إعلان

"لا تشعروا بالخزي".. صحفية هندية تساعد من لديهم ميول انتحارية

09:09 م الأربعاء 30 سبتمبر 2020

نانديني مورالي

كتبت-دعاء الفولي:

في لحظات ما، اعتقدت "نانديني مورالي" أنها لن ترى النور مرة أخرى، رحل زوجها الطبيب قبل عامين بسبب الانتحار، مازالت تتذكر همهمات الحضور وصدمتهم في الجنازة، تردد على مسامعها سؤال وحيد: "ماذا حدث لكي يقوم بذلك؟"، ظل السؤال حيا بداخلها، تواجه نفسها به يوميا، تنظر في المرآة وتُلقي اللوم على انعكاسها، ظلت لأشهر تُركز على سبب انتحاره، أهملت نفسها، كادت أن تغرق في دوامات الذنب والحزن، غير أن كتاب نشرته كاتبة أمريكية جعلها تغير مسارها.

كانت تجربة الكاتبة الأمريكية مشابهة لـ"نانديني"، فرغم أن الأخيرة تعيش في مدينة مادوراي بالهند "لكن شيئا ما في الكتاب لمسني"، فزوج الكاتبة الأمريكية رحل بسبب الانتحار وكان طبيب مسالك بولية وهو نفس تخصص زوج "نانديني"، كما أنه عانى اكتئابا حادا على مدار سنوات، كحال زوج "نانديني"، تتذكر السيدة الهندية حينما قرأت بضع صفحات منه "شعرت لأول مرة أن شخصا ما يفهم ما أشعر به"، وحينما بحثت عن كتب شبيهة في الهند "لم أجد شيئا.. كأن الهند لا تحدث فيها حالات انتحار، قررت أن أكتب عن زوجي أيضا، أن أكون التغيير الذي أردت رؤيته في وطني".

تعمل "نانديني" صحفية منذ 3 عقود تقريبا، لم تكن الكتابة ببعيدة عن يديها، غير أنها تتذكر حينما كتبت عن فقدان زوجها للمرة الأولى "كأن روحه عادت لنا مرة أخرى، كان الأمر قاسيا وحزينا لكنه وضعني على أول طرق الشفاء"، تعين عليها السباحة بين الكلمات كثيرا لتكتب عنه و"أن اتحلى بالشجاعة الكافية لأروي القصة، الكتابة جعلتني أطفو على سطح الحزن".

1

مع بداية رحلة الكتابة، اكتشفت "نانديني" أن ثمة مهمة أخرى لها "الهند كمجتمعات كثيرة أخرى، تتعامل مع الانتحار كأحد المحرمات دون النظر في محاولة منعه"، لم تنفتح الأبواب بسهولة لها، ففي عام 2015 فقط انتحر 133 ألف شخص حسب إحصاءات الحكومة الهندية، لذا أطلقت قبل حوالي عام مؤسسة بعنوان "تحدث"، هدفها دعم الأسر الناجية من انتحار أحد أفرادها، ومن يحتاجون لمساعدة نفسية عموما، طافت "نانديني" مع مؤسستها أماكن مختلفة في الهند، اكتشفت أن ثمة كثيرين يريدون التحدث "لكن ليس لديهم فرص متاحة أو أماكن يذهبون لها"، تحاول الكاتبة من خلال المؤسسة دمج تخصصات مختلفة، بداية من العاملين في المجال الصحي، وحتى أولياء الأمور، أقامت المؤسسة حلقات نقاشية عديدة، انكسرت فيها حواجز الخوف.

الحديث مع الآخرين ساعد الصحفية، ما عادت تلقي اللوم على نفسها في انتحار الزوج، حينما تعمقت أدركت أن أقارب من ينهون حياتهم يمرون بمراحل أساسية "الصدمة ثم الشعور بالخزي ثم الصمت التام والتكتم كأن شيئا لم يحدث"، كانت وصلت للمرحلة الثالثة قبل أن تقرأ للكاتبة الأمريكية، لا تنفك تتحدث عن زوجها الراحل عن 58 عاما في كل فرصة وسط الناس "كيف كان عبقريا في مجال عمله ولديه أسرة تحبه"، تخبر مستمعيها ألا يلوموا أنفسهم على رحيل الأحبة "لأنهم لم يريدوا الموت، هم فقط تمنوا إيقاف الألم".

تسمع "نانديني" حكايات مختلفة، كذلك الطبيب النفسي، الذي ظل داخل حالة "الخزي" لسنوات بعد انتحار والده "لم يكن يصدق أنه لم يستطع مساعدته وهو الخبير في تلك الأمور"، إلا أن نظرته تغيرت مع الوقت، وجّه ضيقه فيما بعد لمساعدة من لديهم ميول انتحارية، فيما لا تنسى الشاب الذي قابلته في إحدى المحاضرات وتغيرت نظرته قليلا عقب سماع حكايتها "قال لي إنه يعاني من ميول انتحارية لكن لا يريد لأحبائه أن يتألموا، ووجهناه للمساعدة الطبية المطلوبة".

خلال الفترة القادمة، يصدر الكتاب الثالث في مسيرة الصحفية الهندية، خصصته للحكي عن تجربة فراق زوجها، وكيف حاولت الخروج، مازال الألم يرافقها، غير أنها لا تنفك تبحث عن سبيل لتعيش حياة أفضل.

تابع موضوعات الملف:

"لن تذهب دموعنا سدى".. أمهات سنغافورة يحاربن الانتحار الذي سرق الأبناء

1 (2)

30 عاما من الاختباء.. أمريكية توثق حياة عائلتها بفيلم بعد انتحار الأم

2

"الصحة العالمية": 800 ألف شخص ينتحرون سنويًّا وكورونا غيّرَ خريطة الصحة النفسية عالميًّا (حوار)

3

حصلتُ على فرصة ثانية.. كيف صنعت "فوندا" من محاولة انتحارها طوق نجاة لآخرين؟

4

فراق الأحبة مُر.. كيف ساندت أمريكيتان أهالي المنتحرين؟

6

فيديو قد يعجبك: