إعلان

365 يومًا بدون سياحة روسية.. مخالب الدُب تمزق الجنيه - (تقرير)

10:53 م الإثنين 31 أكتوبر 2016

مطار شرم الشيخ الدولي

كتب - مصطفى ياقوت:

مساع دبلوماسية وشعبية -بدت متعثرة- استمرت على مدار عام كامل، في سبيل احتواء أزمة سقوط طائرة روسية من طراز إيرباص، مملوكة لشركة متروجيت في رحلتها A321، والتي أقلعت من مطار شرم الشيخ الدولي، أكتوبر الماضي، قبل أن تسقط في صحرائها، وتُخلف 224 قتيلًا، إثر عبوة ناسفة زرعها أحد الإرهابيين على متن الطائرة، وفق التحليل الاستخباراتي الروسي عن أسباب الحادث.

رد فعل الدب الروسي، تجاه هذا الحادث، لم يكن مطمئنًا للجانب المصري، وإن كان "متوقعًا وطبيعيًا"، وفق محللون، فقررت موسكو تعليق رحلاتها الجوية إلى مصر، وكذلك حظر تواجد رحلات شركة مصر للطيران داخل أراضيها، تبعًا لتصريحات وزير النقل الروسي ماكسيم سوكولوف، وعكفت على إجلاء رعاياها من السواحل المصرية، وتحذير مواطنيها من التوجه لها.

فشل وتربص

تعُزي الدكتورة نهى بكر، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، تأزم موقف عودة حركة السياحة الروسية لمصر، إلى عدم استجابة الجانب المصري لطلبات روسيا فيما يختص بإجراءات تأمين المطارات، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنه لا يمكننا وصف إدارة مصر للخروج من الأزمة بـ"الفاشل"، حيث من الوارد أن تستخدم موسكو تلك الأزمة كورقة ضغط لنيل مكاسب سياسية وإقليمية أخرى.

ووفق تصريحات سابقة لمصادر بمطار القاهرة الدولي، فقد قام 5 وفود روسية بعمليات التفتيش على المطارات المصرية لتفقد الحالة الامنية، كان آخرها وفدًا في آخر سبتمبر الماضي، يضم 15 خبيرًا أمنيا من وزارتي السياحة والنقل.

"القاهرة أبدت كافة السبل للتعاون مع موسكو، واستوفت أغلب الشروط التي قدمتها بالرغم من ان بعضها كانوا غير محقين فيه"، يوضح الدكتور طارق فهمي، الخبير في الشئون السياسية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن مصر قبلت بزيارة وفود أمنية لمطاراتها،

وتفهمت ملاحظاتهم في سبيل تحريك المياه الراكدة، بينما أصرت روسيا على عنادها وعدم إثبات جدي رغبتها في عودة السياحة الروسية لمصر.

ويرى فهمي، أن هناك "تربصًا" واضحًا من قبل الإدارة الروسية، في تعاملها مع أزمة الطائرة، وهو ما اتضح في وجود استباق وتعجل غير مبرر في

إعلان أساب الحادث واتخاذ قرارات عقابية، وقت الحادث.

إدارة الأزمة

اتساع فجوة التفاهم، يُطالعنا في تصريحات مصادر حكومية رسمية، بقرب انتهاء المفاوضات الخاصة بعودة حركة السياحة الروسية لمصر، حيث عبرت الخارجية مرارًا عن تفهمها لمخاوف الجانب الروسي، وكل الشركاء من الدول المُصدرة للسياحة إلى مصر، مؤكدة أن الاتصالات مستمرة مع الجانب الروسي على المستوى الفني، متوقعة عودة السياحة الروسية حينما تنتهى كل تلك الإجراءات.

وكذلك إعلان شريف فتحي، وزير الطيران المدني، أن مسألة عودة السياحة الروسية "مسألة وقت"، لافتًا إلى اتفاق تم بين الجانبين، لوضع "خارطة طريق" من خلال وصول عدة وفود لتفقد المنتجعات السياحية والفنادق، وكذلك عرض آخر ما توصلت إليه لجان التحقيق، وتأكيده على سعي مصر لتلافي كافة الملاحظات التى أبداها الجانب الروسي، والتعاقد على نظام أمنى خاص على البوابات لدخول العاملين بالمطارات إلى الصالات، عن طريق بصمة اليد، وهو ما يعد أحد أبرز الضمانات الفنية التي طالبت بها روسيا.

ويقول العميد حسين حمودة، خبير إدارة الأزمات، إن الإدارة المصرية لأزمة حادث سقوط الطائرة الروسية" فاشلة"، بشقيها الإعلامي والسياسي، موضحًا أن الدولة تفتقد لمفاهيم وآليات إدارة الإعلام الأمني، وهو ما اتضح في كونها رد فعل على البيانات الرسمية الروسية، مضيفًا "الإعلام الأمني المصري يجعل المتلقي الخارجي يتحسس مسدسه".

ولفت حمودة إلى أن الدولة لا تملك آليات فعلية لإدارة الأزمات، وما زالت تعمد لـ"الاستنصاح"، في الوقت الذي أضحى تداول المعلومات أمرًا يسيرًا.

فشل دبلوماسي

الظهير الشعبي كذلك، كان حاضرًا، ممثلًا في زيارة وفد برلماني مصري، برئاسة الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان، لموسكو، وقوله إن "مصر نفذت نحو 85% من مطالب روسيا المتعلقة بضمان أمن المطارات".

بيد أن تلك التصريحات المطمئنة تتنافى مع تأكيدات وزير المواصلات الروسي مكسيم سوكولوف، أن الرحلات غير المنتظمة بين روسيا ومصر لن تستأنف فورًا إلى جميع المطارات المصرية، وإنما فقط إلى المطارات التي وصلت إلى المستوى المطلوب من الأمن"، قبل أن يعود ليرجح عودة السياحة في أول العام القادم 2017.

وعقَد حادث اختطاف طائرة مصرية، وتحويل مسارها من القاهرة إلى قبرص، الموقف المصري، حيث أعلن الاتحاد الروسي للسياحة، أنه لن يستأنف رحلاته لمصر عقب تلك الواقعة، مؤكدًا أن المعلومات الواردة بهذا الصدد "غير مؤكدة"، أعقبها تصريحات فرانس كلينتسيففتش، النائب

الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، التي قال فيها "المصريون غير مستعدين لضمان سلامة سياحنا".

"التحرك المتأخر في احتواء الأزمات أثر بالسلب على الدولة"، يقول حمودة ضاربًا المثل بأزمة مقتل 12 سائحًا مكسيكيًا، في هجوم شنته عليهم، عن طريق الخطأ، القوات المصرية بمنطقة الواحات، مشيرًا إلى أنه كان على وزير الخارجية التحرك فورًا برفقة وفد سياسي واسع وبحث سبل حل الازمة، وهو الأمر نفسه الذي تكرر في أزمة سقوط الطائرة الروسية، حيث تخاذلت الدولة عن الاعتراف بالحادث، وأنكرت بداية وقوع الحادث ومعرفة أسبابه، في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا مسئولية تنظيمات إرهابية عن الحادث.

سيناريوهات محتملة

وعلى المسار الدبلوماسي، يؤكد فهمي، أن القاهرة فشلت في احتواء الأمر دبلوماسيًا ولم تقوى على إقناع روسيا بصحة وجهة نظرها، وهو ما فتح الباب لعدة أصوات بضرورة التلويح بوقف التعاون المشترك ببرنامج مصر النووي السلمي، وهو الأمر الذي ترفضه القاهرة باعتبار روسيا حليف سياسي وعسكري لا يجب خسارته.

وبعد مرور عام كامل على الواقعة، يشير أستاذ العلوم السياسية، إلى أن القاهرة تقف الآن أمام طريقان، أحدهما هو ترك الملف الامني لمختصين من شركات التأمين، وهو ما قامت به مؤخًا بتعاقدها مع شركة فالكون لتأمين المطارات، أو الدخول في ساحة المقايضات الاستراتيجية بين الدولتين، وإعاقة بعض المصالح الروسية لدى مصر ومراجعة الموقف المصري من روسيا في مجمله.

وشهد نوفمبر الماضي، توقيع الاتفاقية الحكومية بين مصر ممثلة في هيئة المحطات النووية، وروسيا ممثلة في شركة "روز أتوم" العاملة في مجال بناء المحطات النووية، والتي سيتم بمقتضاها بناء محطة الضبعة النووية.

الرئاسة هي الحل

وعلى الصعيد الرئاسي، تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اتصالًا هاتفيًا من بوتين، عقب الحادث، قدم خلاله السيسي "خالص التعازي"، ووعده بتوفير الظروف لأوسع مشاركة ممكنة لمتخصصين روس في التحقيق في سبب الحادث، قبل أن يخرج بوتين ليتوعد مدبري تفجير طائرة

الركاب الروسية فوق سيناء بـ"انتقام لا مفر منه"، مؤكدًا أن "روسيا ستجد الإرهابيين الذين قاموا بتفجير الطائرة الروسية في أي مكان في العالم

وستعاقبهم".

وفي لقاء جمعهما سبتمبر الماضي، على هامش أعمال قمة العشرين التي عقدت بالصين، تطرقا إلى استئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر،

حيث اتفق الطرفان على إيفاد وفد روسي رفيع المستوى خلال أيام إلى مصر، للانتهاء من جميع الجوانب الفنية والأمنية المتعلقة بهذا الموضوع.


وأعلن الكرملين الروسي عن تطلع الرئيس فلاديمير بوتين في زيارة مصر 11نوفمبر المقبل، مؤكدًا أن الرئيسان "سيوليان اهتماما خاصا لتعزيز

التجارة والعلاقات الاقتصادية بين البلدين"، دون التطرق لتطرق اللقاء لعودة السياحة.

وتعول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، نهى بكر، على التحركات السياسية، ممثلة في لقاء الرئيس السيسي بنظيره بوتين، حسم الخلاف القائم بين الدولتين، واستئناف الحركة السياحية.

"في زيارة بوتين لمصر في نوفمبر يمكن بيت القصيد"، يتحدث فهمي عما تمثله دلالة سماح مصر بزيارة بوتين في هذا التوقيت، الذي يتزامن مع

دعوات للتظاهر ضد النظام الحاكم، وإمكانية تغيير بوتين لخطابه الدبلوماسي بشأن عودة السياحة لمصر مرة أخرى.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج