إعلان

سوريا.. حلم بتغيير لم يكتمل

01:02 م السبت 18 يناير 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – هبة محسن:

14 يناير 2011 اشتعلت الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي مع قيام الثورة التونسية، لم يصدق كثيرين أن الشعوب العربية قادرة على الإطاحة بحكامها الذين جلسوا على كرسي الحكم لعقود طويلة.

كانت البداية مع تونس التي أطاحت بحكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ومن ثم قامت 25 يناير في مصر، وتلتها احتجاجات في ليبيا وسوريا وغيرهم.

ومن بين هذه الدول كان لسوريا وضع خاص، فهي أكتر دولة سالت فيها الدمار على مدار ثلاث سنوات ورغم كل الدماء التي سقطت لم تستطع هذه الدماء أن تزيح حكم بشار الأسد وتأتي بغيره يحقق طموحات الشعب السوري ممن ينادون بالتغيير.

''البداية''

بدأت الأزمة السوريا في 2011 بعد خروج جزء من الشعب السوري يطالب بالتغيير وبعمل إصلاحات سياسية في نظام الدولة، وهو الأمر الذي قابله النظام السوري باستخدام قوة الجيش في ردع المظاهرات المطالبة بالتغيير والمعارضة لحكم بشار الأسد، مما خلف آلاف القتلى من الشعب السوري حتى الآن.

اشتعل فتيل الأزمة في سوريا من مدينة درعا في فبراير 2011 حين قام الأمن السوري باعتقال مجموعة من الأطفال بسبب كتابتهم لشعارات مناهضة للنظام، وفي أعقاب هذه الحادثة انطلقت دعوة على الفيس بوك تدعو للتظاهر في عدد من المحافظات السورية.

كانت هذه المظاهرات بالنسبة للنظام السوري خروجًا عن المألوف ومحاولة لقلب نظام الحكم، ولكنها بالنسبة لإصحابها كانت خطوة على طريق الثورة، حيث طالبوا خلالها بإجراء الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية ونددوا باعتقال الأطفال في درعا ورفعوا شعار ''الله – سوريا – حرية بس''.

وكان ليوم الجمعة في دول الربيع العربي ولا سيما سوريا طبيعة خاصة، فجميع الاحتجاجات الكبيرة التي أدت إلى تصدع الأنظمة في هذه الدول خرجت يوم الجمعة، وفي يوم الجمعة 18 مارس 2011 خرج السوريون في محافظات درعا ودمشق وحمص رافعين شعار ''الشعب يريد إسقاط النظام'' وقد قابل الأمن هذه المظاهرات بوابل من الرصاص ليسقط فيها عدد من القتلى والجرحى.

وتجددت المظاهرات في العديد من المدن والمحافظات، واستمرت معها الممارسات الأمنية العنيفة ضد المتظاهرين، وقام الجيش السوري النظامي بقصف العديد من القرى بعدد من المحافظات التي خرجت ضد الأسد في المظاهرات.

وفي 31 مارس 2011 ظهر الرئيس السوري بشار الأسد لأول مرة في خطاب موجهة للشعب السوري منذ بداية الأحداث وأعلن عزمه إجراء حزمة إجراءات سياسية واقتصادية في البلاد ورفع حالة الطوارئ التي استمر العمل بها في سوريا طيلة 48 عاماً.

الخطوات التي قام بها ''الأسد'' لم تفلح في تهدئة ثورة الشعب الذي حلم بالتغيير، وفي الوقت نفسه زادت من حدة قوات الأمن في التعامل معها.

ومنذ اندلاع الأحداث في سوريا وحتى الآن سقط عشرات الآلاف من القتلى، وقد بلغ عدد القتلى حتى الآن أكثر من 53 ألف قتيل –بحسب أرقام مركز توثيق الانتهاكات السوريا-، كما نزح آلاف اللاجئين السوريين إلى مصر وتركيا والأردن وغيرها من دول العالم هرباً من الموت في بلادهم.

وقد تم اعتقال عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين العاملين في سوريا، ونددت عدد من جمعيات حقوق الإنسان الدولية بحملات التضييق والاعتقالات التي تطال الصحفيين هناك.

وفي خضم الأحداث، بدأت الاستقالات في صفوف الجيش النظامي وفي صفوف الحكومة ومجلس الشعب احتجاجاً على مارسات النظام ضد الشعب، كما تقدم باستقالته عدد من السفراء السوريين في عدد من دول العالم وطرد عدد أخر منهم.

الفصائل السوريا المقاتلة

بعد عدة أشهر من إندلاع الأحداث ظهرت الانشقاقات في صفوف الجيش السوري، وظهر ما يسمى بـ''الجيش السوري الحر''، ولكن استمرار القتال في الشارع لأيام وشهور وسنوات أدى إلى ظهور فصائل مقاتلة أخرى بعضها منشق عن الجيش السوري الحر والبعض الآخر منتمي للتيارات الإسلامية في سوريا وهو ما زاد من حدة القتال في سوريا.

ومن أبرز الفصائل المقاتلة التي تعمل على الأراضي السوريا الآن:

الجيش السوري الحر: يتكون الجيش السوري الحر من عدد من ضباط وجنود الجيش السوري الذين انشقوا عنه في أعقاب تظاهرات 2011، وبعد تطور الأوضاع في سوريا وأخذها منحى عسكري أنضم للجيش السوري الحر مدنيين سوريين لمواجهة القوة العسكرية للنظام.

في عام 2012 بدأ الخلاف داخل الجيش السوري الحر ومع تزايد الانشقاقات نشأت مجموعة من الكتائب والفصائل المقاتلة لم يكن بينهم تنسيق بسبب انشغال كل منها في حماية منطقة بعينها.

جبهة النصرة: تتكون جبهة النصرة من مجموعة من الإسلاميين والجهاديين الذين انتشروا في أكثر من محافظة أبرزها حلب ودمشق وريفهما، وتسعى لإقامة ما يسمى بـ''الكيان الإسلامي النقي'' في سوريا بعد رحيل النظام الحالي.

ويتردد أن الجبهة تتلقى تمويلها من بعض دول الخليج، وقد وضعت على قوائم الإرهاب الدولي عام 2013 باعتبارها أحد الكيانات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في العراق.

جبهة ثوار سوريا: تتشكل الجبهة من مجموعة من الكتائب والألوية المسلحة ضد النظام، ولديها رؤية محددة أعلنت عنها وقت تأسيسها، وتتمثل في إسقاط حكم الرئيس الأسد وإقامة حكم إسلامي وتقديم مشروع لنهضة الأمة.

الجبهة الإسلامية: تشكل تحالف الجبهة الإسلامية من اتحاد مجموعة من الفصائل الإسلامية المقاتلة في سوريا، وهي ''لواء التوحيد - حركة أحرار الشام - جيش الاسلام – لواء صقور الشام - لواء الحق - كتائب أنصار الشام - الجبهة الإسلامية الكردية''.

ويهدف هذا التحالف الإسلامي إلى اسقاط الرئيس السوري بشار الأسد وبناء دولة إسلامية في سوريا.

''مواقف دولية وعربية''

ممارسات النظام السوري قلبت العالم ضده، ولم تكتفي دول العالم بالإدانة والشجب لما يحدث في سوريا، بل طالبت النظام السوري بالتنحي بعدما سقطت شرعية نظامه بسبب حجم الدماء التي سالت في الشارع.

وأعلنت عدد من الدول العربية وعلى رأسهم السعودية والكويت سحب سفرائها لدى سوريا، وتم تنظيم عدد من الوقفات الاحتجاجية في عدد من دول العالم أمام السفارات السوريا للتنديد بممارسات النظام، وقام المتظاهرين باقتحام عدد من مقرات السفارات السوريا.

ومع نهاية عام 2011 قرر المجلس الدولي لحقوق الإنسان بعد زيارته لسوريا تشكيل لجنة تحقيق دولية في انتهاكات النظام السوري ضد الشعب ولكن الحكومة السوريا آنذاك رفضت دخول أعضاء لجنة التحقيق إلى البلاد، وتحرك مجلس الأمن الدولي لإدانة النظام السوري إلا أن روسيا والصين استخدما حق الفيتو ضد قرار مجلس الأمن، واستخدمته بعد ذلك أكثر من مرة ضد قرارات الإدانة للنظام السوري.

وفي الوقت نفسه، طالب جامعة الدول العربية النظام السوري بوقف أعمال العنف ضد الشعب، وأمهلته فرصة للحوار مع المعارضة التي بدأت تتزايد قوتها في مواجهة النظام، وطرحت الجامعة عدد من المبادرات لحل الأزمة وبدء حوار مع المعارضة ولكن الحكومة السوريا رفضت هذه المبادرات.

وفي وقت لاحق أصدرت جامعة الدول العربية قراراً بتجميد عضوية سوريا فيها، لحين توقف النظام عن أعمال العنف وبدء مرحلة المفاوضات مع المعارضة.

ووقعت الدول الغربية عقوبات على النظام السوري ورموزه حيث تم تجميد حسابات عدد من رموز نظام ''الأسد'' وعائلته في عدد من الدول الأوروبية.

وفي منتصف 2013 أرسل الأمم المتحدة بعثة تقصي حقائق إلى سوريا لبحث الأوضاع هناك وأنهت البعثة زيارتها ورفعت تقريرها إلى الأمم المتحدة والذي اتهمت فيه النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب، وهو التقرير الذي أثار ردود فعل دولية واسعة وقررت الولايات المتحدة الأمريكية على إثره شن ضربة عسكرية ضد سوريا للتخلص من نظام بشار الأسد.

وانتظر العالم أجمع لحظة الصفر التي تحرك فيها الولايات المتحدة الأمريكية قواتها نحو الشرق لضرب سوريا، ولكن استطاعت روسيا الحليفة الأقوى والأكبر للنظام السوري بإيقاف القرار الأمريكي وطرح مباردة لحل الأزمة.

''مؤتمرات حل الأزمة''

محاولات دولية حثيثة لحل الأزمة السوريا، ومن بين هذه المحاولات كان مؤتمر ''جنيف 1''، وشارك في هذا المؤتمر عدد من الدول وأيضاً شاركت فيه المعارضة السوريا باعتبارها الممثل الشرعي للشعب السوري في المؤتمر.

كان هدف المؤتمر هو الترتيب لمرحلة ''ما بعد الأسد'' كما أسموها، ولكن الصين وروسيا جددوا رفضهم لأي محاولات الإطاحة بالنظام السوري وشددوا على أن السوريين وحدهم من لهم حق إقرار مصيرهم.

اختتم ''جنيف 1'' بتوصيات لتشكيل حكومة انتقالية في سوريا تضم أطياف من النظام السوري والمعارضة على ان يحل بشار الأسد عن حكم البلاد ويترك مصيره ليحدده الشعب السوري، واعترضت روسيا والصين الذين أكدا أن الشعب السوري صاحب الحق الوحيد في تقرير مصيره ولا يحق لأي طرف خارجي التدخل لإقرار هذا المصير.

ودعت الدول المشاركة في المؤتمر الحكومة السوريا إلى سرعة إطلاق سراح المعتقلين تعسّفياً، والسماح للمراقبين بالوصول إليهم، وإتاحة حق التنقل الحر للصحفيين واحترام حق التظاهر السلمي، والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين لها.

أما مؤتمر ''جنيف 2'' فجاري الإعداد له في الوقت الراهن وقد شاب انعقاده العديد من المشاكل في الفترة الاخيرة وجاري حلها من أجل إتمامه، مع العلم أن هناك عدد كبير من الدول سيشارك في هذا المؤتمر للتوصل إلى حل للأزمة السوريا.

وكان للمعارضة أيضاً نصيب في هذه المؤتمرات، حيث عقدت المعارضة السوريا العديد من المؤتمرات في تركيا وبروكسل وفرنسا، وكانت جميعها تبحث سبل حل الأزمة وكيفية التخلص من النظام السوري.

وحتى الآن ما زال الشعب السوري يبحث عن التغيير الذي حلم به منذ ثلاث سنوات ودفع ثمنه دماء الآلاف من أبنائه.

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان