إعلان

فورين بوليسي: التطهير الأردوغاني حرب أهلية

11:24 م الخميس 04 أغسطس 2016

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – سامي مجدي:

نشرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية – السياسية الخارجية – قطعة رأي عن تركيا ما بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو الماضي والتي استغلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليشن حملة قمع غير مسبوقة ضد حركة رجل الدين المقيم في منفى اختياري في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي كان حتى وقت قريب أقرب حلفاء أردوغان.

المقال الذي كتبه المحلل العسكري والسياسي إدورد لوتواك، كبير الزملاء في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، حمل عنوان "التطهير الأردوغاني حرب أهلية".

استهل الكاتب المقال بالحديث عن مؤسس الجمهورية التركية العلمانية مصطفى كمال أتاتورك التي حلت محل الإمبراطورية العثمانية الذي توفي في 1938. حيث يقول إنه رغم ذلك لا يزال الأتراك يعرفون أنفسهم إما: مؤيد لأتاتورك أو معادي له – رغم أن النساء ليس لديهن ما يقلنه بسبب غطاء الرأس أو عدمه، سوى إعلان ولائهن.

قال الكاتب إن المعسكر المعادي لأتاتورك الذي يريد أن يعيد تركيا إلى دولة إسلامية كان دائما مدعوما من الأغلبية الأقل تعليما بين سكان البلاد، بيد أنه حتى 2002، كان ذلك المعسكر تحت السيطرة الضباط الأتراك، الذين أبقوا على الأيديولوجية "الكمالية" علمانية أكثر تشددا.

وأضاف أن ما لم يحققه هذه التوازن كان فوز تحالف من الإسلاميين الشعبويين، بقيادة المتعلم تعليما نسبيا -لاعب الكرة السابق- رجب طيب أردوغان وأنصار فتح الله غولن أصحاب التعليم الجامعي، الذي أسس أتباعه أكثر من ألف مدرسة تمتد من تكساس حتى طشقند، فضلا عن عشرات الجامعات والقاعات الطلابية والمعاهد التعليمية.

وأوضح الكاتب أن موهبة أردوغان تمثلت ولا تزال في حشد الجموع بإثارة هويتهم الإسلامية ضد كل الأتراك الأقل تدينا، القادمين من الغرب بشكل عام والأفضل تعليما؛ ففي 1999 قضى عدة أشهر في السجن بعد إدانته بالتحريض على الكراهية الدينية، حسبما قال لوتواك.

أما صيغة غولن الفائزة – بحسب الكاتب – فكانت جمع الأموال من كل المؤمنين لتقديم فرص تعليمية مجانية أو مخفضة في مدارس يتم تقديمها على أنها علمانية بشكل كامل، مع التركيز في الواقع على تدريس العلوم، التي يتم فيها الدعاية للممارسات الإسلامية بشكل تدريجي للغاية عبر الإقناع الودي من قبل الطلاب الأكبر سنا خلال مناقشات خاصة.

وقال الكاتب إن الجامعات التركية تحت الحكم الأتاتوركي كانت علمانية بالكامل، حيث تم حظر ارتداء غطاء الرأس الإسلامي أو أي من أشكال العبادة في المباني.

لكن مع ندرة وغلاء السكن الطلابي في المدن التركية، قدمت النزل الغولنية حجرات مجانية عملت على تحويل آلاف من الخريجين إلى محبين لغولن، كثير منهم باتوا على استعداد للقيام بواجبهم بعد التخرج من خلال المساهمة بالأموال والمساعدة في تأسيس مدارس أو التدريس فيها، أو العمل في وسائل الإعلام ذات التأثير الجيد.

وذكر أن آخرون قاموا بما هو أكثر من ذلك، حيث تسللوا بنجاح داخل المؤسسة العسكرية التركية بدهاء بارع تمثل في عدم إطلاق لحاهم وعدم ارتداء ذويهم غطاء الرأس بمباركة من غولن، الذي برر دون شك هذا الإخفاء بتفسيره لعقيدة التقية الإسلامية.

"لذا عندما فاز حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان في انتخابات 2002، كان قادرا على حكم تركيا بنجاح، وظل في السلطة حتى الآن، دون أن يطرد أو يحل بأمر عسكري، كما في المحاولات السابقة لتشكيل حكومات إسلامية.

وقال الكاتب: "لم تكن شجاعة أردوغان ولا بساطته هي التي طبقت السياسات الاقتصادية للعدالة والتنمية، أكثر من التكنوقراط المتخصصين التابعين لغولن، الذين حققوا نتائج جيدة أثنت الجيش عن التدخل، إلى جانب الضغوط العنيدة من قبل الاتحاد الأوروبي باسم الديمقراطية، واليقظة المقنعة للغولنيين داخل المؤسسة العسكرية".

وتابع: "ما دمر التحالف (بين غولن وأردوغان) كان الطبيعة الدقيقة لإسلام غولن، الذي يسمح بالتزييف المضلل بشكل منهجي، لكن جوهره معتدل بشكل حقيقي – فعقيدته حقا تقبل التعايش مع المؤمنين بالله الاخرين، منهم غير السنة، ويحظر بشكل قاطع أي شكل من أشكال العنف باسم الدين ضد المشركين رغم الأمر القرآني".

"لكن بالنسبة لأردوغان وزملاؤه في حزب العدالة والتنمية، مثل وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو، الإسلام شيء آخر كليًا: خاصة السنة والدين.. ولابد من الدفاع عن غزوه للعالم بكل الوسائل الممكنة، من التعليم الديني الإلزامي في تركيا (تحقق ذلك بإغلاق المزيد والمزيد من المدارس العلمانية) إلى استخدام أي قدر من العنف من قبل المسلمين السنة الذين يقاتلون غير السنة في كل مكان من العالم، من حماس في غزة إلى فروع القاعدة في سوريا والويغور في الصين.

"هذا سبب دعم أردوغان ضمنا لتنظيم الدولة الإسلامية لكل ما بوسعه، بداية من منعه في بادئ الأمر من استخدام قاعدة أنجرليك ضد التنظيم والسماح بالمتعاملين الأتراك باستيراد نفط التنظيم (ليس من قبيل المصادفة أنه عندما عندما خطف التنظيم سائقي شاحنات أتراك، لم يتم قطع رؤسهم بل أطلق سراحهم). وحتى عندما أجبرت فظائع التنظيم أردوغان أخيرا على السماح بإطلاق الغارات الجوية الأمريكية من أنجرليك، قصفت القوات الجوية التركية الأكراد فقط".

"مرة أخرى، بسبب هويتها السنية، كانت علاقات تركيا بإيران الشيعية – والرئيس السوري بشار الأسد العلوي والحليف – دائما ما كانت متوترة برغم الكراهية المشتركة للغرب. (كان ملحوظا أن داود أوغلو وأردوغان لم يستخدما مصطلح "علوي" الشائع لوصف الزعيم السوري بل استخدما مصطلح "نصيري"، وهو وصف تكفيري في أوساط السنة المحليين)"، يقول الكاتب.

وقال الكاتب إن نظراء أردوغان وداود أوغلو الأوروبيين والرئيس الأمريكي باراك أوباما كانوا يرون في لقائتهم بذلات أرماني ولغة تدل على كفاءة سياسية، لكن بحلول 2009 أو ما إلى ذلك، حكم غولن بأنه ساعد في تنشئة وحش، يتمثل في نظام إسلامي متطرف بشكل سري من شأنه أن يدمر تركيا ويضر بالإسلامة من خلال بدء مناوشات عنيفة مع جيرانها، وهو ما حدث.

وأشار إلى أن الغولنيين في السياسة والقضاء حاولوا حل المشكلة في 2013، بإسقاط أردوغان وعدد من وزرائه باتهامات فساد مبررة بما فيه الكفاية، ولم يكن هناك تفسيرا اخرا لمليارات الدولارات التي راكمتها عائلة أردوغان، حسبما يقول المحلل العسكري والسياسي إدورد لوتواك.

ويقول الكاتب: "بدلا من الاستقالة، أمر أردوغان بإقالة وكلاء النيابة ورجال الشرطة المتورطين في الكشف عن قضايا الفساد، وهو ما قوبل بدعم غير مشروط من قاعدته الإسلامية التابعة لحزب العدالة والتنمية، فحكم القانون مفهوم غربي يعرف أنصار أردوغان المتحمسين القليل عنه وقليلا ما يهتمون به".

ولفت إلى أن أردوغان عاد واستنكر "الكيان الموازي" الغولني داخل الحكومة والقوات المسلحة وأطاح بأكبر عدد مكن من الجواسيس – أو المرؤوسين غير الغيورين – الذين أمكن تحديهم هوياتهم فيما كان يقوم بإغلاق البنوك والشركات ووسائل الإعلام، منها صحيفة زمان الأكثر توزيعا في البلاد، التابعة لغولن.

وذكر الكاتب أنه بسبب عدم وجود قوائم عضوية – فالانضمام للغولنية يكون في العقل – فالعملية بدت وكأنها عملية مطاردة لسحرة، مشيرا إلى أن أكثر من 2500 من وكلاء النيابة والمحققين فصلوا من وظائفهم بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو.

وقال الكاتب إن ذلك جعل أردوغان ينطلق بدون رادع أو مانع في إقالات واعتقالات جماعية حتى قبل إعلان الأحكام العرفية، ما أدى إلى تدمير جهاز الدولة بالكامل بما في ذلك القوات المسلحة التي فقدا 87 من 198 من جنرالات الجيش و30 من 72 من جنرالات القوات الجوية و32 من 55 من أدميرالات البحرية، وسبعة من 32 في القيادة العامة للجندرمة، وأدميرال واحد في خفر السواحل، فضلا عن 1099 من كبار الضباط أصحاب الرتب الأقل.

وقال إن تلك خسائر مدمرة بالنسبة لبلد تقاتل مسلحين أكراد تابعين لحزب العمال الكردستاني، وتتظاهر على الأقل بقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وبالنسبة لاقتصاد البلاد، يقول الكاتب، فإن مصادرة أو شل الكثير من الشركات الكبيرة والصغيرة ألحق الكثير من الضرر، حتى مع تراجع عائدات السياحة.

وبات من المؤكد أن المزيد من الضرر قادم، مع تولي الأقل تعليما والمتعلمين تعليم غير جيد من مليشيات حزب العدالة والتنمية مناصب رئيسية في الحكومة والتي شغرت بإطاحة أو القبض على من يفترض أنهم غولنيين.

"ولم يكن أتاتورك ليتفاجأ: فقد كان مقتنعا أن أي شكل من أشكال الإسلام سيكون خرابا على الأتراك"، يقول الكاتب.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان