إعلان

المدارس ترفع شعار "القبول بالتبرع".. ومديرون: "مقدمناش غير لوي دراع الأهل"

05:56 م الأحد 08 يوليه 2018

تلاميذ مدرسة حكومية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

التعليم: التبرعات ليست قانونية.. وعلى أولياء الأمور الإبلاغ عن المدارس التي تجبرهم

كتبت - نانيس البيلي:

تصوير - محمود بكار:

دخلهم البسيط دفعهم إلى إلحاق أبنائهم بالمدارس الحكومية ذات الرسوم المحدودة، غير أنهم فوجئوا ببَند ربما يكون ثابتًا يُثقل كاهلهم بأعباء إضافية، "تبرعات" مادية أو عينية تُجبر المدرسة ولي الأمر على دفعها مقابل قبول ابنه بها أو تحويل أوراقه من مربع جغرافي لآخر.

في نفس الوقت يرى مديرو المدارس أنه لا مفر من الضغط على أهل الطالب لتقديم تبرع للمدرسة للوفاء باحتياجاتها في ضوء الميزانية الضئيلة المخصصة لها "إن مكنتيش تلوي دراع ولي الأمر وتقوليله مش هاخد ملف ابنك، مش هيديكي تبرع للمدرسة" تقول "إلهام حسين" - اسم مستعار - مديرة مدرسة ابتدائية بمحافظة الدقهلية.

مستلزمات المدرسة عبارة عن ورق الامتحانات الشهرية ونصف وآخر العام، بجانب دفاتر المكاتبات للمدرسة، بحسب ما توضح "آمال إسماعيل" مديرة مدرسة ابتدائية بمحافظة الدقهلية، وتشير إلى أن ميزانية المدرسة تكون قليلة جداً (10% من مصروفات الطلاب).

التجريبية بمروحة!

___ ___ _____ _____ ______ _____ _______ _____ ______ _____ _____ ___ ____ 24-9-2017 (16)

"مروحة ومبلغ 300 جنيه"، دفعتهم "أمل محمد" - مُجبرة - كتبرع لنقل طفلتها إلى مدرسة ابتدائية تجريبية (حكومية) قريبة من منزلها بمدينة 15 مايو في حلوان، بعدما كانت تستقل صغيرتها - وقتما كانت بالصف الثاني - مواصلتين للوصول إلى مدرستها السابقة بذات المدينة.

يأتي ذلك على عكس قرار أصدره الدكتور الهلالى الشربينى وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الأسبق في أغسطس عام 2016، في الكتاب الدوري للوزارة رقم (39)، والذي نص على "حظر تحصيل مبالغ مالية من أولياء الأمور تحت مسمى تبرعات"، بهدف حرص الوزارة على التخفيف عن كاهل أولياء الأمور.

وأوضح القرار أن ذلك "لتفادى حدوث أية شكاوى، أو مشكلات بين أولياء الأمور وبعض إدارات المدارس، وذلك حال قيامها بتحصيل مبالغ مالية تحت مسمى تبرعات؛ نظير تحويل، أو قبول أبنائهم بالمدرسة، خاصة في بداية مراحل التعليم المختلفة (رياض الأطفال - الصف الأول الابتدائي - الصف الأول الإعدادي – الصف الأول الثانوي)".

قبل ذلك، أصدر الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم الأسبق، في يوليو عام 2014، كتابا دوريا برقم (18)، لحظر جمع تبرعات من أولياء الأمور لقبول طلاب جدد بالمدارس، أو التحويل من مدرسة إلى أخرى.

تبرعات مشروطة

___ ___ _____ _____ ______ _____ _______ _____ ______ _____ _____ ___ ____ 24-9-2017 (58)

"المفروض التبرعات تكون غير مشروطة" بحسب ما تقول "جمال صبري" مديرة مدرسة ابتدائية بقرية ميت الكرماء بالدقهلية، وتوضح آلية التبرع للمدرسة، ففي حالة التبرع المادي توردها للإدارة التعليمية التابعة لها لتضعها في الخزينة لحساب المدرسة "وبعد كده تتوزع على الأنشطة وأسحب منها حسب الاحتياج".

أما في حالة التبرع العيني، تقوم إدارة المدرسة بإثبات التبرع في دفاترها الرسمية، وفي نفس الوقت تُبلغ الإدارة التعليمية به وبنوعه وكل مواصفاته "لأنها أصبحت من ضمن عهدة المدرسة"، وفق "جمال" وإذا تلف أي من تلك التبرعات يرجع المدير لإدارته التعليمية "لو معملتش كده أتحاسب وأتسأل وديتها فين".

لم تكن "أمل" تعلم بمسألة التبرعات في المرات الأولى التي ذهبت للمدرسة لتقديم طلب تحويل أوراق طفلتها قبل 3 سنوات، كانت إدارة المدرسة ترجئ الأمر لذات السبب "يقولولي أصل الفصل مفيش فيه مكان". وقتها سمعت السيدة الأربعينية من بعض أولياء الأمور أن تحقيق مُبتغاها متوقف على تبرعها للمدرسة "عشان يرضوا يقبلوا بنتي".

سارعت "أمل" - التي تعمل خادمة لدى أسرة بمنطقة الشيخ زايد - إلى إدارة المدرسة وعرضت عليهم تقديم تبرعات "قولتهم لو عاوزين مراوح أو ديسك أو فلوس ماشي هدفع بس انقلي بنتي"، ورغم أنها أوفت بعهدها إلا أن المدرسة قبلت أوراق طفلتها بعد عامين "كانت البنت بقت في سنة خامسة.. دوخوني السبع دوخات".

التغاضي عن أحد شروط قبول أوراق الطفل أو تحويله من مدرسة أخرى، هو المقابل الذي يحصل عليه ولي الأمر نظير تبرعه للمدرسة، بحسب "جمال". وتتعدد التبرعات العينية وفقًا لاحتياجات كل مدرسة مثل "مروحة، أو كولدير، أو ديسك، أو درج".

وتذكر "إلهام" أن أحد أولياء الأمور تبرع لمدرستها بمجموعة لوحات إرشادية نظير التغاضي عن إجراء المقابلة الشخصية الإلزامية لطفله الملتحق حديثًا بالمرحلة الابتدائية "لأن الولد كان عامل عملية ومش هينفع يجي"، حتى لا يؤجل لعام آخر.

2018_3_3_18_0_40_438

إجبار ولي الأمر على التبرع للمدرسة أمر "غير قانوني" وفي حالة إثباته فإنه يدين مدير المدرسة، بحسب ما تقول "جمال" طبقًا لتعليمات وزارة التربية والتعليم، أما تبرع أهل الطلاب برغبتهم أمر "قانوني وسليم"، حد قولها، وحول طريقة قيامه بذلك توضح أن ولي الأمر يحضر للمدرسة ويعرض التبرع بنفسه، أو يسأل أحد معارفه عن المستلزمات التي تحتاجها المدرسة.

ما هو العقوبة أو الإجراء؟

التحويل إلى الشؤون القانونية والنيابة الإدارية، هي الإجراء الذي تتخذه الإدارة التعليمية ضد المدير الذي يُجبر أي ولي أمر على التبرع للمدرسة، أما العقوبة الموقعة عليه يحددها القانون بحسب "خالد حجازي" مدير عام إدارة القاهرة الجديدة التعليمية. ويضيف لمصراوي: هناك طريقتان قانونيتان للتبرع إما أن يبادر ولي الأمر من نفسه لتقديم تبرعات وهذا قليلاً ما يحدث، أو أن تعرض المدرسة ما تحتاجه وتترك المجال أمام أهالي الطلاب لمن يريد المساهمة وتسمى "مشاركة مجتمعية".

رغم أن "إلهام" تُشفق على أولياء أمور طلاب المدارس الحكومية "بتبقى حالتهم تعبانة أوي"، إلا أنها تتعجب من القناعة الراسخة لدى بعض القادرين منهم على التبرع الخيري، حيث لا يضعون المدارس ضمن المؤسسات المستحقة لأموالهم من أجل الثواب "بيقولوا نودي التبرع لأسرة فقيرة أو مستشفى أو مسجد أحسن من المدرسة".

وبحسب "جمال": قد تطلب إدارة المدرسة تبرعات من أولياء الأمور عن طريق مجلس أمناء أولياء الأمور بالمدرسة "ده بيحمي المدير إنه مبيختلسش ومبيحطش فلوس في جيبه"، وفي تلك الحالة يجب إبلاغ الإدارة التعليمية "عشان لو حد اشتكى المدرسة خدت تبرع حتى لو اتحط في المباني والفصول المدير هيروح في داهية".

___ ___ _____ _____ ______ _____ _______ _____ ______ _____ _____ ___ ____ 24-9-2017 (15)

في تلك المدة الطويلة، كانت "أمل" تشاهد قبول أوراق تلاميذ آخرين، منهم من تقدموا بطلب بعدها، تعاود الكَرة مرة أخرى، وأمام إدارة المدرسة "تيجي المديرة لحد عندي وتقول مفيش مكان"، حتى الآن لم تعرف الأم لـ3 أبناء سبب التعنت ضدها رغم تكبدها مبلغ التبرع "بس يمكن التانيين دفعوا تبرع أكتر مني" تقولها بنبرة ساخرة.

تلتمس "جمال" العُذر لقيام المدارس بالضغط من أجل الحصول على التبرعات، وترى بعض التناقض في منع الإجبار على التبرع في الوقت الذي تعاني المدرسة الحكومية من قلة الموارد "وأنت كمدير بيكون مطلوب منك خامات امتحانات وحاجات تانية كتير". وتشير إلى أن المدير يكون أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن يجمع تبرعات من الأهالي بأي طريقة أو يدفع من ماله الخاص ويحصلها بعد ذلك "لأن المدرسة بتصرف زيها زي البيت بالظبط".

التعليم: التبرعات ليست قانونية

"التبرعات الحكومية ليست قانونية ولا يوجد أي قرار يجعل ولي الأمر يدفع تبرعات للمدرسة بخلاف المصروفات المقررة" هكذا يعلق أحمد خيري المتحدث باسم وزارة التعليم. ويضيف لمصراوي أنه إذا خالفت أي مدرسة هذا الأمر فلا بد أن يقدم ولي الأمر شكوى في الإدارة التعليمية التابعة لها المدرسة وقتها تحول للشؤون القانونية وتعاقب.

فيديو قد يعجبك: