إعلان

3 حكايات من "خليها تصدي".. لماذا لجأ مشترو السيارات إلى المقاطعة؟

07:56 م الثلاثاء 22 يناير 2019

حكايات من حملة خليها تصدي

كتبت- شروق غنيم: 

تصوير- كريم أحمد:

وضع أحمد مسعد ميزانية لشراء سيارة تُعينه على عمله، تجول في أسواق السيارات المستعملة في بلده المنصورة، لكنه عاد أدراجه مُحبطًا فقرر أن يزور معارض سيارات القاهرة لكن دون جديد. يمتلك مسعد المبلغ المُراد دفعه لكنه يرفض الشراء "لإنها متستاهلش كل المبلغ ده، الأسعار مبالغ فيها خصوصًا إني بدور على عربية موديل قديم ومستعملة كمان".

كان ذلك قبل ثمانية أشهر، انتظر مسعد ريثما يحدث فارقًا في الأسعار، حتى تعثّر ابن المنصورة في مجموعة لحملة "خليها تصدي" على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". انضم إليها سريعًا وبات مؤيدًا لأهدافها، ارجأ عملية الشراء لحين يتلمّس آثار الحملة على أرض الواقع.

انتشرت صفحات ومجموعات عِدة تحمل اسم "خليها تصدي" على "فيسبوك" -الذي يستخدمه قرابة 55 مليون مصريًا حسب إحصاء لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب عام 2017-، جميعها تُنادي بمقاطعة شراء السيارات لحين انخفاض أسعارها.

شراء سيارة كان "حلم حياة" مصطفى الجمل، لكن طالما انشغل عقله بسؤال "ليه العربيات في الخليج سعرها أقل مننا؟". كان يُخبر نفسه بأن ذلك يرجع للجمارك.

ولكن مع بداية يناير العام الحالي طُبقت الشريحة الأخيرة من التخفيضات الجمركية على السيارات الواردة من الاتحاد الأوروبى طبقًا لاتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، لتصل قيمة الجمارك إلى صفر، بينما أُعفيت تركيا من الجمارك بنسبة 90%، في حين تخضع كافة السيارات المستوردة (بما فيهم الأوروبية والتركية) إلى ضرائب أساسية وهي؛ ضريبة القيمة المضافة بنسبة 14%، و0.5% ضريبة أرباح صناعية وتجارية، و3% رسوم تنمية موارد، و1% ضريبة جدول بإجمالى 18.5%. 

تعرّف الجمل على حملة "خليها تصدي" مُبكرًا، كان ذلك عام 2017 حين أراد شراء إحدى السيارات موديل عام 2000 ووجد سعرها مرتفعًا "كانت بـ100 ألف جنيه، مفهمتش إزاي عربية معدي عليها 17 سنة وبالمبلغ ده". امتنع صاحب الـ26 عامًا عن الشراء، وبينما يبحث عمن يشاركه التجربة وجد الحملة "مسكت فيها بإيدي وسناني، وحسيت إن في ناس زيي وممكن نعمل فرق".

تضم المجموعة التي يتواجد بها الجمال 45 ألف مشتركًا، عهد فيها تقلبات خلال عامين؛ بين التفاعل القوي والهدوء. لكن منذ يناير العام الجاري وتشهد المجموعة حالة نشاط جماعية من الأعضاء "الحملة رِجعت تسمّع تاني" يتداولها المشتركون في أمل، عّل ينالوا ما يرجوه قبل عامين.

ما بين الجد والهزل ينشر المشتركون آراؤهم، أحدهم ينشر صورة لعربات متراصة ويُلحِقها بوسم (هاشتاج) الحملة، آخر يضع صورة لشاب يمتطي حصانًا يسير في طريق تملؤه سيارات "لو وصلت لكدة مش هنخلي حد يستغلنا"، فيما يبتكرون رسوم ساخرة ويضعون الحملة في سياقات مختلفة لمشاهد كوميدية من الأفلام.

في المجموعة الأولى حيث تضم قرابة نصف مليون عضوًا، يهتم المشتركون بمقارنة الأسعار بدول مختلفة مع فارق الأسعار " سعر تويوتا ياريس ٢٠١٩ في السعودية ٤٩.٥الف ريال أي ما يوازي ٢٣٥ الف جنيه وسعرها في مصر ٣٤٠الف جنيه.. ده يعني فرق سعر عادل ياحضرات؟". 

المتضررون من ارتفاع أسعار السيارات لم يقتصر على المشترين وحسب؛ بين المتفاعلين على مجموعة "خليها تصدي" تاجر عربات مستعملة. منذ عام 2009 بدأ عمرو خطاب في المهنة، كانت أجواء العمل مستقرة، لكن مع عام 2016 تغير الوضع.

حين تحرر سعر الجنيه (التعويم)، ارتفعت الأسعار على نواحي مختلفة، من بينها السيارات "اللي بيحكمني رأس المال اللي معايا، لو بشتري 5 عربيات واكسب فيهم، دلوقتي نفس الفلوس تخليني اشتري عربيتين بس والربح زي ما هو".

لم يتكبد فقط الشاب الثلاثيني عبئ ارتفاع الأسعار، ولكن الزيادة التي تشهدها العربات من الوكلاء، فقرر مع عام 2017 هجر المهنة. لكن قبل عدة أشهر حين عرف عن الحملة تجدد الأمل داخله "طول ما أنا فاتح نت بنشر على الجروب أفكار إزاي الحملة تلاقي صدى".

صباح اليوم اقترح على المشتركين نشر لاصقات تحمل شعار الحملة "اللي معاه عربية يحطها عليه، أو نعلق في الشوارع عشان اللي مش واصلاله الحملة على النت نوديها له لحد عنده".

رغم الانتقادات التي توجه إلى التجار على المجموعات المختلفة، ينأى خطاب بنفسه عنها "لإني بضيف ربح معقول على كل عربية وحسب سعرها، عمري ما أزوّد على 5 آلاف جنيه مثلًا"، في الوقت نفسه يتمنى أن تقوم الحكومة بدور رقابي "يكون في حساب للتاجر، وفي رِبح مُتبع في كل حتة" يضع نفسه ضمن هؤلاء دون انزعاج "لإن ده موقف حال الكل".

يتابع الأعضاء بنهم ما يُنشر عنهم في المواقع الإخبارية أو التصريحات التلفزيونية، يستنكر الجمال حين قال أحد المذيعين إن "في التجار المفروض يبقى ليهم ربح برضو، إحنا مش معترضين ولا عاوزينهم يخسروا لكن اكسب بشكل معقول، مش تبقى بتعّلي عليا أضعاف وشايف إن ده الطبيعي بتاعك"، فيما يوقنون بأنه رغم انتشار الحملة، لم تحقق شيئًا حتى الآن على أرض الواقع. 

يتفق معه مسعد، الذي يعمل مُدرسًا "إمبارح كنت بشوف عربيه موديل 2011 مستعملة وعاملة حادثة قبل كدة، واحد عاوز يبيعهالي بـ200 ألف جنيه، رغم إن الموديل بتاع السنة دي بـ260 ألف جنيه.. كدة أنا بيضحك عليا باسم إن التاجر لازم يكسب هو كمان".

ضاقت أحوال المعيشة بالجمّال، هجر مشروع الملابس الخاص به "صفّيته وخدت القرشين وسافرت". حين استقرت الأوضاع معه في إحدى الدول الخليجية اقتنى سيارة "موديل 2007 مستعملة بحوالي 32 ألف جنيه مصري" شعر الشاب العشريني "إن الموضوع سهل أهو، أومال ليه الدنيا معقدة عندنا". تذكّر حين أراد شراء سيارة من بلاده موديل 2000 "وكانت بـ100 ألف، ساعتها حسيت بمعنى الحملة فعلًا.. خليها تصدي بقى عندكم".

فيديو قد يعجبك: