إعلان

هل تبخر حلم القوة العربية المشتركة؟ -(تقرير)

09:18 ص الخميس 28 يوليه 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

تقرير - أحمد جمعة:
خرج "إعلان نواكشوط" الختامي لفعاليات القمة العربية الـ 27، التي عُقدت في موريتانيا يومي 25 و26 يوليو الجاري، دون الإشارة إلى ملف "القوة العربية المشتركة" التي دعا لها الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية بشرم الشيخ نهاية شهر مارس من العام الماضي، واكتفى بتكليف الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بمتابعة المشاورات حول آليات التنفيذ، الأمر الذي رآه دفع بخلافات بينية بين الدول الأعضاء حول تشكيل تلك القوة، وتعريف العدو المشترك للعرب، حسبما يرى محللون ومراقبون.

وأعلن الرئيس السيسي في ختام أعمال القمة العربية الـ 26، أن القادة العرب قرروا اعتماد مبدأ إنشاء قوة عربية مشتركة تتصدى للتهديدات التي تواجهها المنطقة العربية، على أن يتم تشكيل فريق رفيع المستوى تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء؛ لدراسة كافة الجوانب المتعلقة بإنشاء القوة العربية المشتركة وتشكيلها.

ووفق تخيل الرئيس السيسي فإن تشكيل قوة عربية مشتركة قد يشكل طاقة الردع المطلوبة لعدم حدوث العدوان على أي دولة، مشيرًا إلى أن هذا التفكير بدأ قبل شهور طويلة من عقد القمة العربية، وليس بحاجة إلى لإضافة قوات جديدة من هذه الدول، بل بتخصيص حجم من القوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة.

وانطلق الاجتماع الأول لرؤساء أركان الجيوش العربية، في نهاية إبريل من العام الماضي، وانتهى لدعوة فريق رفيع المستوى للعمل تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء لبحث آليات تشكيل القوة العربية المشتركة وتحديد مهامها ومصادر تمويلها، أعقبه الاجتماع الثاني تحت رئاسة الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب الجيش المصري، وتم خلاله دراسة مشروع البروتوكول الاختياري لإنشاء القوة.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، أن الاجتماع أقر آليات لتشكيل قوة عربية مشتركة تمهيدا للموافقة على البروتوكول الخاص به، وتمت إحالة الأمر إلى الحكومات العربية للنظر فيه وإبداء الملاحظات قبل اعتماده من رئاسة القمة العربية وعرضه لاحقا على مجلس الدفاع العربي المشترك.

المهام المطلوبة
6 مهام مطلوبة من القوة العربية المشتركة، يأتي على رأسها التدخل العسكري السريع لمواجهة التحديات والتهديدات الإرهابية التي تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي، والمشاركة في عمليات حفظ السلم والأمن في الدول الأطراف، سواء لمنع نشوب النزاعات المسلحة أو لتثبيت سريان وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام أو لمساعدة هذه الدول علي استعادة وبناء وتجهيز قدراتها العسكرية والأمنية.

كما تشمل مهام القوة العربية، المشاركة في تأمين عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين في حالات الطوارئ الناجمة عن اندلاع نزاعات مسلحة، أو في حالة وقوع كوارث طبيعية تستدعي ذلك، وكذا حماية وتأمين خطوط المواصلات البحرية والبرية والجوية بغرض صيانة الأمن القومي العربي ومكافحة أعمال القرصنة والإرهاب، والاشتراك في عمليات البحث والإنقاذ، بجانب أي مهام أخري يقررها مجلس الدفاع.

دلالات الفشل
بشكل مفاجئ، تم إلغاء لقاء وزراء دفاع وخارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، والذي كان من المقرر عقده في 27 أغسطس الماضي، لبحث آليات تشكيل وعمل القوة العربية المشتركة، الأمر الذي دعا إلى قول محللون ومراقبون بعدم التوافق العربي حول ماهية هذه القوة، في ظل تحالفات إقليمية لمجابهة الإرهاب في المنطقة، سواء فيما يتعلق بقيادة السعودية وعدد من الدول الأخرى لـ"عاصفة الحزم" في اليمن، أو التحالف الدولي لمواجهة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة دول أوروبية وعربية تقاتل في العراق وسوريا.

"نوع من التردد العربي الدائم".. هكذا وصّف السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية السابق، غياب القوة العربية عن طاولة "القمة العربية" الأخيرة، مشيرًا إلى أن المسألة ليست خلافات معلنة، بل نوع من التردد في ظل أوضاع غير مسبوقة في تاريخ العالم العربي، فالجماعات الإرهابية تهدده في كل مكان، ورغم ذلك فالظروف الموضوعية لم تنضج بعد لانضمام كل الدول العربية إلى هذه القوة.

وقال هريدي في تصريحات لمصراوي: "معلوماتي أن 6 دول هم الذين وافقوا على تشكيل القوة، وبالتالي لدينا 16 دولة مازالت في مرحلة التردد وتبحث الأمر".

واتفق معه الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومدير معهد البحوث والدراسات العربية سابقا، الذي قال لمصراوي: "هذا نموذج للطريقة التي تصدر بها القرارات ثم لا تنفذ بعد ذلك. هناك ممانعة ما لبعض الدول العربية على هذه الفكرة، وعندما تكون هناك فكرة جيدة على مستوى القوة العربية المشتركة لا تستطيع الدول العربية أن تعترض؛ توافق الدول عليها علنًا، ثم بعد ذلك تتباطأ أو تعترض على التنفيذ أو تعرقل التنفيذ في الغرف المغلقة".

ويرى "يوسف" أن السعودية هيّ الدولة التي وقفت في سبيل إتمام القوة العسكرية، مشيرًا إلى أنه بعد صدور قرار الجامعة العربية بدأ البحث في أليات تنفيذه باجتماع وزراء الدفاع ثم رؤساء الأركان وإعداد مشروع كامل متكامل لهذه القوة، وفي اللحظة الأخيرة قبل توقيع وزراء الدفاع عليه، طلبت السعودية ودول أخرى التأجيل ولم نسمع بعد ذلك أي حديث عنه، والمؤكد أنها لم تكن متحمسة للتنفيذ.

وخلال الزيارة التاريخية للملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر تم التوقيع على إنشاء مجلس تنسيقي بين البلدين لتنفيذ "إعلان القاهرة" بحضور الرئيس السيسي، والذي كان من بين أهدافه "استكمال التوافق المصري السعودي فيما يخص عملية إنشاء القوة العربية المشتركة، تمهيدا لإنهاء الإجراءات ذات الصلة مع الدول العربية الشقيقية الراغبة في المشاركة في هذه القوة" حسبما ذكر بيان الرئاسة منتصف شهر نوفمبر من العام الماضي.

لكن الدكتور أحمد يوسف يرى أن الملك سلمان تحدث القوة العربية خلال هذه الزيارة، ولم يكن من أهم بنود "إعلان القاهرة"، لكن في الواقع هناك تعطيل لتنفيذ الفكرة. وأضاف: "القوة العربية المشتركة فكرة في منتهى الأهمية، لكن مناخ العمل العربي المشترك لم يسمح بتنفيذها. كنت شديد الحماس لهذه القوة في البداية لكن الأن لم أعد متحمسًا لها وأخشى عليها من الظروف العربية الحالية، التي قد تسئ إلى الفكرة".

الدفاع العربي.. معاهدة مجمدة
المثير للدهشة أنه منذ توقيع معاهدة الدفاع العربي المشترك عام 1950، وحتى اليوم، لم يتم تشكيل غرفة عمليات مشتركة أو قاعدة انطلاق رغم كل الأزمات التي شهدتها المنطقة سواء فيما يخص الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، أو تمدد تنظيم الدولة "داعش" في العراق وسوريا وليبيا، أو الأوضاع المضطربة في اليمن.

يؤكد الدكتور أحمد يوسف أن تلك المعاهدة لم تُفعل بشكل كامل ولم تطبق مرة واحدة. ويسرد يوسف المحاولات التي اقتربت من التطبيق حيث كانت محاولة عام 1964، عندما دعا الرئيس جمال عبد الناصر لمواجهة تهديدات إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن، وتم إعداد رد على هذه المحاولات وكان من بين الردود تنظيم قيادة عربية مشتركة وتم تسمية قائدها الفريق علي علي عامر، ودفع في ميزانيتها، وأعد خطة كاملة متكاملة وفي آخر الوقت اعترضتا الأردن ولبنان على التنفيذ الذي كان يتضمن تموضع قوات عربية في أرض الأردن ولبنان نظرًا لأنهما ليستا مكتفيتين ذاتيًا بالمسألة الدفاعية وانتهى الأمر عند ذلك الحد.

وكانت أقرب فكرة لتطبيق معاهدة الدفاع –بحسب يوسف- قبل حرب أكتوبر عندما طرح الفريق سعد الشاذلي على اجتماع رؤساء أركان الجيوش العربية، احتياجات مصر بمناسبة الحرب وتعهدت عدد من الدول بما لديه ونفذت هذه التعهدات دول: الجزائر والمغرب وليبيا والعراق والكويت والسودان والسعودية).

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج