إعلان

"عرضحالجية" التموين.. تظلّمات الاستبعاد تُنعش مهنة سماسرة إنهاء الأوراق

04:19 م الثلاثاء 15 أكتوبر 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد شعبان ومحمود عبد الرحمن:

أمام مكتب تموين "بولاق ب" بمنطقة فيصل، وقف عدد من المواطنين في طابور طويل من أجل تقديم تظلّمات بعد استبعادهم من صرف السلع التموينية، وإنهاء إجراءات أخرى يقدمها المكتب، فيما كان هناك طابور آخر، أمام منضدة بلاستيكية تتناثر عليها الأوراق، يجلس خلفها "أشرف جمال"، أحد "السماسرة" الذين يساعدون المواطنين على إنهاء أوراقهم وإجراءاتهم بمقابل مادي.

20191007_133802

"الناس مش بتحب تقف في الطوابير الطويلة وتستنّى، وأغلبهم معندوش إلمام بالأوراق المطوب تقديمها، فأنا بساعدهم وباخد مقابل"، يقول "أشرف" (46 سنة) الذي يقدّم للمواطنين خدمات مثل ملء الأوراق المطلوبة، وتعريفهم بالإجراءات الواجب اتباعها من أجل استخراج بطاقة جديدة، أو تقديم تظلّم وغيرها، كما يجيب على تساؤلاتهم حول مواعيد إضافة المواليد إلى البطاقات، وكيفية إضافة الزوجات.

"فيه ناس كبيرة في السن متقدرش تيجي وهتتعب في الطوابير والإجراءات، فبياخدوا الطريق القصير والسهل وييجولي وآخد منهم 5 جنيه او 10 جنيه"، يذكر الرجل بينما يوضّح لسيدة ثلاثينية الأوراق المطلوبة من أجل فصل اثنين من إخوتها من بطاقة والدها.

طوال 4 سنوات، يقوم "أشرف" بمهمة " الوسيط" أو "السمسار" بين المواطن ومكاتب التموين، كان أغلب القادمين إليه يريدون إضافة أحد أفراد الأسرة إلى البطاقة، أو استخراج بطاقات جديدة أو "بدل فاقد"، أو "فصل" أحد الأبناء من بطاقة والده، لكن الحال تغيّر منذ أغسطس الماضي، وانتعشت مهنة "أشرف" وغيره من الجالسين أمام مكاتب التموين، فقد زاد على الخدمات سالفة الذكر؛ إضافة المواليد، وتقديم التظلّمات، خاصة مع بدء وزارة التموين عملية تنقية البطاقات التموينية واستبعاد غير المستحقّين التي تتم على 4 مراحلة.

في المرحلة الأولى، تم تنقية البطاقات ممن لديهم سيارات فارهة، أو يتجاوز استهلاك الكهرباء لديهم ألف كيلووات، أو يدفع رسوماً دراسية للطفل الواحد تصل إلى 30 ألف جنيه، وفي المرحلة الثانية تم حذف من يتجاوز استهلاك الكهرباء 650 كيلووات، أو تبلغ فاتورة هاتفه المحمول 800 جنيه فأكثر، إضافة إلى أصحاب الوظائف العليا.

ونتيجة لعمليات التنقية، وصل إجمالي من تم حذفه وفقًا لمحددات شهر فبراير الماضي 3.5 مليون مواطن، بعضهم تعرّضوا للحذف العشوائي، دون سبب، ما دفع كثيرين للتقدم بتظلمات استجابت الوزارة لعدد منها. وأعلنت أول أكتوبر الجاري، إعادة 1.8 مليون مواطن للبطاقات التموينية تنفيذاً لتوجيهات رئاسية، فيما أعلنت الوزارة أنه على الباقين تقديم تظلّماتهم، طوال الشهر الجاري، على أن يتم فحصها خلال 15 يوماً، بدلاً من 21 يوماً، ولن يتم إيقاف صرف السلع التموينية حتى يتم البتّ في التظلم.

على مكتب صغير بداخل غرفة مجاورة لشباك مكتب تموين الطالبية التابع لمحافظة الجيزة، اصطف عدد من المواطنين المترددين، أمام "عم ممدوح"، موظف سابق بمكتب التموين. يجلس الرجل، وبجواره سيدة أخرى، تساعده على كتابة استمارات التظلمات مقابل 5 جنيهات عن كل استمارة "كنت شغال هنا وبعد ما طلعت على المعاش قولت أساعد نفسي" يقول صاحب الـ60 عامًا.

72472520_2464579637121888_7987440870389448704_n

يبرر "ممدوح" طبيعة عمله قائلاً إنه يساعد المواطنين الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، مقابل مبلغ بسيط، فيما يذكر "أشرف" أن أغلب القادمين إلى مكاتب التموين "بيكونوا مش فاهمين إيه المطلوب بالظبط، والموظّف لو رد على كل مواطن مش هيقضي مصالح حد، فاحنا بوفّر عليهم مشاوير وتعامل مع الموظفين، بقضي حوائجهم وبسترزق"، وفق ما يقول.

مع ساعات الصباح الأولى، قدم "مصطفى إبراهيم" من محل إقامته بمنطقة التعاون بالجيزة، قاصدًا مكتب تموين الطالبية لتقديم طلبه، "بعمل بطاقة تموينية جديدة". وقف في طابور طويل، حتى أعطى له موظف الشباك استمارة سعرها جنيه، ليخبره بعدها بالذهاب إلى "عم ممدوح" بالغرفة المجاورة لإنهاء الإجراءات. "أنا افتكرت إنه موظف تابع للمكتب ولازم هو يخلص الورق"، يقول مصطفى باستغراب.

72257056_2464579760455209_177347780996497408_n

الخوف من وقع خطأ أثناء كتابة الاستمارة، هو ما دفع صباح عبد الرحمن، معلمة بإحدى المدارس الحكومية، للذهاب إلى "عم ممدوح" والوقوف جوار الغرفة انتظارًا لدورها "بكون عازوة انجز وبخاف أغلط في حاجة تخليني ارجع اشترى استمارة تانية وأقف في الصف من جديد"، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم فيها بعمل تظلم ودفع خمسة جنيهات لـ"عم ممدوح" كرسوم كتابة الاستمارة، ورغم أنها لا تؤيد دفع الأموال مقابل ملء الاستمارة، لكنّها تقول إنها مضطرة لذلك تجنبًا لتعنت الموظفين.

الخدمات التي يقدمها "أشرف"، و"عم ممدوح" بمقابل مادي، أمام مكاتب التموين، يقدمها "أبو بكر حسن"، عضو بحزب الحركة الوطنية، بالمنيا، دون مقابل. يهدف "أبو بكر"، بحسب قوله، إلى خدمة المواطنين في المقام الأول، والترويج لحزبه، يستقبل الأوراق اللازمة من المواطنين، ويقوم هو بملء الاستمارات وتقديم التظلمات إلى مكاتب التموين، يقول "عملت حوالي 200 تظلّم الشهور اللي فاتت للناس اللي تم استبعادها، ورجع منهم حوالي 40 واحد".

72426718_2464579933788525_2553706714327154688_n

كذلك كان الأمر مختلفًا داخل مكتب تموين الهرم الواقع بنادي مركز شباب الوفاء بالجيزة. لا وجود لسماسرة إنهاء الأوراق، حيث توزعت العديد من اللافتات أعلى الشباك تحمل بعض التنبيهات التي تحذر المواطنين من "التعامل مع أي شخص خارج المكتب من غير الموظفين"، وتوضح أن سعر الاستمارة جنيه واحد فقط لا غير، يقول علي صلاح، أحد المترددين على المكتب "هنا التعامل مع الموظف مباشرة، بتاخد الاستمارة تكتبها وتسلمها وأنت واقف".

فيديو قد يعجبك: