إعلان

مسيرة أردوغان الذي يقاتل للفوز بعقد ثالث في حكم البلاد

02:46 م الأحد 05 فبراير 2023

أردوغان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

أنقرة- (بي بي سي):

انطلق رجب طيب أردوغان من خلفية متواضعة، لكنه تطور ليتحول إلى عملاق سياسي، حيث تسلم دفة الحكم لمدة 20 عاماً، وأعاد هيكلة تركيا أكثر من أي زعيم حكم البلاد بعد مصطفى كمال أتاتورك، الأب الروحي للجمهورية الحديثة.

لكن التضخم المتنامي وأزمة تكاليف المعيشة، تلقي بظلال الشك على فرصه في مد حكمه لعقد ثالث.

قد يمنعه تراجعه في الاستطلاعات وتحدي المعارضة القوي له من الفوز في الانتخابات المقررة في مايو المقبل.

بالنسبة لزعيم مشاكس صاحب سجل قوي على صعيد التنمية والازدهار والتحديث، يمثل التدهور الاقتصادي في تركيا خطراً جسيماً.

في البداية كرئيس للوزراء في عام 2003 ثم كرئيس منتخب بشكل مباشر منذ عام 2014 وحتى الآن، استعرض رجب طيب أردوغان عضلات بلاده كقوة إقليمية، ودافع عن القضايا الإسلامية وسارع إلى القضاء على المعارضة الداخلية.

على الرغم من أنه رئيس دولة عضو في حلف شمال الاطلسي (ناتو)، لكنه جعل من بلاده وسيطاً في الحرب الروسية الأوكرانية، وأبقى كل من السويد وفنلندا في حالة انتظار للانضمام إلى التحالف الدفاعي الغربي.

أثارت دبلوماسيته القوية غضب الحلفاء في أوروبا وخارجها.

في حين أن العديد من الأتراك يتطلعون إلى مستقبل لا يكون أردوغان جزء منه، لكنه انتصر في كل الانتخابات السابقة ولن يتخلى عن السلطة بسهولة. لقد سعى بالفعل إلى منع منافس رئيسي له من الترشح، وهو أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية اسطنبول.

إنه يعرف مخاطر الهزيمة على يد عمدة اسطنبول الشهير أكثر من أي شخص آخر، لأن هذا هو المنصب الذي بنى من خلاله أردوغان أيضاً قاعدة نفوذه في التسعينيات.

صعود السلطة

ولد رجب طيب أردوغان في فبراير 1954، كان والده يعمل في خفر السواحل على ساحل البحر الأسود في تركيا. عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، قرر والده الانتقال إلى اسطنبول، على أمل أن يحصل أبناؤه الخمسة على فرصة حياة أفضل.

كان يبيع في صغره، عصير الليمون وكعك السمسم لكسب مال إضافي. التحق بمدرسة إسلامية قبل حصوله على شهادة في الإدارة من جامعة مرمرة في اسطنبول، ولعب كرة القدم بشكل احترافي.

في السبعينيات والثمانينيات، كان ناشطاً في الأوساط الإسلامية، وانضم إلى حزب نجم الدين أربكان الإسلامي.

مع ازدياد شعبية الحزب في التسعينيات، انتُخب أردوغان لمنصب عمدة اسطنبول في عام 1994 وأدار المدينة على مدى السنوات الأربع التالية.

لكن فترة حكمه انتهت عندما أدين بالتحريض على الكراهية العنصرية لقراءته علنا قصيدة قومية تضمنت: "المساجد ثكناتنا، والقباب خوذنا، والمآذن حرابنا والمؤمنون جنودنا".

بعد أن أمضى أربعة أشهر في السجن، عاد إلى ممارسة السياسة مجدداً. لكن حُظر حزبه لانتهاكه المبادئ العلمانية الصارمة للدولة التركية الحديثة.

في أغسطس 2001 ، أسس حزباً إسلامياً جديداً مع حليفه عبد الله غول، حمل اسم العدالة والتنمية (AKP)

في عام 2002 ، فاز حزبه بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية وفي العام التالي، تم تعيينه رئيساً للوزراء، ولا يزال رئيساً لحزب العدالة والتنمية.

العقد الأول من حكمه

منذ عام 2003 ، أمضىأردوغان ثلاث فترات كرئيس للوزراء، وقادة فترة من النمو الاقتصادي المستقر، وحاز على الثناء دولياً كمحدث. توسعت الطبقة الوسطى في البلاد وتم إنتشال الملايين من الفقر ، حيث أعطى أردوغان الأولوية لمشاريع البنية التحتية العملاقة لتحديث تركيا.

لكن معارضيه يحذرون من أنه أصبح مستبداً بشكل متزايد.

بحلول عام 2013 ، خرج المتظاهرون إلى الشوارع، احتجاجاً على خطط حكومته لتحويل حديقة غيزي ذات الأهمية لدى سكان المنطقة في وسط اسطنبول ، ولكن أيضاً في تحد للحكم الذي بات أكثر استبداداً.

وأدان رئيس الوزراء المظاهرات ووصف المتظاهرين بـ "الحثالة". كان سكان اسطنبول يقرعونعلى الأواني عند الساعة التاسعة في كل ليلة بروح من التحدي.

وكانت ثمة مزاعم حول فساد أبناء ثلاثة من حلفاء الحكومة.

شكلت احتجاجات حديقة غيزي نقطة تحول في حكمه. المعارضة رأت تصرفاته اقرب إلى سلوك أحد سلاطين الإمبراطورية العثمانية أكثر من كونه شخصاً ديمقراطياً.

كما اختلف أردوغان مع فتح الله غولن، رجل الدين الإسلامي التركي المقيم في الولايات المتحدة، الذي ساعدته حركته الاجتماعية والثقافية على الفوز في ثلاث انتخابات متتالية واستطاع إبعاد الجيش عن السياسة. لقد كان لذلك العداء تداعيات وخيمة على المجتمع التركي.

بعد عقد من وجود في سدة الحكم، رفع حزب أردوغان الحظر المفروض على ارتداء النساء للحجاب في المؤسسات العامة منذ الانقلاب العسكري في عام 1980. ورفع الحظر في النهاية عن النساء في الشرطة والجيش والقضاء أيضاً.

اتهمه منتقدوه بالخروج عن مبادئ جمهورية مصطفى كمال أتاتورك العلمانية.

رغم أن أردوغان متدين، لكنه ينفي دائماً رغبته في فرض القيم الإسلامية، وأصر على أنه يدعم حقوق الأتراك في التعبير عن دينهم بشكل أكثر انفتاحاً، لكنه أيد مراراً تجريم العلاقات الجنسية خارج الزواج.

وبصفته أباً لأربعة أبناء، قال إنه "لا ينبغي لأي أسرة مسلمة" التفكير في تحديد النسل أو تنظيم الأسرة. وقال في مايو 2016 "سنضاعف عدد أحفادنا".

تظهر أمينة، زوجة أردوغان مرتدية الحجاب في كل المناسبات.

لطالما دافع أردوغان عن القضايا الإسلامية والجماعات المقربة أيديولوجياً من جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ومن المعروف أنه كان يرفع اشارة رابعة دعما للاسلاميين في مصر.

في يوليو 2020 ، أشرف على تحويل كاتدرائية آيا صوفيا التاريخية في اسطنبول إلى مسجد، مما أثار غضب العديد من المسيحيين. أقيمت كاتدرائية آيا صوفيا قبل 1500 عام، وحولها العثمانيون إلى مسجد، لكن أتاتورك حولها إلى متحف كرمز للدولة العلمانية الجديدة.

تعزيز قبضته

منع من تولي منصب رئاسة الوزراء مجدداً عام 2014 فرشح نفسه لمنصب الرئيس الذي كان دوره شرفياً إلى حد كبير في أول انتخابات مباشرة غير مسبوقة. وضع خطة كبيرة لتعزيز المنصب ووضع دستوراً جديداً من شأنه أن يفيد جميع الأتراك ويضع بلادهم بين أكبر 10 اقتصادات في العالم.

لكن في وقت مبكر من رئاسته، واجه أزمتين، إذ خسر حزبه الغالبية في البرلمان لعدة أشهر في انتخابات عام 2015 ، وبعد ذلك بأشهر، في عام 2016 ، شهدت تركيا أول محاولة انقلاب عنيفة منذ عقود.

كاد الجنود المتمردون أن يلقوا القبض على الرئيس، حيث كان يقضي عطلته في منتجع ساحلي، لكن تم نقله جواً إلى بر الأمان. في الساعات الأولى من يوم 16 يوليو، ظهر ظافراً في مطار أتاتورك في إسطنبول وسط هتافات أنصاره.

وقُتل ما يقرب من 300 مدني أثناء تصديهم لمحاولة الانقلاب.

وظهر الرئيس على شاشة التلفزيون الوطني وحشد المؤيدين في اسطنبول معلنا أنه "القائد العام".

لكن التوتر كان واضحاً عندما بكى علانية أثناء إلقاء خطاب في جنازة صديق مقرب، أطلق عليه جنود متمردون النار مع ابنه.

ألقى باللوم في المؤامرة على حركة غولن الإسلامية، وشن اردوغان حملة تطهير واسعة حيث طرد حوالي 150 ألف موظف عام واعتقل أكثر من 50 ألف شخص، من بينهم جنود وصحفيون ومحامون وضباط شرطة وأكاديميون وسياسيون أكراد.

أثارت هذه الحملة قلق العالم في الخارج ، وأصبحت علاقات دول الاتحاد الأوروبي فاترة مع تركيا كنتيجة لذلك، ولم يحدث أي تطور بشأن طلب تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنوات.

أدت الخلافات حول تدفق المهاجرين إلى اليونان إلى تفاقم المشاعر السلبية بين الطرفين.

لكن موقعه في قصر أك سراي اللامع الذي يضم 1000 غرفة والمطل على أنقرة، يبدو أكثر ثباتاً واستقراراً من أي وقت مضى.

فاز بفارق ضئيل في استفتاء عام 2017 الذي حصل بموجبه على سلطات رئاسية كاسحة، بما في ذلك الحق في فرض حالة الطوارئ وتعيين كبار المسؤولين الحكوميين وكذلك التدخل في النظام القضائي.

بعد عام، حقق فوزاً كبيراً في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.

معظم الأصوات التي يحصل عليها تتمركز بشكل أساسي في مدن الأناضول الصغيرة والمناطق الريفية المحافظة.

في عام 2019 ، خسر حزبه المدن الثلاث الكبرى؛ اسطنبول والعاصمة أنقرة وإزمير في الانتخابات البلدية.

كانت خسارة منصب رئيس بلدية اسطنبول بفارق ضئيل أمام أكرم إمام أوغلو من حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي ضربة قاسية لأردوغان، الذي كان رئيس بلدية المدينة في التسعينيات، فرفض نتيجة الانتخابات.

وكان إمام أوغلو متقدماً على الرئيس في استطلاعات الرأي قبل حرمانه من خوض انتخابات مايو. اتُهم الرئيس وحلفاؤه باستخدام المحاكم لحرمان عمدة المدينة الشعبي من حق الترشح.

ويواجه ثالث أكبر حزب في تركيا، حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، خطر حظره من خوض الانتخابات البرلمانيه بسبب صلات مزعومة بالمسلحين الأكراد.

على غرار القادة الأتراك السابقين، شن أردوغان حملة شرسة على حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

على الرغم من أن تركيا استقبلت أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ فروا من الحرب الأهلية السورية، فقد شنت أنقرة أيضاً عمليات ضد القوات الكردية عبر الحدود، مما أدى إلى غضب الرأي العام الكردي في تركيا.

كما أن أردوغان يؤخر انضمام السويد إلى حلف الناتو بسبب ايوائها ساسة أكراد تزعم أنقرة أن لهم صلات بالإرهاب.

تسعى كل من السويد وفنلندا للانضمام إلى التحالف الغربي، لكن الزعيم التركي يقول إنه يجب تسليم عشرات الأكراد لتركيا كشرط لقبول الأخيرة بانضمام الدولتين إلى حلف الناتو.

ولطالما أقام أردوغان علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسعى إلى لعب دور الوسيط في الحرب الدائرة في أوكرانيا. فقد ساعد في التوصل إلى اتفاق تم بموجبه فتح ممر آمن لصادرات الحبوب الأوكرانية، ومنع انهيار الاتفاق عندما تحركت روسيا لإنهاء دعمها له.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: