تقرير أمريكي يكشف مفاجأة سكانية تهز العالم
كتب : مصراوي
التوازن السكاني العالمي
وكالات
كشف التقرير الأحدث الصادر عن مكتب الإحصاء الأمريكي في ديسمبر عن تحولات ديموغرافية عميقة من شأنها إعادة تشكيل التوازن السكاني العالمي بحلول عام 2100، حيث يُتوقع أن تبرز أفريقيا كأصغر القارات عمرًا وأكثرها ديناميكية، في مقابل دخول شرق آسيا وأوروبا مرحلة شيخوخة سكانية حادة يصاحبها تراجع عددي قد ينعكس سلبًا على اقتصاداتها وقدراتها العسكرية.
ويستند مكتب الإحصاء الأمريكي في إعداد قاعدة بياناته الدولية إلى تحليل واسع النطاق يشمل مئات المصادر حول العالم، من بينها الإحصاءات الوطنية والدراسات الاستقصائية، بهدف تقديم توقعات سكانية طويلة الأمد تمتد حتى نهاية القرن الحالي.
وتشير البيانات إلى أن أفريقيا تتجه لتصبح محور الثقل الديموغرافي العالمي، إذ يُتوقع أن يتضاعف عدد سكانها أكثر من مرة بين عامي 2030 و2100، مسجلة زيادة تُقدّر بنحو 155%. في المقابل، يُرجح أن يشهد عدد سكان آسيا تراجعًا بنسبة 9%، وأوروبا انخفاضًا بنحو 16%، نتيجة تسارع الشيخوخة السكانية واستمرار تراجع معدلات الخصوبة على المدى البعيد.
كما تُظهر التوقعات انكماش عدد سكان أمريكا الجنوبية بنسبة 12%، في حين يُنتظر أن تسجل أمريكا الشمالية نموًا محدودًا لا يتجاوز 4%، مدفوعًا أساسًا بتدفقات الهجرة وليس بارتفاع معدلات الولادة.
وعلى مستوى الدول، تُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية المفاجأة الأبرز، إذ يُتوقع أن تتحول إلى واحدة من أكبر الدول سكانًا في العالم، مع قفزة في عدد سكانها من 139 مليون نسمة عام 2030 إلى نحو 584 مليون نسمة بحلول عام 2100، وهو أعلى معدل نمو سكاني متوقع لأي دولة عالميًا.
ويُتوقع أن تضيف نيجيريا نحو 283 مليون نسمة خلال الفترة نفسها، بينما ستشهد كل من تنزانيا وإثيوبيا وأوغندا وأنغولا والنيجر زيادات سكانية تقارب 100 مليون نسمة لكل دولة. وعلى النقيض، تشير التقديرات إلى أن الصين ستواجه تراجعًا ديموغرافيًا غير مسبوق، مع انخفاض عدد سكانها من 1.4 مليار نسمة إلى نحو 662 مليون نسمة، في أكبر تراجع سكاني مسجل في تاريخ أي دولة.
ومن المنتظر أن تدخل أوروبا ومعظم دول شرق آسيا مرحلة انكماش سكاني ممتد، بما يحمله ذلك من تداعيات على أسواق العمل والقدرات العسكرية وصياغة السياسات العامة. أما الولايات المتحدة، فيُتوقع أن تشهد نموًا سكانيًا محدودًا يعتمد بالدرجة الأولى على الهجرة، ليرتفع عدد سكانها إلى قرابة 370 مليون نسمة، مقارنة بنحو 343 مليونًا حاليًا.
وعلى الصعيد العالمي، يُتوقع أن تحافظ الهند على موقعها كأكبر دولة من حيث عدد السكان بنحو 1.5 مليار نسمة، رغم تباطؤ وتيرة نموها، لتكون الدولة الوحيدة بين أكبر ثلاث دول سكانيًا التي لا يُرجح أن تشهد تراجعًا ديموغرافيًا خلال هذا القرن.
في المقابل، تواجه دول مثل روسيا واليابان وكوريا الجنوبية وأوكرانيا وإيطاليا وإسبانيا ما يوصف بانهيار ديموغرافي هيكلي، ناجم عن التقدم في العمر وانخفاض معدلات الخصوبة إلى ما دون مستويات الإحلال السكاني.
وتُظهر التوقعات أن القارة الأفريقية، بنموها السكاني المتسارع، ستوفر الحصة الأكبر من القوى العاملة العالمية مستقبلًا، كما ستتحول إلى مركز رئيسي للاستهلاك، والتوسع الحضري، والتجمعات الدينية. وعلى الجانب الآخر، ستؤدي الشيخوخة وتراجع أعداد السكان في أوروبا وشرق آسيا إلى إضعاف القدرات العسكرية، وتباطؤ النمو الاقتصادي، واحتدام المنافسة بين الدول على استقطاب المهاجرين.
وتندرج هذه التحولات ضمن سياق أوسع من التباطؤ العام في النمو السكاني العالمي، نتيجة انخفاض معدلات الخصوبة في معظم الدول المتقدمة والناشئة، مع استثناء لافت لدول أفريقيا جنوب الصحراء، حيث لا تزال معدلات الخصوبة مرتفعة نسبيًا.
ويعزز تحليل منصة "أكسيوس" لهذه البيانات التقديرات نفسها، مؤكدًا أن أفريقيا تتجه لتكون المركز الديموغرافي الجديد للعالم، مع تضاعف عدد سكانها أكثر من مرة بين عامي 2030 و2100.