إعلان

كيف هزم "التعويم" الأطفال؟

06:17 م الأحد 08 يناير 2017

أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

طفلتان لم يتعد عمرهما الـ10 سنوات، تترابط أيديهما في الطريق إلى المدرسة الابتدائية، تحمل ظهورهما حقائب صغيرة تتلائم مع أجسادهما الضئيلة، تتبادل الفتاتان حديثًا يتناسب مع طفولتهما البريئة، فيما تنصب كل آمالهما في الحصول على قطعة حلوى تعينهما على مشقة يوم دراسي طويل.

أمام كشك خشبي، يُجاور مدرسة الإمام علي بن أبي طالب بحي المطرية بالقاهرة، تمد كلًا من "بسملة" وابنة عمها "رقية" يدها بجنيه واحد فقط، هو كل ما تتحصل عليه الصغيرتان من مصروف يومي، فيما تسيطر الضحكات على وجوههما البريئة.

تنادي الطفلتان على البائع "عايزة من ده يا عمو"، يرد الرجل الخمسيني باستعطاف شديد "غلي يا حبيبتي، بقى بجنيه ونص"، فيما يخيم الحزن على وجه الفتاتان، قبل أن يمرا سريعًا إلى داخل المدرسة الحكومية، دون الحصول على حلوتهم المُفضلة.

قبل 6 أشهر، جددت الحكومة عزمها المُضي قٌدمًا في تطبيق إجراءات اقتصادية هيكلية ضمن ما اسمته "برنامج الإصلاح الاقتصادي"، وفي سبتمبر الماضي تم تطبيق العمل بضريبة القيمة المُضافة، قبل حوالي شهرين من "تعويم" الجنيه في البنوك، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع في الأسواق.

في الطريق إلى مدرسة أبو بكر الصديق الإعدادية، اعتاد "كريم سيد" تناول وجبة الإفطار في طقس يومي مُعتاد "بجيب 3 سندوتشات، 2 فول وواحد بطاطس". غير أن ارتفاع سعر وجبته المُفضلة في الفترة الأخيرة، أصابت مصروفه الشهري البالغ 75 جنيهًا بعجز عن إيفاء متطلباته البسيطة "كان في الأول المصروف 50 جنيه، وبابا زودني الشهر اللي فات بس، لكن برده مبيقضيش، أصل كل حاجة غليت حتى البيبسي والشيبسي".

أزمة أخرى تواجه صاحب الـ15 عامًا؛ تتمثل في ارتفاع سعر التعريفة المُقررة للمواصلات في طريقه إلى مدرسته الحكومية "كل يوم بدفع 2 جنيه أجرة"، تزيد في الأيام التي يحضر فيها الطالب بالصف الثالث الإعدادي محاضرات خصوصية "يوم الاتنين عندي درس علوم وإنجليزي، بدفع 6 جنيه مواصلات".

بعد يوم من إعلان وزارة البترول في نوفمبر الماضي زيادة أسعار المحروقات، رفعت وسائل المواصلات المُختلفة من تعريفتها المُقررة، إذ وصلت نسبة الزيادة في بنزين 80 أوكتين إلى 46.8% ووصلت الزيادة في بنزين 92 إلى نسبة 34.6%، بعد عامين من رفع أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 78% في العام 2014.

ارتفاع أسعار المحروقات أزمة واجهت "يحي نبيل"، الذي يعتمد على "توكتوك" في الطريق بين مسكنه بحي حلمية الزيتون ومدرسته- الخاصة- القريبة من منزله "كنت بركب بـ5 جنيه، دلوقتي بدفع 8 جنيه وساعات 10 جنيه"، ما يُعرض صاحب الـ11 عامًا لخوض صنوف من الجولات الكلامية مع السائقين "بفاصل معاهم، بيقولولي الدولار غلي".

لم يكن "التنقل" مشكلة الطالب بالصف الخامس الابتدائي الوحيدة. فارتفاع أسعار السلع الغذائية، أجبرت الطفل الذي لا يتعدى مصروفه الـ5 جنيهات يوميًا، التخلي عن مُنتجه المُفضل "المولتو الكبير كان بـ3 جنيه بقى بـ5 جنيه"، لذلك قرر الاستغناء عنه في مقابل الاحتفاظ بتلك الأموال من أجل شراء "هدية لماما في عيد الأم على أد فلوسي".

رغم صِغر أعمارهم، وعدم تفقهم في شأن الإجراءات الاقتصادية المُتبعة حكوميًا، إلا أن ارتفاع الأسعار حَملهم بضيق شديد؛ بداية من عجز الفتاتان في الحصول على حلوتهم المُفضلة، مرورًا بكريم الذي عايش عجز مصروفه عن تلبية احتياجاته البسيطة، وليس أخيرا بيحيى الذي وجد الحل في كلماته الطفولية "نمسك التجار اللي بيغلوا الأسعار، وننتج منستوردش، عشان نبقى بلد مُتقدمة زي اليابان وأمريكا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان