إعلان

بعد 14 سنة في شوارع مصر.. كم يكلف استبدال التوكتوك بـ"الميني فان"؟

07:47 م الخميس 12 سبتمبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- رمضان حسن:
بعد 14 سنة من سير "التوكتوك" في شوارع المحروسة، واعتباره أحد أهم المواصلات الداخلية بالمناطق الشعبية والريفية، منح رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي، الخميس الماضي، وزارة المالية والجهات المعنية مهلة 3 أسابيع لوضع خطة لتنفيذ إحلال "التوكتوك" بـ"الميني فان".

سوق "التوك توك" في مصر متشابك ومعقد، يبدأ بالشركات المستوردة من الخارج للأجزاء الأساسية والمصانع التي تنتج 65% من الصناعة المغذية لهذه المركبة، وينتهي بسائق التوكتوك والمواطن الذي يستخدمه كوسيلة مواصلات، وبينها أطراف أخرى، أبرزها شركات تتولى عملية التجميع، والوكلاء وأصحاب معارض البيع وقطع الغيار والصيانة، وفوق هؤلاء الحكومة ممثلة في الجهات التشريعية والتنفيذية .

أرقام-وحقائق-عن-التوك-توك

كم ستكلف خطة استبدال السيارات الميني فان بـ"التوك توك" الدولة ماديا؟ وكيف يرى أصحاب المصانع ووكلاؤهم والموزعون إقدام الحكومة على هذه الخطوة؟ وما رأي ملاك وسائقي وركاب التوكتوك في عملية الإحلال والاستبدال؟ هو ما يرصده مصراوي في هذا التقرير.
وفق تقديرات للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في عام 2018، يوجد3 ملايين توكتوك تعمل في مصر، منها 260 ألف مركبة مرخصة، بحسب المستشار نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء.

وبحسب ثلاثة من كبار التجار وأصحاب معارض بيع "التكاتك"، فإن سعر التوكتوك المستعمل تحدده حالته أولاً، ثم سنة الصنع، حيث يتراوح ثمنه بين 10 و30 ألف جنيه، أي أنه يمكن تقدير متوسط سعر التوكتوك الواحد بـ20 ألف حنيه.

ويؤكد بيان مجلس الوزراء أن عملية الإحلال تشمل جميع مركبات التوكتوك "برنامج استبدال وإحلال التوكتوك بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل الميني فان تعمل بالغاز الطبيعي". ويبلغ متوسط سعر السيارة الميني فان 120 ألفا، وهو ما يعني أن عملية الإحلال والاستبدال ستتكلف 360 مليار جنية لتوفير 3 ملايين سيارة ميني فان.

3 مليون توك توك في مصر

"وزارة التنمية المحلية تدرس حاليا السماح للتكاتك المرخصة فقط بالاستمرار في العمل في القرى والنجوع فقط، ولن يكون هناك أي تواجد لتوك توك في الشوارع الرئيسية"، كما يقول الدكتور خالد قاسم، المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية.

أما عن مصير التكاتك المرخصة الموجودة في المدن والقاهرة الكبرى، يقول قاسم، أنه ستكون هناك آلية محددة تمٌكّن صاحب التوك توك المرخص ببيعه في القري والمحافظات للاستفادة بأكبر عدد ممكن من التكاتك المرخصة قانونيا في القري، مشيراً أنه سيتم وضع حوافز لمالكي التكاتك من أجل التحويل إلى "الميني فان".
في هذه الحالة، لن يحدث انخفاض كبيرة في تكلفة الإحلال والاستبدال، فبعد خصم تكلفة التكاتك المرخصة في مصر والتي تقدر بـ260 ألف توك توك، ويبلغ سعرها الحالي 31 مليارا و200 مليون جنيه، ستكون تكلفة استبدال وإحلال 2 مليون و740 ألف توكتوك بـ"السيارات الميني فان" هي 328 مليارا و800 مليون جنيه.

أزمة المستوردين والمصنعين

مجموعة "جي بي غبور أوتو" إحدى 3 شركات مستوردة لـ "التوكتوك" في مصر، فهي الوكيل الرئيسي لشركة "بجاج" الهندية، ولديها مخزون كبير عند الوكلاء المعتمدين ومسؤولي خطوط الإنتاج، سواء من المركبات أو قطع الغيار.

تقول مها أبو الفتوح، مدير قطاع العلاقات العامة والاتصالات بغبور، إن الشركة تنتظر تقارير من مسئولي خطوط التوزيع والوكلاء المتعمدين لحصر حجم الضرر المتوقع، ومخاطبة الجهات الحكومية التنفيذية بعد دراسة متأنية على أرض الواقع.

كان رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي طالب بعقد اجتماع مع مصنعي "التوك توك"، لبدء تحويل خطوط إنتاجهم لسيارات "الميني فان"، منوها بأنه كان يوجد تنسيق مسبق معهم على تخفيض إنتاجهم من مركبات "التوك توك"، تمهيدا لتنفيذ برنامج الاستبدال والإحلال.

ويرى المهندس حسين مصطفي، المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، أن الاستغلال الأمثل للتكاتك المستعملة والجديدة هو تصديرها كقطع غيار إلى الدول التي تستخدم التوكتوك، لتقليل ما تتكبده الدولة من أجل عملية الإحلال والاستبدال، موضحا أن التنفيذ سيستغرق سنوات، ولذلك من الأفضل استخدامه في القرى والأقاليم بعد تقنين وضعه، وفقا لقانون صارم حتى يتم السيطرة عليه والحد من استخدامه في الجرائم.

الصورة 1

تصل مكونات التوك توك التي يتم إنتاجها محليا 65%، ولا تتجاوز المكونات المستورة 35% مثل المحرك والشاسيه الذي يحمل المركبة، وفقا لغرفة الصناعات الهندسية. يقول المهندس عبدالمنعم القاضي، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية وعضو اتحاد الصناعات المغذية للسيارات إن قرار استبدال التوكتوك بالسيارات "الميني فان" لن يؤثر سلبا بنسبة كبيرة علي حجم الصناعات المغذية للسيارات والمركبات، مشيرا إلى أن حجم هذه الصناعة يصل لـ10% من حجم الصناعات المغذية للمركبات والدراجات النارية والسيارات.

وتابع:" الصناعات المغذية للسيارات ستستفاد بشكل أكبر من السيارات الميني فان عن التوك توك، وربما تتجاوز حجم الاستفادة الـ 30%، وهو ما يعني انتعاش الصناعة في مصر في السنوات القادمة". رجح ألا تتأثر خطوط انتاج الصناعات المغذية للتوكتوك بهذا المشروع "المصانع هتغير خط الإنتاج من احتياجات التوكتوك للسيارات الميني فان".

الصورة 2

بينما يري عادل سعيد (61 سنة)، أحد الموزعين لشركة بجاج وصاحب معرض لبيع التكاتك، بشارع ناهيا بالجيزة، أن قرار الحكومة بمنع التوكتوك "خراب بيوت لهم"، لاسيما أن أغلب التجار، لديهم بضاعة في المخازن تقدر بملايين الجنيهات، "المفروض كان حد بلغنا قبلها بفترة أو على الأقل يوقفوا استيراده أنا عندي تكاتك وقطع غيار في المخازن بملايين، وبعدين لو عايز تمنعه فعلا يبقي لازم توقفه من المنبع قبل ما الشركات تستورده ويدخل البلد".

منذ 12 عاما، حصل عادل على توكيل بيع وتوزيع "التوكتوك" في مصر بعدما أسس شركة صغيرة مع أخيه تعمل في مجال الدرجات البخارية، يقول الرجل: "التوكتوك طلع قرارات بحظره كتير قبل كدا، بس المرة دي الموضوع غير كل مرة"، مشيرا إلى أن التجار وأصحاب المعارض هم أكثر المتضررين من هذا المشروع "أنا معنديش مشكلة أنهم يمنعوه، بس يعوضوا خسارتنا، وهحاول أرجع للشركة اللي معاها التوكيل علشان تشيل معايا الخسارة، ولأني أنا تاجر ع قدي".

أما عن فكرة استبداله بسيارات "الميني فان"، يعتقد "عادل" أنها ستقضي على الفوضى التي يحدثها تواجد التوكتوك في الشارع: "وجود سيارة قانونية ومرخصة أفضل طبعا، ولكن يبقي في خطة أو دراسة تلغيه بس برضو بدون خسائر سواء للسواقين أو التجار أو حتى الحكومة".

الصورة 3

السائقون والركاب

قبل أسبوع من القرار، اتفق "إبراهيم خالد" مع معرض مشهور بالجيزة على شراء "توك توك" جديد، إلا أن قرار رئيس الوزراء عطل هذا الاتفاق. أراد الرجل استبدال "المكنة" المستعملة التي يعمل عليها منذ سنوات بأخرى جديدة مرخصة، وبالفعل دفع 15 ألف جنيه مقدم لصاحب المعرض لحين إنهاء باقي الأوراق الخاصة بترخيصه والتي ستنتهي بعد شهر، بحسب ما أكد له صاحب المعرض.

"متفاجئتش بقرار منع التوك توك، اتقال كتير أنه هتيحظر بس ما بيحصلش"، يقولها إبراهيم صاحب الـ38 عاماً، الذي لا يوجد مصدر رزق لأسرته المكونة من 5 أفراد غير "سواقة التوك توك"، ويتراوح دخله بين 180 و200 جنيه يوميا، "لو منزلتش يوم اشتغل عيالي مش هيلاقوا يأكلوا".

الصورة4

"أتمني يكون عندي عربية بدل التوك توك، علشان الكل بيبص لسواق التوك توك على أنه حرامي أو مجرم، وبيتعاملوا معاه بحذر"، يقول جمال سيد (28سنة)، سائق "توك توك" بمنطقة حدائق القبة بالقاهرة، والذي يرى أن المشروع تأخر لسنوات بعدما انتشر "التوك توك" في كل محافظات مصر تقريبا، "مشروع كويس بس ياريت محدش يضّر من السواقين، ومعنديش مانع أمشي قانوني".

منذ 3 سنوات، يعمل "جمال" بأحد مصانع المواد الغذائية بأكتوبر، إلا أن مرض ابنه الصغير أجبره على العمل سائق "توك توك" باليومية ليلاً بعد وردية عمله في المصنع، "مرتبي في المصنع ماكنش بيكفيني أنا وولادي، ولما ابني تعب وقعد فترة كبيرة في المستشفى، المصاريف كترت، وبعدين اشتريت توكتوك مستعمل واشتغلت عليه".
يضيف: "أنا سواق أصلا ومعايا رخصة درجة تانية، ومعنديش مشكلة أدفع ضرائب وأرخص كل سنة كمان، بس ما نتعاملش نفس المعاملة اللي بتعاملها وأحنا سواقيين تكاتك".

الصورة 7

"أكيد السيارات هتكون آمن وأحسن من التوك توك"، تقول سناء عبد الرحمن، موظفة بالشهر العقاري، والتي تعودت على استقلال "التوكتوك" منذ 3 سنوات في رحلتها اليومية للعمل، "بركب التوك توك علشان المسافة بين البيت والشغل مش كبيرة، ومش بقدر أمشيها، ولكن بخاف أوقف توكتوك لوحدي بالليل وأقوله وصلني للبيت".
وتضيف: "رغم أنه بيعمل مشاكل، بس في مناطق مش هتقدر تستغني عنه، علشان أرخص ويقدر يدخل أي مكان، وأكيد علشان أخد عربية مخصوص هدفع لى 50 جنيه ع الأقل".

الصورة 5

يتفق سيد حسن، العامل بأحد معارض بيع التكاتك بالقاهرة مع سناء، "التوك توك ممكن تاخده مخصوص ومش هتدفع 20 جنيه، إنما العربية أكيد أغلي"، مشيرا إلى أنه يعد وسيلة مواصلات مهمة في المناطق الشعبية، متوقعاُ صعوبة أن تحل السيارات "الفان" محله، "الحل الأنسب هو صدور قانون حازم بشأن مخلفات التوكتوك في الشارع، ولازم يكون الكل مرخص علشان تقدر تحاسبه زيه زي سواق الميكروباص".

لم تتغير حركة بيع التكاتك كثيرا منذ شهور، بحسب سيد، "مفيش حركة بيبع في سوق التكاتك من شهور لو هتقارن بالسنة اللي فاتت، لأن دلوقتي مينفعش توك توك يطلع من المعرض غير لما ورقه يكون خلصان، وكمان سعره وصل لـ 40 ألف جنيه".

الصورة6

هل يطبق الحظر؟

البرلماني محمد الحسيني، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب يرى: "أن فكرة مشروع الإحلال جيدة للغاية، وستحل أكبر الأزمات التي يعاني منها المواطنين في الشارع"، واصفا قرار رئيس مجلس الوزراء بالجريء.

وأكد: "السيارات أكثر آمنا من التكاتك، وهتقلل من الجرائم والمشاكل التي يحدثها سائقي التكاتك، واللي أغلبهم الأطفال"، لافتا إلى أن هذه المهنة قضت على نسبة كبيرة من أصحاب الحرف وعمال الورش "هي مصدر رزق سريع وسهل، ولكن نحتاج أن ندعم الحكومة في تطبيق هذا القرار حتى تظهر مصر دائما بالصورة الحضارية التي تعودنا عليها".

خط-سير

بدوره، يقول المهندس حسين مصطفي، المدير التنفيذي السابق لرابطة مصنعي السيارات، إن الطاقة الإنتاجية لتجميع وصناعة سيارات "الميني فان" في مصر لا تكفي لطرح 3 ملايين سيارة خلال الـ 3 سنوات، المدة التي حددتها الحكومة للمشروع، موضحا أنه يوجد 3 مصانع فقط في مصر تعمل في صناعة وتجميع السيارات "الميني فان"، ويتراوح حجم الطاقة الإنتاجية لهم بين 30 : 40 ألف سيارة سنويا، بالإضافة إلي 50 ألف سيارة يتم استيرادها من الخارج سنوياً.

فيديو قد يعجبك: