إعلان

تعديلات اللحظات الأخيرة.. كيف أثّر مقتل خاشقجي على "دافوس الصحراء"؟

01:14 م الأربعاء 24 أكتوبر 2018

كتبت- رنا أسامة:

قالت وكالة رويترز إن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ألقى بظلاله على مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي انطلق من الرياض الثلاثاء، على نحو دفع عددًا من الساسة الغربيين وكبار المصرفيين العالميين والمسؤولين التنفيذيين في الشركات إلى مُقاطعة المؤتمر.

تزامن انطلاق المؤتمر المعروف باسم "دافوس الصحراء"، المُستمر حتى الخميس، مع كلمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام نواب حزب العدالة والتنمية التي أعلن عن "أدلة تؤكّد أن جريمة قتل جمال خاشقجي ارتُكِبت بتخطيط واسع النطاق"، دون الكشف عن هذه الأدلة. وطالب الملك سلمان بمحاسبة قتلة الصحفي السعودي في إسطنبول.

وشوهِد خاشقجي (59 عامًا) آخر مرة وهو يخطو داخل القنصلية في الثاني من أكتوبر الجاري. ونفت السعودية في بادئ الأمر التعرض له أو قتله مؤكّدة أنه "غادر المبنى دون أذى"، ردًا على توارد عدة تقارير صحفية نقلت عن مسؤولين أتراك قولهم إن "خاشقجي داخل القنصلية السعودية".

مقاطعة غربية

وألغى أكثر من 20 من كبار المسؤولين والتنفيذيين من أوروبا والولايات المتحدة، بمن فيهم وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين، والرئيسان التنفيذيان لبنكي "جيه.بي مورجان" و"اتش.اس.بي.سي"، وشركة سيمنس الألمانية، خططهم لحضور المؤتمر قبيل أيام قليلة من انعقاده، على خلفية مقتل خاشقجي، قبل أن تعلن السعودية وفاته رسميًا.

كما أعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كرستين لاجارد ورئيس البنك الدولي جيم يونج كيم عدم مشاركتهما، إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي.

وفي الوقت ذاته، غابت عناصر جذب كُبرى شهدناها خلال الدورة الأولى من المؤتمر العام الماضي، بما في ذلك المقابلة التي أجراها أندرو روس سوركين، مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مع الروبوت صوفيا، أول مواطنة آلية في العالم. وكان سوركين من أوائل المنسحبين هذا العام على خلفية مقتل خاشقجي.

وبدلًا من ذلك، أقام مُنظّمو المؤتمر ركنًا للفن الروسي لإبراز أهداف التبادل الثقافي لخطط الأمير محمد بن سلمان لتحقيق الانفتاح في البلد الإسلامي المحافظ.

وقال مصرفي محلي لرويترز "من الصعب معرفة ما إذا كانت صورة المملكة كانت ستكون أفضل لو تأجّل المؤتمر لحين انقشاع حالة الضبابية".

إدانات من قلب المؤتمر

وتطرّق عدد من المُتحدّثين البارزين خلال اليوم الأول من المؤتمر إلى مقتل خاشقجي؛ فأكّد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أنه "أمر مقيت ولا يُمكن تبريره"، مُشيرًا إلى أن المملكة تمر بأزمة.

ووصفت سيدة الأعمال السعودية البارزة، لبنى العليان، الحادث بأنه "عمل فظيع غريب على ثقافتنا"، في كلمة افتتاحية قبل أن تدير نقاشًا بين عدد من رؤساء صناديق الثروة السيادية.

كانت السعودية أعلنت بعد 18 يومًا من اختفاء خاشقجي أن "التحقيقات الأوليّة للحادث كشفت أن مناقشات جرت بينه وبين مجموعة من الأشخاص قابلوه أثناء تواجده في قنصلية المملكة في إسطنبول أدت إلى حدوث شجار واشتباك بالأيدي مما أدى إلى وفاته".

وأوضحت أن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين على ذمة القضية والبالغ عددهم حتى الآن 18 سعوديًا، مُشددة على "محاسبة جميع المتورطين في هذه القضية وتقديمهم للعدالة".

وأمر الملك سلمان بإعفاء سعود القحطاني المستشار برتبة وزير في الديوان الملكي، وأحمد عسيري نائب الاستخبارات العامة من منصبيهما. ووجّه بتشكيل لجنة برئاسة الأمير محمد بن سلمان لإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات.

خطط بديلة

تُشير رويترز إلى أن مُديري جلسات تم جلبهم في اللحظات الأخيرة بعد انسحاب وسائل إعلام غربية شريكة من المؤتمر الاستثماري العالمي. وقال المُنظّمون إن الموقع الإلكتروني للمؤتمر تعرّض للقرصنة قبل يوم من انطلاق فعاليته.

ونشر المخترقون على الصفحة الرئيسية بالموقع صورة تهاجم السعودية على خلفية مقتل خاشقجي، مُرفقة برسالة تحريضية على المملكة.

ولجأ القائمون على المؤتمر لتعديل جدول جلساته بعد إعلان عدد كبير من الحضور انسحابهم، وأعلن المتحدث باسم المؤتمر مطلع الأسبوع الجاري أن برنامج المؤتمر سيطرأ عليه تعديل، حيث سيشمل حضور رؤساء دول من العالم العربي وأفريقيا وآسيا وأيضا قادة أعمال ومستثمرين ومبتكرين من أرجاء العالم، بحسب رويترز.

وبدلًا من الصحفيين الكبار الذين أداروا الجلسات في العام الماضي مثل ماريا بارتيرومو من فوكس نيوز، وجون دفتريوس من سي إن إن، لجأ المؤتمر في الأغلب إلى شخصيات أقل شهرة من المنطقة.

وقال مشارك غربي "هو مثل أي مؤتمر سعودي محلي هذا العام"، مُضيفًا أن "جودة المتحدثين انخفضت بالمقارنة مع العام الماضي.. صانعو السياسات البارزون رحلوا".

وقال مسؤول تنفيذي من شركة مالية صينية لرويترز إن "قضية خاشقجي محت بعضًا من رونق المؤتمر، خاصة وأن بعض التنفيذيين الغربيين ينأون بأنفسهم عن الحضور". وأضاف "لا يرغبون في القدوم وتقديم بطاقاتهم التعريفية".

حضور بن سلمان "بلا كلمة"

وسادت حالة من عدم التيقن بين الحاضرين بشأن ما إذا كان الأمير محمد بن سلمان سيحضر إلى أن دخل القاعات المزخرفة للمؤتمر بعد الظهيرة. وفي القاعة الرئيسية تلقى الأمير ترحيبًا بالغًا، لكنه كان أقل بالمقارنة مع التصفيق المُدوّي الذي دام لدقائق في العام الماضي، وفق رويترز.

ووصف بن سلمان (33 عاما) المؤتمر بأنه "عظيم"، مُشيرًا إلى أن هناك "مزيدا من الناس ومزيدا من الأموال".

غادر الأمير محمد القاعة بعد نحو 15 دقيقة من دخولها ليقوم بجولة في قاعة مجاورة، حيث التف حشد حوله والتقط المعجبون صورًا معه قبل أن ينعزل في غرفة خاصة دون أن يلقي كلمة.

وقبل أسبوعين، أعلن بن سلمان في حوار مع وكالة بلومبرج الأمريكية أن " صفقة رائعة، بعيدة جدا عن النفط ستُعلن خلال المؤتمر". ويُنتظر أن يُلقي كلمة أمام المؤتمر الأربعاء.

في المقابل، قلّل البعض من أثر أزمة خاشقجي. وقال مستثمر أمريكي لرويترز "لو لم أكن على اطلاع بالأحداث الأخيرة لم أكن لأشعر باختلاف كبير بين هذا العام والعام الماضي".

وأكّد كيريل ديمترييف الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي المباشر لرويترز أن "الإصلاحات السعودية مهمة وتستحق الدعم".

وردًا على سؤال بشأن اعتماد المنطقة على أموال من مصادر غربية مثل صناديق الاستثمار المباشر، أجاب محمد العبار رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية "لا نحتاج إلى أموالهم! المال في الشرق الأوسط".

كما أولى مغرّدون اهتمامًا واسعًا بـ"دافوس الصحراء"، وتصدّر هاشتاج #دافوس_الصحراء لائحة الهاشتاجات الأكثر تداولًا على تويتر، مُسجلًا أكثر من 200 ألف تغريدة، كما أطلق سعوديون هاشتاج #السعوديه_تقود_اقتصاد_العالم ، في خطوة لدعم المنتدى ضد ما وصفوه بالمؤمرات الخارجية التي تحاك لبلدهم، وفق رويترز.

فيديو قد يعجبك: