حرب غزة على الخرائط.. 15 صورة ترصد تحول القطاع إلى أنقاض خلال عامين
كتب : أسماء البتاكوشي
غزة
لمدة عامين على التوالي عكف جيش الاحتلال الإسرائيلي على تدمير المباني والمنازل في قطاع غزة وجعله غير قابل للحياة، ما اضطر غالبية السكان إلى النزوح، هربًا من القتل والتدمير، حيث أسفر ت حملة القصف الإسرائيلية والغزو البري للقطاع عن استشهاد نحو 67 ألف فلسطيني، حسب وزارة الصحة بالقطاع.
وجاءت الحرب الغاشمة التي شنها الاحتلال ردًا على هجوم حركة حماس في الـ7 من أكتوبر عام 2023، وقتل فيه 1200 شخص فيما أسرت المقاومة 251 آخرون، وهو ما اعتبرته إسرائيل ذريعة لتدمير القطاع بزعم أنها تحاول تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس.
ويبلغ طول غزة 41 كيلومترًا وعرضها 10 كيلومترات فقط - أي ما يعادل ربع مساحة لندن تقريبًا - وهي محاطة من ثلاث جهات بحدود مغلقة مع إسرائيل ومصر، ومن الغرب بالبحر الأبيض المتوسط، حيث تفرض إسرائيل حصارًا، ويسكنها أكثر من مليوني نسمة.

وتقول شبكة بي بي سي البريطانية إن التقديرات تشير إلى أن أكثر من 90% من المنازل قد تضررت أو دُمرت؛ وانهارت أنظمة الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي والنظافة؛ فيما يؤكد خبراء مدعومون من الأمم المتحدة إلى وجود مجاعة في مدينة غزة.
وتقول لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، على الرغم من رفض إسرائيل لتقرير اللجنة، واصفة إياه بأنه "مُشوّه وكاذب".
كيف انتشر الدمار
ركزت حملة إسرائيل في البداية على شمال غزة، حيث زعمت أن مقاتلي حماس كانوا يختبئون بين السكان المدنيين، وهو ما نفته الحركة.

كانت بلدة بيت حانون الشمالية، التي تبعد كيلومترين فقط عن الحدود، من أوائل المناطق التي تضررت بالغارات الإسرائيلية، ولحقت بها أضرار جسيمة.

وواصلت إسرائيل قصف مدينة غزة وغيرها من المراكز الحضرية في الشمال، وأمرت المدنيين بالتحرك جنوب نهر وادي غزة قبل أن تشن غزوها البري في نهاية أكتوبر 2023، لكنها في الوقت ذاته كانت تشن غارات جوية على المدن الجنوبية التي كان مئات الآلاف من سكان غزة يفرون إليها من الشمال، وبحلول نهاية نوفمبر، كانت أجزاء من جنوب القطاع قد تحولت إلى أنقاض، وكذلك معظم شماله.

وكثفت إسرائيل قصفها على جنوب ووسط غزة في بداية شهر ديسمبر، قبل أن تشن هجومًا بريًا على خان يونس، وبحلول يناير 2024 كان أكثر من نصف المباني في غزة قد تضرر أو دمر.

بحلول وقت إعلان وقف إطلاق النار في يناير 2025، قُدِّرت نسبة الأضرار التي لحقت بـ 60% من المباني في قطاع غزة، وكانت مدينة غزة الأكثر تضررًا، استشهد آنذاك أكثر من 46 ألف فلسطيني، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.

واستمر الدمار منذ أن أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار في مارس، بما في ذلك في رفح جنوبًا، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 90% من الوحدات السكنية في غزة تضررت خلال الحرب.
وسُوّيت أحياء بأكملها بالأرض في غزة، ودُمّرت مستشفيات ومساجد، وحُوّلت الأراضي الزراعية التي كانت تُقام عليها الصوبات الزراعية إلى رمال وأنقاض بفعل المركبات الثقيلة والدبابات التي استخدمتها القوات الإسرائيلية في عمليات الهدم، وذلك بسبب زعم إسرائيل أن حماس تستخدم المباني المدنية، مثل المستشفيات، لأغراض عسكرية، وهو ما نفته الحركة.

الحرب، كان معظم سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، يعيشون في مدنها الرئيسية الأربع: رفح وخان يونس جنوبًا، ودير البلح وسطًا، ومدينة غزة، ففي غضون عشرة أيام من 7 أكتوبر 2023، أجبر الهجوم الإسرائيلي ما يقرب من نصف السكان على مغادرة منازلهم، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وبحلول الوقت الذي أُعلن فيه وقف إطلاق النار بعد 15 شهرًا، كان عدد النازحين داخليًا قد بلغ نحو 1.9 مليون شخص - وهم ما زالوا غير قادرين على العودة إلى ديارهم.

انتقلت العائلات عدة مرات عندما غيرت إسرائيل تركيز عمليتها، حيث طلبت في البداية من الناس في الشمال الانتقال إلى جنوب نهر وادي غزة، الذي يقسم القطاع إلى نصفين تقريبًا، ثم أمرت الناس في وقت لاحق بمغادرة سلسلة من "مناطق الإخلاء" في الجنوب.

ألقى الجيش الإسرائيلي منشوراتٍ تحذر السكان من مغادرة المنطقة قبل بدء العمليات. مع ذلك، لا تسبق جميع الغارات الإسرائيلية تحذيرات.

المناطق المحظورة تنمو

خريطة قطاع غزة بتاريخ 18 مارس 2025، تُظهر المناطق الخاضعة لقيود وأوامر إخلاء، تشمل المدن المحددة شمال غزة، ومدينة غزة، ودير البلح، وخان يونس، ورفح. يشير اللون الأرجواني إلى المناطق المشمولة بقيود أو أوامر إخلاء على طول الحدود مع إسرائيل ومصر.
منذ أن أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار، خصصت المزيد من مناطق غزة كمناطق محظورة - حيث توجد قيود - أو جعلتها خاضعة لأوامر التهجير، مما يعني أنه طُلب من سكان غزة المغادرة تمامًا.
في البداية، غطت أوامر الإخلاء منطقتين - في محافظتي شمال غزة وخان يونس - مع وجود منطقة "محظورة" على طول الحدود بأكملها.
كما منعت إسرائيل أي مساعدات إنسانية من دخول غزة في بداية شهر مارس - متهمة حماس بالاستيلاء عليها.

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في 16 أبريل الماضي، أن إسرائيل ستُقيم مناطق أمنية في غزة لتوفير "منطقة عازلة" لحماية التجمعات السكانية الإسرائيلية حتى بعد انتهاء الحرب - أصرت حماس على انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة في ظل أي وقف دائم لإطلاق النار.
في ذلك الوقت، تأثر ما يقرب من 70% من غزة بالقيود الإسرائيلية - بما في ذلك معظم محافظتي شمال غزة ومدينة غزة في الشمال وكامل محافظة رفح في الجنوب، وفقًا للأمم المتحدة.

وتظهر خريطة قطاع غزة بتاريخ 15 أبريل 2025، المناطق الخاضعة لأوامر تقييد الحركة والإخلاء باللون الأرجواني. تُبرز هذه التسميات محافظات شمال غزة، ومدينة غزة شمالًا، وهي مشمولة تقريبًا بأوامر المنع، ورفح جنوبًا، وهي مشمولة بالكامل.
وفي مايو، شنت إسرائيل هجومًا بريًا باسم عملية "عربات جدعون"، والتي قال نتنياهو إنها تهدف إلى تأمين إطلاق سراح الأسرى الـ48 المتبقين و"إكمال هزيمة" حماس ومنذ ذلك الحين، وُسِّعت المناطق التي تشملها أوامر التهجير والقيود الأخرى.
وركزت المرحلة الأولى من العملية على ما زعم الاحتلال أنه أهداف في رفح وخان يونس وشمال غزة، لكن في أغسطس، أعلنت إسرائيل خطط للسيطرة على مدينة غزة نفسها واحتلالها - والتي وصفتها بأنها "المعقل الأخير" لحماس، وكانت هي أكثر مناطق القطاع كثافة سكانية قبل الحرب، حيث كان يسكنها 775 ألف نسمة.

وتظهر خريطة قطاع غزة بتاريخ 1 أكتوبر 2025، المناطق الخاضعة لقيود وأوامر إخلاء باللون الأرجواني، حيث تشمل الخريطة كامل محافظتي شمال غزة ومدينة غزة، بالإضافة إلى كامل رفح تقريبًا وغرب خان يونس ودير البلح، وتُبرز منطقة المواصي جنوب شرق غزة ضمن الشريط الضيق غير المشمول بالقيود الإسرائيلية.