إعلان

تَتِمَّةُ الحَدِيث.. وإسرائيل الضعيفة

إبراهيم علي

تَتِمَّةُ الحَدِيث.. وإسرائيل الضعيفة

إبراهيم علي
07:00 م الخميس 28 أغسطس 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

اختتمت مقالي السابق تحت عنوان "هزيمة حماس ... وأشياء أُخَرَى" بوعدٍ أَنَّ للحَدِيث بَقية.. وهَذِه تَتِمَّةُ الحديث:

إنَّ ما سأتعرض له في السطور القادمة، لن يكون إطلاقاً مَبعثُه تضخيماً ولا تقزيماً، لكِنَّه محاولة لوضع الأمور في نصابها وحجمها الحقيقي، دون مُبالغة أو مُغالاة.

وأعلم يقيناً أن الإسرائيليين سيتوقفون أمام ما سأذكره، وأنه سينال منهم ويوجعهم، وسيقع منهم موضع طعنة السيف في القلب ... ليس لشيء سوى أنه يُفَنِّد ويضرب، بل وينسف، رواية لطالما رددوها، وأنفقوا عليها – جيلاً بعد جيل – وقتاً وجهداً ومالاً، حتى صدقها جيرانهم ومحيطهم، وأصبحت تلك الرواية هي ما يقتاتون عليه، يُغَذُّونها وتُغذيهم، يشتمون منها الخُيلاء والكبرياء المُزيَّف. رواية عنوانها "إسرائيل التي لا تُقهر"... إسرائيل صاحبة القوة والنفوذ والسيطرة، لكن حقيقة الأمر عكس ذلك تماماً.

قولاً واحداً، وبملء فيه، وبأعلى صوت، أستطيع أن أقول: إنَّ هذا الكيان المُحتل المُسمى بإسرائيل المزعومة، كيانٌ هشٌّ ضعيف، يملؤه الذعر والخوف، مُنقسم على نفسه، وأن الصورة الوهمية التي يبيعها لمَن يشتري، عن كونه قوة إقليمية لديها جيش لا يُقهر، وأنه يستطيع أن يفعل ما يُريد وقتما يُريد، لا تعدو كونها مجرد ادعاءات زائفة وأكاذيب وضلالات لا أساس لها.

حتى لا أُطيل عليكم، سأبدأ سريعاً في سرد أدلة وإثباتات ذلك، وفقاً لما يلي:

أولاً: إن قوة إسرائيل المزعومة تتأسس وتنبني على ثلاثة ركائز وازنة، جميعها ليست من صُنع أيديها، فهي أمريكية الصُنع والمنشأ، وتشمل: الدرع الصاروخي "القبة الحديدية"، الدعم اللوجيستي، وأخيراً الغطاء الدبلوماسي والحماية الدولية والفيتو الملعون... وإسرائيل وحدها بدون العناصر الثلاثة... صفرية، ولو أصبحت ناراً لن تَحرِق موضع قدميها.

ثانياً: قبل الدخول في جوهر وصُلب هذا الدليل، سأضرب مثلاً للتوضيح:

((في أية مواجهة كروية، يُبرر المُعلق الضعف المفاجئ غير المتوقع لأحد الفريقين المعروف عنه القوة والمهارة، بوجود غيابات كثيرة في صفوفه، وأن لاعبين أساسيين أقعدتهم الإصابة وعدم الجاهزية على دكة الاحتياط، الأمر الذي يجعل الفريق المنافس – وعلى عكس المُعتاد – متفوقاً، يصول ويجول، مُحرزاً للأهداف، وبالطبع هذا يحدث ليس لكون الفريق المنافس قوياً، وإنما بسبب حالة الضعف التي يتعرض لها خصمه)).

استعنت بهذا المثال لأوضح أمراً مهماً، وهو أن أداء إسرائيل في ملعب الشرق الأوسط وتفوقها الظاهري لم يأتِ بسبب قوة حقيقية تملكها، بل بسبب ضعف الفريق المنافس – أقصد العرب – ووجود غيابات كاملة في صفوفه عمداً وكرهاً، غيابات جعلت منه جالساً بكامل تشكيله وسط المُتفرجين في المُدرجات، عاجزاً عن النفاذ إلى مقاعد الاحتياط، ولا حتى التلويح بذلك... لكم في "حركة فتح" التي حجزت لنفسها مقاعد في المقصورة الرئيسية، المثل والمثال، الاندهاش والاستنكار!!!

ثالثاً: لو أن حفنة من المُجرمين، من مسجلي خطر سرقات بالإكراه وقتل وأعمال بلطجة، خرجوا لتوِّهم من السجون، وتم تزويدهم بأسلحة ثقيلة (جوية وبحرية وبرية)، وطُلبَ منهم الدخول في مواجهة مع حركات مقاومة لا تملك طائرات أو دبابات أو مقاتلات بحرية، لتفوقت تلك الحفنة المُجرمة عشرات المرات في أدائها ومنجزاتها على ما قام به نتنياهو وعصابته وجيشه الهزيل الضعيف في غزة على مدار 22 شهراً، وذلك قياساً على قوة تسليحه، ومقارنة بضعف تسليح المقاومة الفلسطينية. لكن أن يلجأ جيش الاحتلال إلى التجويع والتعطيش والحصار واعتبارها سلاحاً مُركباً، فهذه شهادة إعلان فشل عسكري مُركب، واعتراف علني بالإفلاس وقلة الحيلة وضعف القوة، مع عدم التقليل نهائياً من صمود المقاومة. لقد فعلت فيهم الأفاعيل، وألحقت بجنودهم خسائر فادحة، وكتبت شهادة وفاة لـ"الميركافا"، وكان ولا زال لديها من المهارة والثقة والثبات ما يُمكنها من تسجيل عمليات اصطياد جُند بني صهيون صوتاً وصورة، بأكثر من كاميرا ومن أكثر من زاوية، وهو أمر غير مسبوق ميدانياً في المواجهات العسكرية، ولم نسمع به من قبل.

رابعاً: جُند بني صهيون والمُرتزقة سواء، إنهم وجهان لعملة واحدة، إنهم موظفون يعملون بأجر، لا يملكون عقيدة قتالية راسخة. وهنا لن أُحدثك عن عمليات رفض الاستدعاء والعزوف عن التجنيد، ولا عمليات الانتحار التي قام بها العشرات منهم، ولا أمراض الاكتئاب التي أصابت عشرات الآلاف منهم، ولا الخوف والذعر الذي يَسكُن قلوبهم. فقط سأستدعي مشهد رحيل البطل "يحيى السنوار": كيف كان وكيف كانوا في مشهد النهاية. إنهم كانوا عشرات من الجنود المدججين بالأسلحة، تسبقهم مدفعيات ودبابات وتغطيهم طائرات مقاتلة، يحيطون بمبنى منهار بداخله السنوار، وقد نال من يده رصاصهم الذي أطلقوه عن بُعد – وهو ما يجيدونه – وبينما ينزف وحيداً، منعهم الخوف والرعب من دخول المبنى، حال بينهم وبينه "هيبته". طلبوا إدخال طائرة مُسيَّرة أولاً لتُطمئنهم ويهدأ روعهم، فقذفها السنوار بالعصا، وبعد أن نالت جراحه منه، كان دخولهم عليه دخول الجُبناء... أولئك هم جُند بني صهيون الأشاوس!!!

خامساً: عميحاي شيكلي وزير شؤون الشتات الإسرائيلي، هذه الحقيبة الوزارية في حكومة الكيان المُحتل تكشف عن نسيج اجتماعي داخلي مهترئ. إنهم يهود من أصول وأعراق غير متجانسة: أصول أفريقية وآسيوية وأوروبية وكندية وروسية وأمريكية... إلخ. إنهم يهود أشكناز وسفارديم وفلاشاه وموراحيم وساميون وأرثوذكس، إنهم يمارسون العنصرية والطبقية فيما بينهم: النخبة والعوام، الأبيض والأسود. إنهم مُنقسمون على أنفسهم: العلمانيون ضد المُتدينين، والأشكناز ضد السفارديم. إنهم في حالة صراع داخلي عنيف يجعل من الضعف عنواناً لهم.

إعلان

إعلان