إعلان

حوار- ليلى سويف: التعذيب في مصر من أيام الملك..الفرق في درجة ''الفُجر''

04:26 م الإثنين 15 ديسمبر 2014

حوار مصراوي مع الدكتورة ليلى سويف

كتبت-دعاء الفولي وإشراق أحمد:
يعطيها البعض لقب ''سند'' المظلومين، يتهمها آخرون بالعمالة للخارج بحكم عملها الحقوقي، ويعرفها أكثر الشباب بالدكتورة ليلى سويف، أستاذ الرياضة بكلية العلوم، جامعة القاهرة، زوجة المحامي الراحل أحمد سيف الإسلام، والدة الناشط السياسي ''علاء عبد الفتاح'' المحتجز في قضية أحداث مجلس الشورى، وكذلك ''سناء عبد الفتاح'' ابنتها الصغرى المسجونة على ذمة قضية تتعلق بقانون التظاهر، وبين اختلاف الآراء حولها، تعرف هي نفسها بأنها ''هاوية'' في مجال حقوق الإنسان.

في وقت رحل فيه الزوج الحقوقي الشهير، وابن وابنة يقبعان خلف القضبان في قضايا تظاهر، نخوض مع سليلة العائلة العلمية في رحاب حياتها مع السياسة وملف السجن السياسي، والحقوق التي تركت عشقها وتخصصها في الرياضيات وفرص السفر للخارج من أجل ''معافرة'' الوصول إليها.. فإلى نص الحوار:

عانيتم كأسرة من التصنيف دائمًا، سواء في عهد الإخوان المسلمين أو النظام الحالي.. كيف تتعاملين مع هذا الوضع؟
اعتدت عليه، فرغم أنه يمكن تصنيفنا فكرياً، إلا أننا غير قابلين للتصنيف على مستوى الحقوق، لأننا نرى أن الإنسانية مبدأ لا يرتبط باتجاه، وبشكل عام لن تتحرك البلد خطوة للأمام طالما لا يحترم أبناؤها حقوق وآراء بعضهم البعض.

أضربت عن الطعام 70 يوما مع منى ابنتك. هل كان قرار فك الإضراب عسيرًا؟
ظللت 10 أيام مترددة بين الإبقاء عليه أو التراجع، لكن فكرت بأن الإضراب جاء للتضامن مع من داخل السجن بالأساس، كمحمد سلطان، إبراهيم اليماني وعلاء عبد الفتاح، وطالما أن رسالتي وصلت للسلطة، فلا داعي للاستمرار، خاصة أنه زيادة عدد أيام الإضراب لم يكن ليحقق مكاسب أخرى.

هل فكرت يوما لماذا أواصل السير في طريق لا يجلب سوى المخاطر ولا أتراجع؟
لم أفكر. أنا شخصية عملية لا أحب الفرار من شيء لا يوجد لديّ خيار به، لنفترض أني فكرت ماذا سيحدث؟، هل اتراجع؟، وإذا حدث ماذا أفعل؟ خلاف ذلك لا يوجد من يتركني أتوقف، فرغم الألم والصعوبات لكن هناك مزايا؛ الزوج الذي يسجن سياسيا هو ذاته الذي لا يتحكم في اهتماماتي وأنشطتي وعملي.

كيف بدأت علاقتك بملف الاعتقال في مصر؟
طيلة الوقت عشت فترة اعتقال القريبين مني، فترة السبعينات معظم أصدقائي بين المسجونين السياسيين، والهاربين، فيما كنت من القليلين جدا غير المطلوب القبض عليهم، فهناك ميزة في أن يكون الواحد طالب ''شاطر''، يجلس في الكلية وينشغل بالمحاضرات فالمخبرين المزروعين وسط الحركات الطلابية لا يلتفتوا لي.

وفترة الثمانينيات سجن سيف (الإسلام) زوجي، حُكم عليه بخمس سنوات، أما التسعينيات أكثرها كان احتجاز الإسلاميين وكان لي تلاميذ من بينهم، وكذلك حينما شاركت زوجي في خوض مجال حقوق الإنسان والعمل على ملف التعذيب خاصة، رأينا كم الظلم الذي يتعرض له الناس بشكل عام، وأن أكثر من يتعرض للإهانة هم الأشخاص العاديون، وليس السياسيون، وأتذكر أولى الحالات التي عملنا عليها؛ كانت مجرد ''خناقة'' بالشارع، حرر أهل أحدهم محضرا ضد الأخر، ولأن لديهم واسطة بالشرطة، فالضابط ظل يضرب الشخص المبلغ ضده إلى أن مات.

ماذا عن التعذيب الآن.. هل بدأ يعود؟

 ماهينور المصري خليفة أحمد سيف الإسلام بلا منازع ... ومحاربة الإرهاب على حساب الحقوق كلام فارغ

تعذيب المواطن العادي وتعامل الشرطة معه أنه مشاع لم ينقطع منذ أيام الملك، فقط درجات ''الفُجر'' تزايدت بدءً من التسعينيات، تعذيب السياسيين ''هو اللي كان بيروح وييجي''، وكذلك اختلف الأمر فترة جمال عبد الناصر؛ فلم يكن يجوز تعذيب شخص إلا بعد أمر من القيادة وفي إطار العمل وليس مجاملة أو لأن الضابط يريد ذلك ''مكنش تعذيب قطاع خاص''.

عايشت فترات سجن للمقربين لك فهل سبق وأن تم اعتقالك؟
أنا لم اُعتقل، أوشكت على ذلك لكن ''ربنا بيستر''، وكان أول احتمال حقيقي في يناير 1980، حيث كان لإسرائيل جناح بمعرض الكتاب للمرة الأولى، المظاهرات كانت شبه يومية، في تلك الفترة كنت معيدة بكلية العلوم، ذهبت كالعادة مع الطلاب لرؤية كتب الرياضيات واختيار ما هو مناسب، لم تكن نيتي التظاهر، فدائما حينما أكون مع الطلاب لا أحب أن أورطهم في شيء، لكن مع دخولنا المعرض، ورؤيتهم الأعلام الفلسطينية مرسومة في كل مكان، تساءلوا عما يجري فقلت لهم، تحمسوا للمشاركة فلم أمنعهم، اختاروا رسم علم فلسطين ودخول الجناح الإسرائيلي والتجول به، لكن الأمن منعنا، حدثتهم أنهم أوصلوا الرسالة وهو المطلوب، غير أنه قبل تراجعنا ألصق طالب العلم على جدار الجناح، فضربه أحد الضباط، وحينما تدخلنا لحمايته تم إلقاء القبض على الجميع، واحتجزونا في حجرة رئيس هيئة الكتاب الذي رحل لإحساسه بحرج الموقف، بقينا قرابة ساعتين قبل الخروج، كان احتجازنا بسبب بعض طالباتي اللاتي جلسن فوق ''بوكس'' الشرطة، وصرخوا ''هياخدوا أستاذتنا''.

وما أقسى اللحظات بين سجن طلاب وأصدقاء وزوج وأبناء؟
كل اللحظات صعبة لكن الأقسى اعتقال سيف، خاصة أنه تعرض لتعذيب، وفترة سجنه كانت طويلة، في ذلك الوقت كان علاء صغير، ومنى ولدت وهو بالسجن، فلم أكن أفضل أن أخبر طفل لا يتجاوز أربع سنوات أن هناك مظلومين في السجون، واستيعاب وجود والده بالسجن، لكن في النهاية كلها أمور تمر.

ولدت في لندن وكانت لديك أكثر من فرصة للبقاء في الخارج.. فهل فكرتِ في الهجرة؟
على المستوى الشخصي أستمتع بالسفر كثيرًا، بشرط ألا يطول، منذ أربعين عاما أتحرك في مجال جغرافي واحد بين المنزل والجامعة وفي حدود الدولة، أنا والغربة لا نتفق. عندما حُكم على ''سيف الإسلام'' بأربع سنوات سجن في عهد مبارك، كنا نستطيع الهروب لكنه رفض أن يُنفى خارج البلد للأبد، لكني لا ألوم على الشباب الذين يرون في الهرب إلى الخارج طوق نجاة.

في رأيك.. من الذي يتبع خُطى المحامي أحمد سيف الإسلام من الجيل الحالي؟
ماهينور المصري بلا منازع، ليس لتخصصها في المحاماة ومجال الحقوق فقط، لكن لأنها تستطيع روية الشيء الجيد في كل شخص، مهما كانت أخطاءه، كما أن محركها الأول هو الإنسانية.

في معظم الأحداث من ثورة يناير، يتم تشكيل لجان حقوقية وتقصي حقائق.. ما مدى فعاليتها في مصر؟

اللجان المُشكلة من قبل الحكومة تخرج بتوصيات كي تبت فيها الدولة، إذا تم تكليف لجنة بالبحث في حدث بعينه فلابد أن تتقبل الدولة النتائج وتحاسب من يثبت تورطه، وهذا ما لا يحدث، كما أن اللجان نفسها لا تبذل جهدًا كبيرًا للتمسك بتوصياتها أمام السلطة، وبين هذا وذاك يضيع الحق، أما منظمات المجتمع المدني فالأمر ليس بيدها، فالقول بأن السجون المصرية لا آدمية يتطلب تحرك من الحكومة لإصلاح الوضع، لذا فالدائرة تبقى مُفرغة حتى تقوم كل جهة رسمية منوط بها برفع الظلم بدورها.

الحق يضيع بين لجان لا تتمسك برأيها وسلطة لا تقبل المحاسبة

 هل عُرض عليكِ منصب حكومي من قبل، ولو حدث ذلك؛ هل ستقبلين؟

بعد ثورة يناير لو عُرض علي منصب يتعلق بحقوق الإنسان، ربما كنت سأفكر في الأمر ''كنا وقتها عندنا أمل أكبر في التغيير''، لكن في ظل النظام الحالي لن أقبل أي منصب، فشروطي للعمل مع السلطة أن يكون لديها قدرة على التفاهم، وبشكل عام أتمنى الحصول على منصب تعليمي بحكم تخصصي وليس سياسي.

يحتفي العالم في شهر ديسمبر باليوم العالمي لحقوق الإنسان.. ما الذي تحتاجه مصر ليتوافر بها مبادئ حقوق الإنسان بشكل كامل؟
بشكل أساسي إعادة هيكلة جهازي الشرطة والقضاء، لا فائدة من تعديل القوانين، طالما الجهات المنفذة بها خلل.

يتردد على لسان بعض المواطنين أن الطعام والشراب أهم من ''حقوق الإنسان''.. فما رأيك؟
ألف باء حقوق إنسان هو أن يتمتع الشخص بحياة كريمة؛ طعام، ملبس جيد، مسكن آمن، الحماية من اعتداء أي شخص عليه، سواء من السلطة أو خارجها، وأن تكون هناك مساواة بين الجميع، لذا فهناك خطأ في الاعتقاد السائد بوجود انفصال بين الحقوق والاحتياجات اليومية، بل على العكس، فإذا انتهى التعذيب في السجون وبقي التعليم المصري بالمدارس على حاله، فهذا اكبر انتهاك لحقوق الفرد.

تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يدين تورط أكثر من دولة أجنبية في تعذيب مواطنين.. هل تعتقدين أنه سيؤثر على مصداقية المنظمات الحقوقية بمصر والتي تُتهم بالتمويل الخارجي؟
المنظمات المصرية لا يتم تمويلها من الدول، وإنما من منظمات مثلها، نحن ضمن اتجاه عالمي يدافع عن حقوق الفرد في أي مكان، لكن يجب أن نطور أنفسنا بشكل أكبر في التمويل المحلي، لدينا أفكار وجمعيات كثيرة، وبمساهمة رجال الأعمال المتبنين للفكرة أو المتبرعين ستدخل تلك الأفكار حيز التنفيز والنفع للمواطنين.

تخرج مقترحات بين حين وآخر عن المصالحة بين الإخوان المسلمين والتيار المدني.. ما إمكانية ذلك؟
المقترحات تتخذ اتجاه خاطئ، فمن يحتاج للمصالحة بشكل سريع هو السلطة والتيارات الإسلامية، ذلك لوقف نزيف الدم أولًا، أما المصالحة التي يتحدث البعض عنها، فمقصود بها العودة لخوض السياسة مع التيار الإسلامي، وهذا في غاية الصعوبة؛ لأننا عقب الثورة اجتمعنا كي نزيح النظام القمعي المتمثل في المجلس العسكري وقتها، حاولنا إيجاد مساحات مشتركة لكن المحاولات فشلت، نحن نحتاج استراتيجية وخطة للعمل نسير عليها، يتم تطبيقها على الكل، أو برنامج مشترك محدد، وهنا تأتي مشكلة أن التيار الإسلامي يفرض فكره على الآخرين من جهة، وهناك تيارات مدنية كالناصريين لها فكرها السلطوي من جهة أخرى، لذا في النهاية ''المشترك بين التيارات مش كافي لعمل برنامج مشترك''.

كيف ترين الأصوات المنادية بعدم الاهتمام بحقوق الإنسان في ظل محاربة الدولة للإرهاب؟
كلام فارغ. ضياع الحقوق هو البيئة الحاضنة للإرهاب، وعلى جانب آخر ما علاقة محاربة الإرهاب بعدم اهتمام الدولة بحقوق مواطنيها الأساسية؛ فوزارة التربية والتعليم مثلا تُشرف على مدارس تُهدر فيها كرامة الطلاب، سواء من خلال نظام التدريس أو مرافق المدرسة، فإذا كان وزيرا الداخلية والحربية منشغلان بمحاربة الإرهاب، فأين دور باقي الوزراء في إعطاء المواطنين حقوقهم في الصحة والتعليم والسكن وغيره.

 المنظمات المصرية تتبع اتجاه حقوقي عالمي بالدفاع عن ''الفرد'' في أي أرض

تاريخ سياسي طويل منذ كنت طالبة. فما الفرق بين بدايته والوقت الراهن؟
انضممت للحركة الطلابية ''وهي بتقفّل''. عنفوانها كان في 1971، وأنا التحقت بالجامعة سنة 73، كان هناك حركة طلابية وتيارات سياسية، لكن ليست كسابق عهدها، مظاهر الانتهاء كلها تواجدت بقوة؛ التناحر و''العك'' المصاحب لفترة التراجع، مثلما حدث لنا بعد الثورة، حينما ''تنفض'' الأمور قليلا، تتفرغ الناس لبعضها، يبدأ ''الخناق'' والانقسام إلى مجموعات.

وهل خفت يوما من رد فعل النظام؟
بالتأكيد، النظام كان قمعي، التضييق على الأنشطة من 73 حتى 77 كان في أبسط درجاته، وهو البقاء في مكتب العميد من أجل الإمضاء بالموافقة لأجراء ندوة ''تعطيل يعني''، إلى أن ظهرت أشكال التضييق الفجة والقمع الواضح بعد ذلك، عقب المظاهرات الضخمة في يناير 77.

هل قررتِ منذ دخول الجامعة الانخراط في السياسة؟
أنا بالفعل توجهت للسياسة من قبل الجامعة، فقد شاركت في مظاهرات الطلبة 1972 –اعتراضا لعدم حسم أمر الحرب كما قال السادات وقتها- كنت بالثانوية العامة، ذهب الطلاب إلى التحرير وهو اليوم الذي كتب عنه أمل دنقل قصيدة الكعكة الحجرية، بعد أن تدخلت الشرطة وفضت اعتصام الجامعة قبلها بيوم، فحينما جاء زملائهم خرجوا في مظاهرة رفضا للقبض على رفاقهم، وكانوا يمرون بمدرستي –الأورمان، فشاركت وبعض زملائي وجلسنا معهم قليلا، لكننا كنا خائفين من أهلنا، لدرجة أن كل منا تحدث إلى أهل الآخر ''وكل حد أخذ الزعيق مكان التاني'' وجاءت أختي وأعادتني للمنزل وقتها.

كيف رصدتِ تعامل الناس مع السياسة والتظاهرات منذ بداية مشوارك؟
دائما ما كان الشعب مقسوم على السياسة وخروج التظاهرات، مظاهرات التسعينيات على سبيل المثال بسبب حرب العراق الأولى، كان الكثير يغضبون علينا ''ويشتمونا''، الفترات التي وقف الشعب كله أو أغلبيته مع التظاهرات قليلة جدا، باستثناء مظاهرات مظاهرات يناير 77، والتي خرج بها أغلبية الناس ''من الطهقان''، وكانت 3 أيام والدولة تراجعت عن القرارات التي اتخذتها أولا ثم قامت بعد ذلك بحملة قمع، وصولا للفترة من 2000 حتى 2011 الناس أظهرت تعاطف لكن لا ترى فائدة مما نفعل، فمعظم الوقت الناس المحتجة سياسيا أقلية، والبقية ما بين رافض ومن يقول ''هتودوا نفسكم في داهية''، لهذا أجد الوقت الراهن أفضل كثيرا، لأنه حتى 2011 كنا نعتبر المظاهرة التي يسير فيها 300 شخص ناجحة، حاليا هذا العدد ''نبقى بنهزر''.

دائما هناك اتهامات لجيل السبعينات من الشباب بأنهم صمتوا ولم يخرجوا للاحتجاج. كيف ترين ذلك؟
شيء يجب الاعتراف به، بلا شك أن جيلي بعد عام 77 باستثناءات قليلة جدا قرر أنه يبحث عن حلول فردية، ولا أتحدث عن نشطاء سياسيين بل جيل بأكمله، وجدوا أن الحل في العمل خارج البلاد، وهذا التوجه أذى البلد، فأصبح الحال ليس فقط السفر لكن المدارس تتدهور نبحث عن أخرى خاصة، المستشفيات تسوء نبحث عن علاج، ولا نحاول إصلاح شيء ''بس نحاول نفلت بجلدنا'' وقليل جدا من كانوا عكس ذلك، فالمناخ السائد أنه لن ينصلح شيء، والمسؤول الرئيس عن ذلك هو جيلنا والجيل التالي والسابق لنا قليلا، خاصة بعد انكسار البلد والنفس من التجربة الناصرية بعد 67، والتوجه ''بتاع عايزين نعيش بأي طريقة وأي تمن'' فترة السادات واضطرار أعداد كبيرة من المصريين للاغتراب في أي ظروف.

 جيلي حاول ''يفلت بجلده''.. واتمنى الانتهاء من ''دوشة'' السياسة والعودة للبحث العلمي

على الجانب الأخر ما أخطاء الجيل الحالي؟
الاستعجال، رغم مزايا جميلة يحملها من ثقافة مختلفة ورفض شديد للخنوع، وإدراك أن الدنيا عالم وليس فقط حدود مكانه، وبه نسبة ليست قليلة لا تحب الشعارات البراقة، لكن لآن أغلب هذا الجيل دخل السياسة يوم الثورة لذلك لا تتعلق المسألة باستعجاله فقط إنما ''منظوره في حتة غلط''، لا يرى الانتصارات الصغيرة والتحرك البطيء وبالتالي من السهل أن يُحبط سريعا، فهو معتاد أن أي شيء يفعله يأتي بمردود، غير أن المرحلة التي نعيشها تتطلب السعي وراء كل حق على حدى، وهي تجربة لابد أن نخوضها، جيل الشباب يحتاج تعلم القليل من المثابرة إلى جانب الحماس والإحساس العالي بالحقوق والمساواة.

الكاتبة رضوى عاشور، كانت من رفاق النضال في السبعينات وحتى رحيلها.. حدثينا عن علاقتكما.
فرق السن بيني ورضوى 10 سنوات، كنت في المدرسة الثانوية عندما سمعت بها كمعيدة تعنتت السلطة تجاهها بسبب مواقفها السياسية، اعتبرتها مثلا يُحتذى به فيما يتعلق بالحقوق ''بوصلتها الإنسانية كانت مضبوطة دايما''، وكجيل أصغر فقد مهدت لنا الطريق في عدة مجالات سياسية بمشاركتها في أكثر من لجنة واحتجاج وغيره، أما ''رضوى'' الأديبة فلم أقرأ لها سوى في فترة متأخرة نسبيًا.

وما تفاصيل لقاءك الأخير بالأديبة الراحلة؟
حضرت رضوى عزاء زوجي متحاملة على مرضها، ولم تستطع القدوم إلى التأبين الذي أقامته الجامعة الأمريكية، فجاء الكاتب مريد البرغوثي، وابنها تميم البرغوثي، واعتذرا عن عدم قدومها نظرًا لمرضها؛ بعد التأبين بأيام ذهبت مع علاء إلى بيتها لأنها طلبت رؤيته، كنت قد قرأت روايتها الأخيرة ''أثقل من رضوى''، غير أنها أعطتني نسخة أخرى موقعة ومهداه لسناء في السجن، وكانت الأخيرة قد سألتها عن كتب تساعدها على الإلمام بالقضية الفلسطينية، فأعطتها أستاذة الأدب بعض الأسماء، لكن الوقت لم يمهل سناء لإحضارهم، لذا قامت رضوى تبحث عن هذه الكتب في مكتبتها الخاصة لتعطينا إياها، لم نتكلم سويا بعد هذه المرة، دخلت المستشفى على إثر مرضها الأخير، وكانت الزيارات ممنوعة لوجودها في الرعاية المركزة.

حركة 9 مارس كانت أحد أذرع النضال الجامعي.. هل تراجع دورها الآن؟
تشهد الحركة انقساما في الوقت الحالي، لكنه يلتئم ببطـء، أحداث 30 يونيو 2013 كانت السبب الرئيس في ذلك الصدع، خاصة أن استراتيجية 9 مارس تقوم على أنه في حالة الاختلاف بين الأعضاء لا يتم اتخاذ أي خطوة عملية حتى الاتفاق، لكن من جهة أخرى ومع تراجع المكاسب التي حققتها الجامعات بعد الثورة في الفترة الأخيرة؛ كانتخاب العمداء والحرية السياسية، فقد وجدت الحركة دافع قوي لمحاولة التلاحم مرة ثانية من أجل قضايا الحرية في الجامعات.

ما توقعاتك ليوم 25 يناير القادم؟
لا أستطيع تأكيد حدوث شيء بعينه، إلا ان أكثر ما أخشاه هو سقوط قتلى، كما حدث في يناير 2013، خاصة أنه ستكون هناك محاولات ليست بالقليلة للتظاهر.

العمل بمجال الحقوق، هل أثر على ليلى سويف الأستاذة الجامعية عاشقة الرياضة؟
بالتأكيد. الوضع الحالي يفرض عليّ الانغماس في السياسة بشكل أكبر، وهذا ظلم عملي بمجال البحث العلمي، لكن شغفي به موجودًا، أتمنى الانتهاء من ''دوشة'' السياسة لأعود له ثانية.

ما هو مشروعك الأهم في الحياة؟
أن أساهم في إصلاح التعليم بالمرحلة الابتدائية؛ ففيها يتم تأسيس وعي الطفل بشكل كامل، وكنت قد بدأت في العمل على ذلك المشروع ضمن مجموعة، أثناء حملة المحامي خالد علي بانتخابات الرئاسة 2012، حتى صار لدينا بذرة بداية، غير أن الفكرة تحتاج تمويل ودعم بشكل أكبر، لكن لازال لدي أمل في تطبيقه على أرض الواقع يوما ما.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج