إعلان

فستان زفاف وقذيفة وطفلة تحتضن لعبتها.. كيف وثق مصورو غزة قصف "الاغتيال"؟ (صور)

02:51 م الأربعاء 21 نوفمبر 2018

صورة محمود الهمصل لقصف غزة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:
تصوير-محمود الهمص وسعيد الخطيب وعبد الرحمن زقوت وسند أبو لطيفة:

أسبوع انقضى على القصف الإسرائيلي لغزة، ومازال المصورون الفلسطينيون في القطاع المحاصر يواصلون تجميع التفاصيل المرئية عن ذلك الاعتداء المباغت. كان المشهد معتادًا في غزة لكن الحكايات الممزوجة بالألم تتجدد ولا تنتهي.

لم يختلف القصف الأخير الذي وقع في الحادي عشر من نوفمبر الجاري عن غيره مما شهدته غزة طيلة 13 عامًا منذ انسحبت قوات الاحتلال عام 2005، وتراجعت إلى خارج حدود المدينة الواقعة جنوب غرب فلسطين، فقط تَسارُع وتيرة الأحداث هو ما سجله 4 مصورين فلسطينيين كانت كاميراتهم مسجلة لتلك اللحظات العصيبة.

"بعد القصف تجد كل صورة أمام العدسة مؤثرة" يقول سعيد الخطيب. مصور الوكالة الفرنسية. لم تتوقف مهمة المصورين في غزة، فيما انضم إليهم سند أبو لطيفة، مصور مستقل. خلاف أصحاب العدسات لم يتمكن صاحب الاثنين والعشرين ربيعًا من التصوير يوم القصف.

يسكن أبو لطيفة في آخر بيت على الشريط الحدودي، وحينما وقع الحدث لم يتبين شيئاً، فقط أصوات الانفجارات ترج المكان، صعد لسطح منزله ليرى السماء أمامه مفتوحة مغطاة باللون الأحمر "الوضع كان عندنا خطر جداً. إذا تحركت بيتم استهدافي. خوفت مقدرتش أطلع"، لهذا خرج أبو لطيفة في اليوم الثاني.

توجه أبو لطيفة صوب حي الشيخ رضوان –غرب غزة، وفي بناية الرحمة التي تم قصفها، التقط المصور خيط التفاصيل، لمح فستان زفاف معلق وسط ركام شقة بدا أنه انتهى تجهيزها من قريب، صور الشاب ما رأته عينيه، ظن أن الهدم لحق بأحد محال ملابس الأعراس، لكن المفاجأة جاءت حين التقى فادي الغزالي. كان الأخير صاحب الشقة، ليخبره بقصة الرداء المتبقي من القصف، فهو لعروسه السورية التي قدمت قبل خمسة أيام إلى غزة لإتمام زفافهما.

قصف غزة

بدأ أبو لطيفة ممارسة التصوير بعد حرب 2014، لهذا يعتبر صورة فستان الزفاف من اللقطات التي يفخر بها لتفاصيلها الإنسانية، إذ وجد فيها وسيلة لتوصيل صوت القضية الفلسطينية، وما يعانيه أهل غزة، فرغم الحزن والألم عادت الصورة بالخير على أبو لطيفة، وأيضًا الشاب المكلوم، فقد أتاه العديد من ردود الفعل المثنية على الصورة، والمقدمة لمساعدات إلى العريس الغزاوي حسب قوله.

جاء النبأ غامضًا. ثمة عملية أمنية شرق خانيونس، لكن التفاصيل لم يمتلكها الصحفيون في البداية حتى نصف ساعة مما أحدث ارتباك كما يقول سعيد الخطيب، لكن عبر الأهالي بالمنطقة ومن مصادر صحفية علم المصور أن المكان أصبح مغلقًا "عسكرياً" من قِبل رجال المقاومة وباتت التغطية صعبة بحكم خطورة الاشتباك مع قوات الاحتلال والغطاء الجوي من الطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرة دون طيار "زنانة" حسبما يضيف الخطيب.

بعد ساعتين علم الخطيب بوجود الشهداء والمصابين في المستشفى الأوروبي فتوجه إليها، حال جميع المصورين في غزة، لكن الطريق لم يكن يسيرًا "الأجواء كانت ساخنة جدا وأعلنت حالة الطوارئ، وانتشرت القوات الأمنية وحواجز التفتيش.. كل عشرة أو عشرين متر نوقف.. استغرقت وقت طويل لكن وصلت بالأخير وصورت" كما يحكي عبد الرحمن زقوت، مصور مستقل.


كان يوم "زقوت" هادئًا، يقضي زيارة عائلية ببيت شقيقته، قبل أن يقرر قطعها، ويهم لأداء مهمته في تغطية الحدث غير المتوقع، بحسب وصفه، وبعدما أتم تصوير المصابين والشهداء في المستشفى توالت الأخبار "هناك تسلل وحادث اغتيال".

كذلك أسرع محمود الهمص لتسجيل ما يجري. استمر القصف على غزة طوال الليل، بالنسبة لمصور الوكالة الفرنسية "كان القصف مشابه لأيام حرب 2014 في كثافته خاصة من طائرات F16"، وكذلك استهداف مباني سكنية مأهولة وفندق يحمل اسم "الأمل". يعتبر صاحب الثامنة والثلاثين ربيعًا أن الصور المهمة التي التقطها كانت أثناء العدوان الإسرائيلي "صورنا كتير من الانفجارات الضخمة".

قصف غزة

كانت قوات الاحتلال كسرت الهدنة القائمة بمحاولة تسلل إحدى الفرق الخاصة إلى داخل القطاع من جهة خانيونس، لكن كشفها رجال من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة "حماس"، ووقع القتال بين الطرفين، مما أسفر عن استشهاد 7 فلسطينيين، بينهم "نور الدين بركة"، أحد قادة "القسام".

في اليوم التالي للقصف، داخل بلدة بني سهيلا، شرق خان يونس، من مسجد حمزة بن عبد المطلب، شُيع "نور الدين بركة" ضمن أربعة شهداء، والتقطت عدسة "زقوت" أكثر الصور المؤثرة بالنسبة له "كان باين أنه شخص عزيز على أسرته ولديه قاعدة جماهيرية واسعة، كانوا جدا متأثرين، وكانت حالة بكاء وحسرة".

3

بعد تشييع رجال المقاومة، انتظر الخطيب الرد الفلسطيني على اختراق الاحتلال لأجواء الهدنة، حتى جاء خبر استهداف المقاومة حافلة لجنود الاحتلال على السلك الفاصل في شمال غزة، حينها تهيأ المصور الثلاثيني لمعاودة القصف الإسرائيلي "جهزنا معداتنا واعتلينا المباني والأبراج"، وكما توقع المصورون انهالت الصواريخ على أهل غزة.

4

نحو يوم ونصف امتد التصعيد الإسرائيلي، لكن ما خلفه أضاف للمشهد الإنساني في القطاع المحاصر، وأصبح على المصورين أن يستكملوا التوثيق، ففور إعلان وقف التصعيد، توجه الخطيب إلى البيوت المدمرة.
في رفح عادت عائلة تلقب بـ"محمد ضهير" إلى منزلها، وإذا بالمصور يلمح طفلة صغيرة تخترق الركام بخطى سريعة، باحثة عن شيء، حتى مدت يدها والتقطته، كانت لعبتها المفضلة، نفضت عنها الغبار واحتضنتها ثم نظرت لحظات للمكان المحطم وأسرعت عائدة نحو والديتها والفرحة تملأ عيناها.

6

لقطات كثيرة حفظت لحظات من عمر القصف الأخير على غزة. في حي الرمال –وسط غزة- كان الهمص على موعد مع صورة جار فندق الأمل، ذلك المبنى السادس الذي دمرته صواريخ الاحتلال في العدوان الأخير. تضرر بيت الرجل بشكل كبير، لكن الأسى لم يكن على حاله فقط، فطوابق نُزل "الأمل" تساوت بالأرض وبات ما حوله ركامًا.

1252 وحدة سكنية تضررت جراء القصف و77 تهدمت بشكل كلي حسب بيان وزارة الاشغال العامة والإسكان في قطاع غزة عن الأضرار الناجمة عن القصف الإسرائيلي، والذي صدر في 18 نوفمبر الجاري.

7

كعادة مثل هذه الأحداث في غزة، لا يكون المصورون في منأى عن الخطر ولا الضغط النفسي، يظل صاحب الكاميرا في دائرة الهدف رغم وضع شارة الصحافة فوق السيارة كما يقول الخطيب.

ففي الوقت الذي قبع أبو لطيفة في قلب القصف، مستعيذا بالله من تكرار استهداف منزله في 2014، كان أمان الهمص مهددًا في محيط فندق الأمل، بعدما والى الاحتلال قصفه مرتين تباعًا خلال خمس دقائق، فيما هرع زقوت من منزل عائلة البريم في بني سهيلا- خان يونس- بعدما أعلمته قوات الدفاع المدني أن عليهم إخلاء المكان فورًا لأن ثمة قذيفة لم تنفجر "كنت قريب جدًا منها وكان شوي الوضع خطر"، وفي صباح اليوم التالي أصر المصور على تصوير الصاروخ غير المتفجر.

قصف غزة

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان