إعلان

متحف الشارع.. "أحمد حامد" يُعيد مشاهدة الحياة في مصر من "حاجات مرمية"

09:36 م السبت 21 سبتمبر 2019

من مشروع متحف الشارع

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - شروق غنيم:
قبل خمس سنوات، بينما يجوب أحمد حامد شوارع وسط البلد، تعثر بـ"نيجاتيف / فيلم للتصوير" في الشارع، اندهش الشاب المهتم بمجال الفوتوغرافيا، التقطه على الفور، عاد به للمنزل وكأنه يحمل كنزًا، وحين وقعت عينه على أول صورة، تكوّن شغف تجاه اكتشاف هذا العالم، عثر على أول خيط لحلمه، وصارت "الحاجات المرمية" في الشارع وجهته لاكتشاف كيف كانت الحياة في الماضي.

1

كان لأول "نيجاتيف" مكانة خاصة في قلب الشاب الثلاثيني، أول صورة رآها لأسرة عائلة تقف "بروقان" لالتقاط الصورة وفي خلفية المشهد مسجد السيد البدوي في طنطا، دفعه ذلك لأن يكر باقي الـ36 صورة التي يحملها الفيلم، لكنه وجد إحداها ناقصة "رجعت تاني لكوم الزبالة اللي لقيت عندها الفيلم وأنا بتمنى إني ألاقيها، وفعلًا لقيتها"، يتذكر ذلك بينما بات لديه الآن مكتبة من الماضي صنع من أجلها صفحة تحمل "متحف الشارع".

2

صارت أعين حامد تهيم في تفاصيل الشوارع، تبحث عما يخطفه، يتفحص النظر في "الكراكيب" الملقاة على الطريق، توسّعت الفكرة بداخله "وبقى عندي كتب قديمة، مجلات، إعلان، فواتير قديمة، كارت معايدة، طوابع بريد وحاجات كتير لو مكنتش خدتها في شنطتي وسيبتها في مكانها، كانت هتداس أو هتتحرق"، لا ينتقي الأشياء بشكل عشوائي "في صور كتير معايا ومبنشرهاش مثلًا، لازم الحاجة تلمسني، يبقى ليها قيمة وتستحق التوثيق والمشاهدة، لأسباب فنية جمالية أو تاريخية".

3

قبل عشرة أيام أسس حامد صفحة تحمل اسم "متحف الشارع"، يجمع فيها مقتنيات رحلته في البحث عن الماضي "بدل ما بنزلهم بشكل عشوائي في منشوراتي على الفيسبوك يبقى الموضوع منظم أكتر"، لكن الصفحة ما هي إلا بداية حلم تشكّل بداخله "إحنا معندناش متحف في مصر للصور الفوتوغرافية رغم إننا من أكتر الدول اللي اتصورت"، يطمح الشاب الثلاثيني في تجميع الإرث البصري في مصر داخل متحف، لتوثيق المراحل المختلفة من عمر البلد، كذلك إتاحتها للعامة، يفكر في أن يجمع الصور تحت سياق واحد من أجل فكرة كهذه "بتمنى يبقى عندي مؤسسة تخليني أعمل ده، رغم إني عارف إن الموضوع كبير ومحتاج تكلفة ضخمة".

4

في رحلته البحثية عن مصر قديمًا من "الحاجات المرمية"، لا يتطلع حامد للعثور على شيء بعينه، يترك الشارع يسحره "سايب نفسي اتبسط وانبهر بكل حاجة أقابلها"، كل ما يهمه أن يعيد قراءة التاريخ بطريقة أخرى "عشان كدة مبدورش مثلًا على صور مشاهير، بالعكس أنا عاوز ألاقي صور للفلاح اللي حياته مليانة تفاصيل مدهشة، دي حاجات بحسها بتخصني وبتلمسني أكتر من إني مثلًا أبقى عاوز ألاقي حاجة عن الملك رمسيس".

صار الشاب الثلاثيني أمام بحر من الصور والمقتنيات القديمة "تكفيني نشر لمدة سنتين قدام"، لكن رغم ذلك يظل شغفه بإكمال النواقص، لا يحب أن تكون الحكاية مُفككة أو غير مكتملة، لذا حين وجد غلاف مجلة منذ فترة الأربعينات "وعليها كاريكاتير جميل، لكن مكنش موجود اسم المجلة ولا تاريخها، اللي هو أهم جزء"، انزعج حامد، لكنه عاد مرة أخرى إلى "كوم الزبالة ولقيتها".

5
مع كل مقتنى جديد؛ يعثر عليه حامد يتشكل شيئًا خاصًا في وجدانه، يُلقي نظرة على الماضي من صور مبعثرة فيتكوّن بداخله انطباع عن ناس زمان "كانت أروق وأهدى، كان واضح إن مصر فيها تنوع أكتر"، لكنه يعيد التفكير قليلًا "وساعات بقول إن لحظة الروقان دي ممكن تكون وقت الصورة بس مش بالضرورة حياتهم كلها كدة".

6
أخذت الفكرة مساحة كبيرة داخل حامد، سافرت معه في كل مرة خرج برة مصر، حين ذهب إلى ألمانيا "بقيت برضو بجمع الحاجات اللي من الشارع"، بات لديه أرشيف خاص ببرلين، في إحدى الصور يظهر عصفور في غابة، أخرى اثنين من كبار السن "بيتمشوا مثلًا"، فيما كان من نصيبه حين ذهب إلى الأردن أن يحتفظ داخل المتحف بــ"كشكول لطالب مدرسة كاتب فيه أغاني كاظم الساهر، فكرني بفترة أنا عيشتها".

يشعر الشاب الثلاثيني أحيانًا بامتنان لعدم معرفته أصحاب المقتنيات "يعني دي مثلًا فكرت إنه ممكن يبقى ولد أو بنت، بسيب الخيال لنفسي أكتر عن هوية صاحب الحاجة"، فيما جلب من اليمن معه علبة سجائر "روحتها قبل الحرب وفي نوع سجاير هناك مشهور وعلى العلبة رسمة لجزيرة".

7
داخل منزله تتناثر علب الماضي، يحتفظ بداخلها على كل ما عثر عليه في رحلته داخل مصر وخارجها، عُرف وسط أصدقائه بشغفه "فبقوا يعرضوا عليا يجيبوا لي صور من عندهم وحاجات قديمة"، يُسلم حامد نفسه لتلك الحالة، يتمنى أن يطور المتحف، أن يصبح واقعًا وليس صفحة على فيسبوك "بس أنا في العموم مبسوط، أنا بعمل حاجة لمزاجي ولهوايتي اللي بحبها، إني أشوف التاريخ والفن والتصوير وأجمع حكايات عنهم".
8

فيديو قد يعجبك: