إعلان

"اتبرع ولو بفسيلة".. أهالي الوادي الجديد تتكاتف لإعادة نخيل "الراشدة"

04:18 م الثلاثاء 09 أكتوبر 2018

حريق قرية الراشدة

كتبت-إشراق أحمد:

تصوير-محمود أبو ديبة:

تُعرف الرجال في الشدائد. لم يغب ذلك المبدأ عن أهالي قرية بولاق في الوادي الجديد. ما إن علم محمود فهمي وسعيد عباس بحريق قرية الراشدة بمركز الداخلة، حتى سارعا بالتفكير فيما يمكنهما فعله للوقوف بجانب المتضررين، والتكاتف معهم بما في أيديهم، ولكونهما مزارعين ويعملون في تجارة البلح، فكان ذلك سبيلهما.

"اتبرع ولو بفسيلة" شعار استقرا عليه تاجرا البلح، أبناء قرية بولاق، التابعة لمركز الخارجة. نشروه على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المساجد، كي يعرف القاصي والداني من أهالي القرية بفكرة المبادرة الهادفة لإغاثة أهالي الراشدة. "محبناش نقف معاهم بالشكل المادي.. الناس مش هتقبل العوض بالفلوس، فحبينا نعوضهم بأقل حاجة نقدر نقف بيها جنبهم.. بفسايل النخيل". يقول محمود فهمي، صاحب فكرة المبادرة الأهلية.

وشهد مساء الجمعة الماضية، اندلاع حريق هائل في قرية الراشدة، استمر قرابة 16 ساعة، اسفر عن احتراق ما بين 18 إلى 20 ألف نخلة، على مساحة أكثر من 80 فدانًا، فضلاً عن الإصابات البشرية التي بلغت 47 مصابًا بيهم 11 من جهاز الحماية المدنية، وفقًا لوزارة الصحة.

علم فهمي بكارثة الراشدة عبر الانترنت كما يقول، ثم سرعان ما تواصل مع معارفه في القرية التي تقع على بعد نحو 230 كيلو متر من "بولاق". "كل شغلي في قرية الراشدة، بجيب منها بلح وحبوب" يقول فهمي إن القرية تتميز بالبلح السلطاني أو التمر، وهو ما فقدته، إذ أن موسم الحصاد لم ينته بعد، خلاف "البلح السيوي" الشهير الذي انتهى حصاده كما يوضح الرجل الثلاثيني.

يحمد فهمي الله أن الحريق لم يحدث في شهر إبريل، مع موسم حصاد الحبوب، يقول إن الخسائر لكانت تصبح أكثر، فيما انحصرت خسائر الراشدة الحالية في علف الماشية والنخيل كما علم الرجل من أصدقائه في القرية المنكوب، لهذا جاء تفكير فهمي وعباس بحكم عملهم في التبرع بالنخيل، الذي يعد مصدر الدخل الرئيسي للأهالي.

سار صاحبا المبادرة في طريقين متوازيين، دعوة أهالي "بولاق" للتبرع من ناحية، والتواصل مع رئيس الوحدة المحلية من جانب آخر. وعلى الرغم من ترحيب الأخير بالفكرة، لكن التردد لم يغب "قال لنا الموضوع ممكن يكون صعب شوية إزاي تتجمع حوالي 150 فسيلة في وقت قصير"، فيما كان الحماس واليقين من أصالة أهالي الوادي يملأ نفس فهمي وشريكه، فأخبروه "هنعمل اللي ربنا يقدرنا عليه واللي عايز يتبرع باب الخير مفتوح"، وقد كان.

لم يتوقف رنين هواتف فهمي وسعيد، يستقبلا اتصالات من أصحاب الأراضي، من يخبرهم "تعالوا أرضي خدوا اللي أنتوا عايزينه، اللي يقول خدوا 5 و10 فسايل". يقول سعيد، الشريك الثاني في المبادرة، إنه تفاجئ برد الفعل "بنتكلم عن الفلاحين، الناس البسيطة بس قادرة تساعد.. يمكن عندها 5 فدادين مش كلها نخيل لكن برضه أصرت تتبرع".

وامتد الأمر إلى مطالبة البعض ممن لا يملكون الفسائل أن يتبرعوا بالأموال، يتذكر سعيد بعض الغرباء تصادف وجودهم في مسجد القرية بينما يدعون للمبادرة، طالبوا بأن يشاركوا، لكن صاحبا المبادرة اتفقا على رفض التبرع المادي من البداية "عشان مفيش صندوق وعشان نتجنب الشبهات" كما يقول سعيد.

التكاتف في الوادي الجديد ليس جديدًا، يقول فهمي إن حريق الراشدة هو الأصعب ولكنه ليس الأول "كانت بتحصل حرايق بس في حدود 3 أو 5 فدادين بالكتير وصاحب الأرض بيعوضها أو بتتعوض من القرية نفسها ومبيسمحوش أنها تطلع بره"، لكن فداحة الحريق الذي امتد من الراشدة إلى قرية العوينة المجاورة، كان أكبر من أن تقف أمامه أهالي الوادي الجديد دون تدخل.

أكثر من 200 فسيلة تم التبرع بها إلى الآن، ومازال التواصل مع صاحبي المبادرة أو الوحدة المحلية مستمرًا حسب قول فهمي، وفقط ينتظر الرجل وشريكة الانتهاء من عملية تنظيف الأراضي من آثار الحريق، حتى يتم نقل الفسائل، وقد جهزا ما يشبه وحدة إخلاء، فمجرد أن تأتيهم إشارة الانطلاق من قبل أهالي الراشدة والوحدة المحلية، يتم التحرك على الفور، ويشير فهمي إلى أن ذلك من المتوقع أن يكون في غضون يوم الأربعاء أو الخميس القادم.

وفيما جاء أغلب المتبرعين من قرية بولاق، يطمح الشريكان أن تتوسع المبادرة لتشمل كل قرى الوادي الجديد "قرية تتطلع 100 وتانة 50 بحيث مع نهاية شهر 10 تبقى كل الراشدة عندها فسايل نخل جديد".

فيديو قد يعجبك: