدبر "أحدنا يقرأ ونبحث بعدها عن تفاسير الآيات، جلسات ممتعة في حُب الله ورسوله" يعلم جيدا فضل الانتهاء من المصحف في الشهر الكريم لذلك لا يتركه قدر الإمكان.

ورغم سفره لسنوات عديدة خارج ماليزيا لكن الفاتح يفكر دائما في بلاده وكيفية تقديم دور إيجابي من خلال التعاليم التي تلقاها عن القرآن الكريم "يمكنني تمرير ما تعلمته عن القراءة الصحيحة للقرآن وحفظه والتجويد والتفسير إلى أبناء كوالالمبور، هذا طموحي في السنوات القادمة وأتمنى أن أحققه" فيما ينصح القارئ الأجيال الجديدة بضرورة الاهتمام بالمصحف لأنه يحمل في طياته النجاة.

فيديو قد يعجبك: