إعلان

ريشة ''نيفين الجندي''.. أن ترسم ''نجيب محفوظ''

04:13 م الخميس 11 ديسمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة:
بريشة وألوان كانت تتنقل بين جلساته، استطاعت فيهم الفنانة التشكيلية ''نيفين جندي'' أن تحضر جلسات الأستاذ نجيب محفوظ، وآخر سنتين في حياته، لا تزال الذكرى تمرر من عينيها الدموع مرة، ثم ضحكات الفرح مرات، فتلك لم تكن مهمة لازمة، بل كانت شغفا سارت ورائه لمدة عامين، تستعيد الذكرى مع ''مصراوي''، في ذكرى ميلاد الأديب ''محفوظ''.

البداية كانت بصحبة الكاتب والروائي ''نعيم صبري''، حيث دلفت الفنانة التشكيلية في دروب ''محفوظ''، والذي كان يعقد جلسات بينه وبين الأدباء مقسمة بحسب أيام الأسبوع، كل يوم في مكان مختلف، مرة في عوامة ''فرح بوت'' ومرة في فندق نوفوتيل أو فندق شبرد، ومرة في منزل الطبيب النفسي يحيى الرخاوي، لتعرف الفنانة الطريق أول مرة بغرض رسم ''الأستاذ''.

شاء القدر أن يمد عمر جلسات ''محفوظ'' مع أصدقائه لمدة عامين منذ بداية حضور ''نيفين''، استقطعت الفتاة من يومها ساعات الجلسات، تستمع عن الاديب والحكايات التي تروى له، وترسم بيدها ملامحه، ''مكنش بيشوفني كويس، لكن يعرف هيئتي''، ليعيق كبر سنه تواصلهما، وتربطه الريشة، التي تركت 22 لوحة ''بورتريه'' لصاحب نوبل.

طقسا محددا استرجعته ''نيفين'' بعد مرور ثمان سنوات من رحيله، كأنه البارحة، تذهب إلى الجلسة بحسب موعدها، يجلس الاستاذ في الأغلب بين عدد لا يتجاوز العشرة أصدقاء، لتكتشف مع الجلسات أن ''محفوظ'' منضبط بشكل مخيف ''كانت كل حاجة بالنسبة له على الساعة''، لا يتأخر عن مواعيده، يحب القهوة، له في اليوم سيجارتين، شديد التأدب، والإنصات رغم سنه المتقدم، يحب معرفة الانتقادات، يحب متابعة الشأن العام.

طقس أصبح أشبه بالعادة للفنانة التشكيلية، بالطو أبيض كبير ترتديه الفنانة التشكيلية منذ القدوم، تحية تلقيها على الحضور، لا تخشى الجلوس أرضا، ولا تخجل من ملابسها التي تستحال مع وقت الجلسة لكومة ألوان تلطخ ثيابها، تفترش عُلب ألوانها، تفرد لوحتها البيضاء، ثم تشرع في الرسم، نظرات من ملامح الأستاذ تنتقل عينيها إليه لتطبع الصورة في ذاكرتها، وتنقلها على الورق.

لم تر ''نيفين'' ملامح الأستاذ وحده، بل امتزجت الملامح بروحه، حيث كانت الفنانة تستنبط شخصية ''نجيب''، وتستحضرها في أطراف ريشتها، لم يملأ 22 بورتريه رغبة الفنانة على رسمه ''كنت حاسة إني عايزة ارسمه تاني وتاني، وأخرج ك حاجة عنه في البورتريهات''، كانت ''نيفين'' تنهي لوحة كاملة في الجلسة الواحدة، لصعوبة تواجد الأستاذ بنفس الزي والهيئة مرة أخرى ''مكنتش حاسة إني بطلع الجلسة الواحدة في الرسمة''.

تمنت ''نيفين'' أن تلحق بحياة ''محفوظ'' منذ الصغر، رغبة تملكتها أن ترسم له بورتريهات في مراحل عمره المختلفة، لكن جمعت كل بورتريهات نجيب عمر واحد، وهو آخر سنتين في عمره، افتتحت الفنانة التشكيلية معرض صور الأديب العالمي في أول عيد ميلاد له عقب وفاته، جمعت فيه كل اللوحات، حتى تلك التي رسمتها والكاتب ''زكي سالم'' بجوار الأديب، لوحة واحدة ترك عليها الاديب بقلمه توقيعا على أحد صوره.

لم تنس الفنانة التشكيلية الروح المحبة للقراءة بداخلها، أحبت روايات محفوظ من قبل جلساته وبعدها، من الروايات تعشق الحرافيش وبطلها ''عاشور الناجي''، لا تزال تذكر إنها أنهتها في يوم كامل من شدة شغفها بالمتابعة، كما أبهرتها ''أحلام فترة النقاهة''، وكيف يحكي الأديب مواقف صغيرة حتى وإن مرَ عليها وقت كبير، مثل فتاة قابلها في المراهقة، وتذكرها في أحد الأحلام.

انهالت على الفنانة التشكيلية عروض بشراء لوحات ''محفوظ''، لكنها رفضتها جميعا، تمنت أن تجتمع كل تلك اللوحات بين دفتي متحف للأديب الحائز على نوبل في الأدب، تجمع فيه كل تلك اللوحات مع مقتنيات باقية لنجيب محفوظ، أو حتى كما تقل ''نيفين'' يتم نقل اللوحات إلى سفارات مصر بالخارج، لتظل روح الأديب متواجدة في مكان عام وليست ملك شخص يشتريها.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان