إعلان

"طبلية" و"ماشة" و"لهجة الصعيد".. قصة متحف عائلي أنشأه مفتش آثار في قنا

04:45 م الإثنين 11 يناير 2021

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

لا ينسى عاطف مكاوي حكايات والده عن الزمن القديم. نشأ مفتش الآثار في منزل العائلة بقرية رفاعة بقنا ليجد مقتنيات جده ووالده في كل مكان؛ سرير نحاسي لم يعد يُصنع، "طبلية" كان الأجداد يتناولون طعامهم عليها، أدوات زراعة في الأربعينيات، زجاجة مياه غازية تابعة لشركة "سيكو" كانت تُباع في السبعينيات، وأدوات أخرى قد تبدو عادية، غير أن مكاوي لم يأبَ تركها تتلف، قرر منذ عدة أسابيع فرزها، وجمعها في متحف داخل ساحة منزله بالقرية، فتحه قبل أيام مجانا للجمهور، حتى أنه طلب من أهالي القرية أن يشاركوا معه مقتنياتهم العتيقة.

ص 1لطالما شُغف مكاوي بالآثار، لم يكتفِ بدراستها والعمل في متحف أبيدوس بسوهاج، بل حصل على الماجستير والدكتوراه في الآثار الفرعونية القديمة، لا يرى المفتش الأربعيني فرقًا بين الحفاظ على ممتلكات المصريين القدماء وممتلكات أجداده "كلها حاجات تؤرخ لفترة بعينها وبعد سنين مش هنلاقي أي دلائل على الفترة دي غير الممتلكات البسيطة اللي انا جمعتها".

ص 2

لم يضع مكاوي شروطًا صعبة لانضمام الآخرين للمتحف "أهم شيء تكون القطعة بقالها على الأقل 50 سنة"، أعلن الأثري عن المتحف عبر صفحته الشخصية "ناس كتير اتحمسوا لكن واحد بس اللي شارك معايا بمصحف مكتوب بخط فارسي كان بتاع جده في الأربعينات"، في المقابل بدأ مكاوي في جمع القطع من منزل والده وجده حتى وصل عددها إلى 32 قطعة.

ص 3

من أصغر القطع لأكبرها لم يترك مكاوي شيئا إلا ووضعه، أدهشته بعضها رغم البساطة "مثلا الماشة (ماسك الحجر للشيشة) كانت زمان في الخمسينات كبيرة جدا ولقيت عندي منها"، فيما وجد منها أحجاما أصغر مع تطور الزمن، أما "الطبلية" فكانت لوالده، مازالت بحالتها كما يحكي مكاوي "ورغم إنها خشب بس أد إيه متينة وتقيلة كأنها تربيزة سفرة كاملة"، وجد الأثري أيضا روشتة أدوية تعود لعام 80 "كانت بـ540 قرش ودا رقم كبير وقتها" يقولها ضاحكًا.

ص 4

لم يتوقف الأمر عند المقتنيات المادية، لعدة أسابيع عكف مكاوي على كتابة كلمات اللهجة الصعيدية وما يعادلها باللغة العربية "لأنه فيه كلمات بدأت تختفي ومش بيقولها إلا كبار السن"، سمع مفتش الآثار من المسنين كثيرا "وبدأت أدونها واكتب اللي انا فاكره"، كما أنه لم يعتمد على لهجة أهل قنا فقط "فيه كلمات من المنيا ومن سوهاج بنفس المعنى لكنها مختلفة"، فبحكم عمله ودراسته في تلك المحافظات بات يعرفها "يعني مثلا لو في قنا نقول لأ، في سوهاج يقولوا اللاولة وهكذا في حاجات كتير".

صورة 5

ما أن فتح مكاوي المتحف لأهل قريته، حتى جاءته ردود فعل جيدة "كانوا مسرورين جدا من الفكرة وكتير منهم قال عايزين نجيب لك حاجات عندنا"، فيما شعر آخرون بالندم على بيع أشياء تخص أجدادهم "برخص التراب" كما يقول مكاوي، الذي ضم لمتحفه كذلك أوراق لأحكام المحكمة في الخمسينيات "بس لأنها مهترئة جدا اضطريت أحطها في ظرف وأكتب عليه سنة الحكم والقضية".

ص 6رغم أن فكرة المتحف مازالت وليدة، لكن مكاوي يُشجع أصدقائه على نسخها في منازلهم أو الانضمام له "لو احنا محميناش الحاجة بتاعتهم هتنقرض ومش هنلاقي بعدنا اللي يحفظ حاجتنا"، يتمنّى المفتش الأربعيني أن يأتيه مزيد من الزائرين "خاصة طلاب المدارس، نفسي ييجوا يشوفوا إزاي الناس كانت عايشة زمان ويعرفوا عنهم أكتر".

فيديو قد يعجبك: