إعلان

استعدادات الوزارة للتعليم..

د. غادة موسى

استعدادات الوزارة للتعليم..

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:01 م السبت 12 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

في المقال السابق، كنت قد أشرت إلى أهمية أن تقوم الوزارة بتحديد خطتها للعام الدراسي الجديد في ظل كورونا.

وقد قام السيد الوزير بالفعل، من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد منذ بضعة أيام، بتوضيح خطة عمل الوزارة في هذا الشأن.

ولكن ما قدمه السيد الوزير لم يكن خطة تقليدية عادية، وإنما مفاجأة.

والمفاجأة- حسب تعريفها- هي أمر غير متوقع وإيجابي، ويتمناه الفرد. ومن ثم، أية مفاجأة من المفترض أن تُدخل على من يتلقاها البهجة والسرور.

لذلك أستطيع أن أصف شعوري عند سماع المؤتمر الصحفي الذي عقده السيد الوزير بأنني تفاجأت. وسررت بعرضه المنصات الإلكترونية والتطوير الذي قدمه، وسيقدمه.

ولكن، انتابتني عدة مخاوف أو تفاؤل مشوب بالحذر؛ فكما سبقت الإشارة، ما عرضه السيد الوزير يفوق توقعات الطلاب وأولياء الأمور والمعلمين والمهتمين بالعملية التعليمية وسياسات إصلاح التعليم وتطوير.

فقد توقعنا جداول وتوقيتات مرحلية، وليس استراتيجيات.

هل كان من الأجدى فصل عروض الجداول والتوقيتات عن سياسات التطوير. السبب في طرح هذا التساؤل هو منح الفرصة للمعنيين وأصحاب المصالح المباشرة وغير المباشرة في مناقشة الخطة المعروضة من جانب، ومنح الوزارة فرصة للاستماع لوجهات نظر أخرى من جانب آخر.

من حق الوزير أن يحلم ويضع رؤيته ويطور باعتباره المسئول السياسي وأيضاً صاحب خبرات في هذا المجال.

ومن حق المجتمع بدوره التعقيب على ما سمع بغية المشاركة والتصويب ولفت انتباه صانع القرار ببعض المخاطر الكامنة في الخطة.

عندما استمعت للخطة الطموحة ثار في ذهني ثلاثة تساؤلات، هي:

هل سيستفيد كل الطلاب من المنظومة الحديثة بمنصاتها المختلفة؟

نظرياً وحقوقيا نعم سيستفيدون، ولكن واقعيا، أخشى ألا يطال هذا التطوير والتحديث الطلاب في القرى والنجوع والأحياء الفقيرة.

والسبب في ذلك قد يكمن في الترتيبات المؤسسية بين الوزارة وغيرها من الجهات الشريكة.

فقد انتظرت لأستمع من سيادة الوزير الدكتور أن البنية التحتية التكنولوجية تم تطويرها بموازاة الخطة الحديثة، وأن مديريات التربية والتعليم على علم بتلك الخطة، وسيتعاونون في تنفيذها.

كما كنت أود معرفة دور القطاع الخاص في إنفاذها في إطار الشراكة المسئولة بين القطاعين العام والخاص لخدمة المجتمع ورفع العبء عن كاهل الدولة في توفير الخدمات التعليمية، وليس في توفير التعليم ذاته.

ويوجد تساؤل ذو طبيعة اجتماعية – اقتصادية متعلق بالقدرة المادية للأسر المصرية لامتلاك حاسب أو تابلت من جهة، وقدرتهم المالية للاشتراك في الإنترنت لما لا يقل عن متوسط عدد ثلاثة أطفال للأسرة الواحدة من جهة أخرى؟

فكما عرض سيادة الوزير ستكون هناك تسهيلات في هذا الشأن، ونحتاج لمعرفة شكل هذه التسهيلات، خاصة للأسر الفقيرة.

السؤال الثاني يتعلق بما أطلق عليه "حوكمة منظومة التطوير"، بمعنى منصات الشكاوى والمساءلة والرقابة والمتابعة لضمان تحقيق أهداف الخطة واستدامة تنفيذها وعدم تعطيلها.

وأيضا حوكمة المنظومة التقنية ذاتها من ضمان تدفق البيانات والمعلومات، وحماية الملكية الفكرية لمواد المنصات، والتأكد من وصول كافة الخدمات المتاحة أون لاين على موقع الوزارة للجمهور على اتساعه، وحماية المنظومة التكنولوجية من التخريب والقرصنة.

السؤال الثالث يتعلق بكيفية تسويق هذا التحديث، بمعنى تعريف الناس في القرى والنجوع بما يحدث وبالجديد الذي سيتعاملون معه، بعبارة أخرى، كيف سيتم تبسيط هذا النموذج للمواطن العادي وجعله عنصرا مشاركا ولس مقاوما أو معرقلا؟

هذا من حيث التساؤلات. على الجانب الآخر لفت انتباهي في العرض الحديث حول التنافسية المرتبطة بالمادة والمكافآت المالية.

مما لا شك فيه أن المعلم سيهتم بالحوافز المالية، فهذا حقه، بالإضافة لتحقيق هدف محاصرة ظاهرة الدروس الخصوصية، ولكن المنظومة قد تحتاج إلى التفكير في ربط الحافز بالأداء الفعلي، أي تحسن مستوى الطالب تعليميا.

كما أن مقولة "يركز مدرس الفيزياء في الفيزياء، ولا يتحدث في السياسة" كانت خارج سياق هدف الخطة.

لنفترض سيادة الوزير أن تساءل أحد الطلاب في حصة الفيزياء عن سبب تراجع الاهتمام بالعلوم في المجتمع، أؤكد لسيادتك أن الإجابة ستحتوي على شق سياسي يتعلق بتخصيص الموارد والنفقات التي تعود لقرار سياسي، ويحتوي الشق الثاني من الإجابة على سياسات وخطط تطوير وتحديث تعلم الفيزياء.

السياسة، سيادة الوزير، هي فن إدارة الحكم، ومن يحصل على ماذا ومتى، وكيف.

وكما اشرت، في بداية المقال، سيادتك تجمع بين منصبين سياسي وفني.

إعلان