إعلان

بين الاندثار والبقاء.. "سور الأزبكية" يبحث عن ملاذٍ آمن

12:46 م السبت 02 يناير 2016

سور الازبكية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- راندا طولان:

تسبب توفير نسخ "إلكترونية" من الكتب "الورقية" في دفع العديد من القراء والمثقفين للاكتفاء بها، ما أثر بالسلب على سوق الكتب في مصر. إلا أن الكتب الورقية لاتزال تحتفظ برونقها وقيمتها بين معظم القراء الذين يجدون بين طيَّات صفحاتها نهجًا يتسللون منه إلى عالم مكتمل التفاصيل يُشبع احتياجاتهم.

على بعد أمتار قليلة من ميدان العتبة، تجد نفسك أمام "سور الأزبكية"، حيث تحيط بك الكتب من كل مكان في قلب منطقة تكتظ بالمواطنين والمحال التجارية التي بالكاد تتوقف الحركة بها مع ساعات متأخرة من الليل.

يُقبل على سور الأزبكية العديد من المواطنين، بفئاتهم المختلفة، حيث يجدون ضالتهم؛ لما تزخر به مكتباته بأمهات الكتب في كافة التخصصات، فهو مقصد لكل من يبحث عن أي كتاب أو رواية أو مرجع علمي.

سور الازبكية

"لا يؤثر انتشار الكتب الإلكترونية على حركة البيع والشراء هنا، ولكن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها أفراد المجتمع ككل كفيلة بأن تجعل المواطنين يكتفون بشراء احتياجاتهم الأساسية والعزوف عن شراء الكتب والروايات"- بهذه الكلمات حاول أن يُلخص أشرف المصري، صاحب إحدى المكتبات، تراجع عملية الشراء.

يُضيف "أشرف" أن شباب الجامعات هم أكثر الفئات شراء للروايات وكتب التنمية البشرية والكتب التاريخية والسياسية، حيث أرجع ذلك إلى أنه "هؤلاء الشباب لا يتعاملون مع أي مكتبات أو دور النشر، ويكتفوا بشراء الكتب المُقلَدة والروايات الحديثة من المطابع نظرًا لأسعارها الزهيدة، فما يُعرض بـ 35 جُنيهاً في دار نشر شهيرة نبيعه بـ 15 جُنيها، لأنه لا يتكلف عناء دفع ضرائب أو تكاليف حقوق طبع".

سور الازبكية

وعن المشكلات التي تواجههم، يضيف "محتاجين الحكومة وشرطة المُصنفات تسيبنا في حالنا، وعاوزين دور النشر يرخصوا أسعار الكتب أو يعملوا طبعة شعبية تكون مخصصة لسور الأزبكية وبكده نشتغل صح".

ويشير "محمد رضوان"، عن أسباب تراجع الإقبال، إلى أن "أفكار الناس اتغيرت والجيل الجديد غير القديم والتطور بقى عكسي"، وأضاف صاحب 75 ربيعا ويمتلك إحدى المكتبات بسور الأزبكية، "ببيع كتب بقالي 63 عاما، واتعرَفت على ناس كتيرة من فئات مختلفة، كان زمان اللي بيعمل رسالة ماجستير أو دكتوراة كان بييجي هنا يدوَّر على المراجع والكتب اللي بتساعده في البحث، لكن دلوقتي الموضوع اتغير، بسبب التكنولوجيا.

3

وأرجع "رضوان" المشكلة إلى "أن قيمة الكتاب تتوقف على الزبون، لكن الآن لا أحد يعبأ بالقراءة والثقافة، زمان كان فيه إقبال على شراء الكتب إنما دلوقتي ظهر النت والتليفزيون والفضائيات، كل دا أثَر على وقت الناس وبالتالي القراءة أصبحت ركن ضعيف وفرعي في حياتهم".

"أشارك في معرض القاهرة الدولي للكتاب بمجموعة كتب مختلفة تتنوع بين كتب الفقه والتفسير والكتب الفلسفية، بالإضافة إلى كتب الأطفال، والاوكازيون الذي يبدأ بـ 5 جنيهات، مراعاة للقارئ الفقير، كما أن هناك إقبال على السور من الجمهور خاصة أيام المعرض نظرًا لوجود الكتب القيّمة والنادرة، وأدفع نحو 4500 جنيه إيجار المكان بمعرض الكتاب لمدة عشرة أيام."- هكذا يقول "رضوان".

بينما يقول، "أحمد السيد"، صاحب مكتبة بنفس المنطقة، إن "هناك إقبال كبير على روايات أحمد مراد ويوسف زيدان وغيرهما من الكتاب من قِبل شباب الجامعات تحديدًا، ومع بداية العام الدراسي يلجأ بعض أولياء الأمور إلى السور لشراء الكتب المدرسية والخارجية القديمة وكتب الأطفال التي تساعد في تنمية مهاراتهم العقلية والإبداعية".

"هناك نسبة من القُراء تعتمد على الكتب الإلكترونية؛ لأسعارها الزهيدة والمجانية أحيانا؛ وذلك للهروب من ارتفاع اسعار الكتب الورقية بدور النشر"- على حد قوله.

4

وقال "شعبان أبو زيد"، ويملك إحدى المكتبات أيضًا، إن هذا المكان جامع للكتب الدراسية لكافة الفئات العمرية من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، وتجد به كافة الكتب في كافة التخصصات بأسعار رخيصة، حيث يصل سعر بعض المراجع إلى 20 جنيهاً".

وحول وجود تأمين على المكان ضد أي حوادث، يقول "أبو زيد"، إن أصحاب المكتبات لا يأخذوا حقوقهم كاملة، فهناك واقعة حدثت منذ عدة أشهر حيث اشتعلت النيران بثلاث مكتبات، ولم يجد

أصحابها من يمد لهم يد المساعدة وعندما حرروا محاضرًا بقسم شرطة العتبة وجدوا أنفسهم متهمين وليسوا أصحاب حقوق"- بحسب قوله.

سور الازبكية

من جانبه، أوضح خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عادل عبد المنعم، في تصريحاته لمصراوي، أن الجزء الأكبر من القراء بدأ يعزف عن شراء الكتب الورقية المطبوعة وبالتالي سيتقلص حجمها في السوق بشكل كبير نتيجة اعتمادهم الكبير على النسخ الإلكترونية من الكتب.

وأضاف عبدالمنعم، أن هناك نسبة ضئيلة من القراء تعتمد علي الكتب الورقية وهو ما يرجع الي الثقافة التعليمية في المدارس. وعن أسباب ذلك يقول "اتعلمنا على التلقين يعني فيه كتاب مفتوح واحنا بنكتب ورا المدرس، لكن فيه شعوب تانية زي اليابان بتعتمد على التعليم الإلكتروني عن طريق التفاعل مع المحتوى العلمي، وهي ثقافة وتعود، القارئ اتعود إن الكتاب يكون في يديه يقرأه وقت ما يحب، والكتاب المطبوع موروث قديم إنما التكنولوجيا فرضت علينا الاعتماد على الكتب الإلكترونية".

سور الازبكية

"ملمس الصفحات وتحسُس السطور وإمعان النظر في الكلمات تجعلني أنصهر مع تفاصيل ما أقرؤه، فإن كانت رواية، أشعر وكأنني أحد أبطالها وأحيانا أخرى أبدو كشاهد على أحداثها، وإن كنتُ أقرأ كتاباً

أكنْ كمن يتلقى درساً علمياً على يد مدرس متمرس"، هكذا علًق محمد ريان، أحد طلاب تمهيدي الماجستير بكلية الإعلام جامعة القاهرة.

وأكد "محمد" أنه "لا يشعر بما تحويه الكتب الإلكترونية، كأنها كلمات بدون روح، ومعانٍ بغير مذاق، تسْلبه لذة القراءة، وتحول دون أن يبحر بين سطور ما يقرأه كأنما يُردد كلمات لا يفهمها حتى وإن استوعبها".

بينما قالت منة الله مصطفى، طالبة جامعية، إن سور الأزبكية منبع للكتب والروايات والمراجع العلمية، فهي غالبًا ما تُقبل على شراء الروايات الأجنبية وكتب التنمية البشرية، نظرًا لأسعارها الزهيدة. "بشترى من سور الأزبكية علشان بلاقي فيه كل اللي أنا عايزاه من ملخصات وكتب للأطفال بأسعار رخيصة"، هكذا قالت إيمان عبد الحميد، ربة منزل.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج