إعلان

خبير سياسي تركي: سياسة تركيا على أعتاب تحول في الأجيال

10:58 ص الثلاثاء 23 مايو 2023

تركيا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

لندن - (د ب أ):

يرى الباحث والخبير السياسي التركي غالب دالاي أنه رغم تنبؤات الكثير من مراكز الاستطلاع، استعاد تحالف رجب طيب أردوغان الحاكم أغلبية في البرلمان التركي ويبدو أن الرئيس الحالي سيفوز في جولة الإعادة المقبلة.

ويضيف دالاي، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسمياً باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)، في تقرير نشره المعهد أنه إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن يكون أردوغان مستريحا سياسيا وهو يدخل عقدا ثالثا على رأس السياسة التركية، وسوف يواجه تحديا ضئيلا فى نطاق الطيف السياسي المحافظ الأوسع نطاقا. ولكن هذه ستكون آخر فترة رئاسية له – في ظل الحدود الدستورية للبلاد- ولذلك سيكون إرثه في مقدمة أولوياته.

ويقول دالاي إن من الصعب تصور تركيا ما بعد أردوغان، ناهيك عن أي سياسة محافظة ، ذات طابع إسلامي بعده. ولكن من المحتمل في المستقبل غير البعيد أن تستعد البلاد لتحول في الأجيال بالنسبة للسياسة المحافظة بها. وأردوغان في وضع راسخ لصياغة هذا التغيير، فبخلاف الحديث عن محاربة الإرهاب، وزيادة التركيز على سياسة الهوية واقتصاديات الانتخابات مثل منح العاملين زيادة 45% في الراتب والتقاعد المبكرللملايين، يستهدف أردوغان بصورة مباشرة مشاعر وغرور دولة ومجتمع ما بعد الإمبراطورية.

ويؤكد أردوغان على فكرة عظمة تركيا في الشؤون الدولية، والوقوف في وجه القوى العالمية- وهو ما يعني الدول الغربية إلى حد كبير- والتمتع بالاستقلالية فيما يتعلق بالسياسية الخارجية والأمنية.

ويستمتع أردوغان بتصوير الصناعة العسكرية المتوسعة بسرعة في تركيا، والتي تجذب الكثير من الاهتمام الدولي، كدليل واضح على هذه العظمة والاستقلالية. ومن خلال سلسلة من المهرجانات التكنولوجية الكبيرة، يستعرض أردوغان قوة تركيا، خاصة في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة الحديثة للغاية.

وعلى النقيض من ذلك، تعد المعارضة بتحقيق تغيير في جميع المجالات تقريبا، مع التركيز على إنهاء الاضطراب الاقتصادي الشديد وحكم الرجل الواحد في البلاد. وأثناء الحملة، كان منافس أردوغان، كمال كليتشدار، يركز في مقاطع فيديوعلى التحديات التي تواجه البلاد ورؤيته لمواجتها.

وفي أحد هذه المقاطع استخدم بصلة لتأكيد التضخم السائد في البلاد والصعوبات التي تواجهها الأسر في الحصول على السلع الأساسية. وأصبحت هذه البصلة تمثل التراجع الاقتصادي لتركيا والتضخم الجامح.

ويقول دالاي إن المسيرة والبصلة، كرمزين، يتناغمان أيضا مع صور المرشحين في السياسة العامة، حيث يمثل أردوغان القيادة الكاريزمية، وكليتشدار الحياة العادية. وقد تحدث أردوغان عن أفكار كبيرة، وتحدث كليتشدار عن أفكار عادية. وتوضح نتائج الجولة الأولى للانتخابات انتصار الأفكار الكبيرة على العادية بدرجة كبيرة، أي انتصار المسيرة على البصلة.

ويشير دالاي إلى أن كليتشدار، البالغ من العمر 74 عاما، سيواجه صعوبة في الحفاظ على موقعه كقائد للمعارضة إذا خسر جولة الإعادة. ولكن هامش الهزيمة يمكن أن يحدد مدى ما سيحدث من تغيير. فإذا ما اقترب من الفوز، سيمكنه الاحتفاظ بمركزه لبعض الوقت وتشكيل اتجاه التغيير داخل حزب الشعب الجمهوري حسب رؤيته بقدر الإمكان. ولكن تعرضه لهزيمة شديدة قد يرغمه على الرحيل عن زعامة الحزب بصورة أسرع نسبيا.

وأوضح دالاي أن التغيير لن يقتصر على حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، حيث إن السياسات الكردية تواجه أيضا خيارات صعبة. فمنذ وقت طويل اختارت الاحزاب الموالية للأكراد طريقا ثالثا في السياسة التركية بدلا من أن تكون جزءا من المعسكر الحاكم أو معسكر المعارضة. لكن منذ عام 2015 غيرت مسارها، وأصبحت بصورة متزايدة جزءا من المعارضة.

ومن ثم أصبحت السياسة الكردية بصورة متزايدة جزءا لا يتجزأ من المسرح السياسي التركي العام، حيث وسعت نطاق الطيف الذي تغطيه. ويبدو أن الجانب المدني من هذه السياسة سوف يعزز نفوذه على حساب الجناح العسكري. فتركيا، من خلال صناعتها العسكرية وتكنولوجيتها الخاصة بالمسيرات التي تشهد نموا سريعا، أصابت بالشلل النشاط العسكري لحزب العمال الكردستاني المحظور. ومن المحتمل أن يعزز هذا سلطة الجانب المدني على نحو أكبر.

ويؤكد دالاي أن هناك دلالة كبيرة لهذا التغيير حيث إن وجود حزب العمال الكردستاني ما يزال يلقي بظلاله على السياسة الكردية ويمكن أن يساعد أي حكومة في تدقيق السياسة الوطنية بسهولة نسبية- حيث كانت محاربة الإرهاب موضوعا رئيسيا في حملة أردوغان أثناء الانتخابات.

ويكمن مستقبل السياسة الكردية حاليا في المدن الرئيسية بغرب تركيا مثل اسطنبول، وأنقرة، وأزمير، وأضنة، وميرسين، وليس في قاعدة الدعم الرئيسية للأغلبية الكردية في الجزء الشرقي أو الجنوبي من تركيا.

واختتم دالاي تقريره بالقول إنه بغض النظر عن نتائج جولة الإعادة، سوف تثبت هذه الانتخابات أنها معلم رئيسي في التغييرات الهيكلية والتي تتعلق بالأحيال بالنسبة للمستقبل السياسي لتركيا. فقد دخلت البلاد بالفعل فترة تشكيل جديدة لذلك فإن المخاطر كبيرة والخيارات صعبة.

فيديو قد يعجبك: