إعلان

عمره 89 سنة.. "عم ناصر" يدير معصرة من القرن الـ18: "لو بطلت اشتغل أموت"

04:56 م الأربعاء 20 مارس 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الأقصر – محمد محروس:

على بعد مائة متر من معبد خنوم بمدينة إسنا جنوب الأقصر، لا زالت معصرة "بكور" للزيوت التي يعود تاريخ إنشائها إلى أكثر من 200 عام، تدور رحاها لاستخراج الزيوت بالطريقة القديمة التي عرفها أهل الصعيد، يدفع "عم ناصر" الذي بلغ من العمر أرذله جذع شجرة ببطء فتدهس الرحى البذور لتخرج منها الزيوت التي يستخدمها أهالي الأقصر والصعيد في التداوي من الأمراض.

بقوام نحيف وظهر منحني، يُصِّر محمد بكور "89 عاما" أو كما يطلق عليه أهالي إسنا "عم ناصر" على أن يعمل في المعصره بنفسه: "أنا ورثت المعصرة عن جدي الكبير بكور ولو بطلت اشتغل هنا أموت" فارتبطت معصرة بكور لديه بحياته وأصبحت كل حاضره وماضيه.

لمعصرة "بكور" في الأقصر حكايات يتداولها أهالي مدينة إسنا بحب وتقدير شديد فهي واحدة من الأماكن التراثية القليلة التي صمدت في وجه تقلبات الزمن ولم تندثر رغم ما طرأ على صناعة الزيوت من تغيير كبير فمكانة المعصرة في قلوب أهالي مدينة إسنا كان داعما لها ولأصحابها طوال مدة تجاوزت القرنين من الزمان.

يخشى "عم ناصر" من أن تهمل الأجيال القادمة "المعصرة" أو أن تتحول لماضي فقد ارتبطت باسم عائلته وأصبحت جزءا من تراث إسنا الحافلة بالمواقع الأثرية والتراثية.

تضم المعصرة غرفتين كبيرتين الأولى يتوسطها حجر مستدير من الجرانيت الأحمر وفوقه حجر آخر من يتحكم في حركته بشكل دائري عامود خشبي معروف باسم "العروسة" مثبت بقطعة خشبية أخرى تسمى بالقطة.

وتضم الغرفة الثانية آلة خشبية تستخدم في استخلاص الزيوت وتنقيته من الشوائب حيث تمر الزيوت بعدة مراحل حتى تصل لمرحلة الفلاتر المكونة من عيدان الذرة والليف ثم يتم تصفية الزيوت في حوض من الجرانيت قبل تعبئته في زجاجات.

ومن أبرز الزيوت التي يتم استخراجها من معصرة "بكور" زيوت حبة البركة والزيتون والسمسم والخس والجرجير وغيرها، حيث يشتري عادة هذه الزيوت العطارون المنتشرون بشكل كبير في مختلف أنحاء محافظة الأقصر.

ويزور السياح أحيانا معصرة "بكور" لمشاهدة مراحل استخراج الزيوت بهذه الطريقة التي اندثرت في معظم البلدان إلا أن المعصرة غير مندرجة ضمن قائمة المواقع التراثية بشكل رسمي حتى الآن، بينما يطالب أهالي مدينة إسنا بوضعها على البرامج السياحية لتعزيز النشاط السياحي في المدينة.

وذكر محمد محيي الدين سلام في كتابه "إسنا حضارة وتاريخ" أن معصرة "بكور" ترجع مبانيها وآلاتها إلى القرن الثامن عشر الميلادي وأنشأها أحمد بكور والذي اشتهر اسمه مصاحبا للمعصرة وأنها عبارة عن قاعتين في دور أرضي لهما واجهة شمالية ولها مدخل واحد يفتح على القاعة الأولى وتسمى بالدورة لوجود مدار دائري للإبل والأبقار التي تشغل المعصرة.

فيديو قد يعجبك: