إعلان

العالم استاد كبير.. والإنسانية مرمى بلا حارس – بروفايل

06:37 م الإثنين 16 نوفمبر 2015

هجمات باريس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - رنا الجميعي:

يُطلق الحكم صافرة نهاية المباراة الودية بين فرنسا وألمانيا، أمس الجمعة الماضي، مع نهايته بإستاد دو فرانس تتسع حلقة الهجمات الإرهابية بباريس، التي تنتهي بعد ساعات من مُنتصف الليل، بعدد ضحايا يفوق 130 شخص، رغم انتهاء الماتش، لكن المباراة الأساسية التي تحدث بإستاد العالم ممتدة، فهي مباراة طويلة الأمد، لا وقت للاستراحة بين الشوطين، الفريق المُنهك يصبح هدف لآخرين، تتوّحش الفرق كلما وضعت "جول" في مرمى الإنسانية، لا تُبال ببشر لا يجمعهم فريق واحد، العالم استاد كبير يساوي بين الإرهاب والدول الكبرى، يختار كل فريق لونه المُفضل، يُمكن أن يكون الأبيض، يدعي السلام ويبصق عليه، ثُم يحرز هدف في مرمى الإنسانية، الذي لا حارس له، فيما تنتشر الشعوب على مدرجات المتفرجين، أما قوانين اللعب التي يضعها الكبار.

"البربرية التي ندينها هي نفس البربرية التي نرتكبها".. كلمات لقائلها مراسل النيويورك تايمز، كريس هدجيز، يستعد كل فريق لشحذ مهاراته مُقابل الآخر، فيما يجلس الجمهور بالمدرجات، متأهبين باللافتات، المشجعين على صنوفهم المختلفة، يتحمس كل منهم لفريق بعينه، يتفرجون على أيهم يُحرز هدف في مرمى الآخر، غير أن ذلك المرمى لا ينتمي لفريق بعينه، ولا حارس لها، يجلس على مدرجات متفرقة قلة، هذه القلة تُنغصّ على الكبار، المقتنصين لأكبر الأهداف، أشبه بفأر يقرض أسد، أو قزم يدغدغ قدم عملاق.

حسب تقرير أصدره معهد الاقتصاد والسلام بالأمم المتحدة، أنه خلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2013؛ وصل عدد الضحايا لـ16 ألف، و80 % من معظم الحوادث الإرهابية ترتكز بخمس دول هم؛ العراق، أفغانستان، باكستان نيجيريا، وسوريا، فيما ترتع الحركات الإرهابية وأبرزها؛ داعش، طالبان، وبوكو حرام، الشباب.

تحوّل البشر إلى مُجرد أرقام، ومنها تسقط عنهم صفة الإنسانية، رغم أنهم كذلك، لكن تزايد الأعداد، والمنظر المُعتاد من الدماء المتناثرة على أرضية المباراة المحتدمة.

جميع الفرق بالمباراة تقول إنها تُحارب الإرهاب، لكنه مُجرد منافس آخر في المباراة، يسدد أهدافه بحنكة وروية، من ذبح رهائن، وحرق آخرين، تدمير وانفجارات، مع وجود أبرز الحركات الإرهابية الآن وهي داعش، التي يُقدر ثروتها بالمليارات، فيما تجيد استنزاف الثروات من البلاد التي تحكم قبضتها عليها، فتخطف الرهائن مقابل الفدية، تتمركز حول آبار النفط، وتتمكن من الحصول على ضرائب غير مشروعة.

يقف بالإستاد كل من أمريكا، روسيا، فرنسا، كذلك تلعب الدول العربية، غير أنها الطرف الأضعف، ما بين قرارات تُدّعم الإرهاب، تزيد الخناق حول الشعوب، واحتمالية تحوّلهم تدريجيًا إلى التطرف، بعد تحقيقات حول العمليات الإرهابية التي حدثت في مصر، كان من بين الأسماء التي اشتهرت لمتطرفين، أحد ضباط المنضمين سابقًا للقوات المسلحة "هشام عشماوي".

في تقرير للأمم المتحدة ب 4 نوفمبر الحالي، يُرجح أن تزيد المخاطر السياسية من عدد المحتاجين لمساعدات إنسانية على مستوى العالم بما يصل إلى 1.9 مليون، كما أن أعداد اللاجئين في ازياد مطرد، أحدهم قال بعد رحلة دامت 6 ساعات سباحة، هربًا من الإرهاب بسوريا: "الخد اللي اتعود على اللطم ما عاد يُشعر".

في المباريات هناك خطط استراتيجية، غير أن الخداعات الخفية ما أكثرها، ما بين عرقلة أحدهم، واحتساب ضربة جزاء خادعة لآخر، رغم أن أمريكا رسميًا تُحارب الإرهاب متمثلًا في داعش، لكن بحسب مركز جلوبال فإن برامج المراقبة والتجسس الإلكتروني التي تطبقها الوكالات الأمنية الأمريكية، يمكنها من التحديد الدقيق لمصادر أموال داعش ومن معرفة أيضا إلى أين تتجه، لكنها لا تقوم بذلك.

لا يُمكن للعالم أن يهدأ، طالما ظلت الأسباب المتجذرة للصراع موجودة، لا صافرة نهاية يُمكنها أن تُنهي المباراة، هو مُستمر باستمرار الفرق، البعض يخرج من المباراة ليحل مكانه آخر، لكنه لا يتوقف، وتظل الإنسانية دون حارس مرمى يحول بينها وبين الأهداف المترامية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان