إعلان

من الذي يصنع التأثير الناعم في الخارج؟

من الذي يصنع التأثير الناعم في الخارج؟

د. إيمان رجب

* زميل أبحاث مقيم بكلية الدفاع التابعة لحلف الناتو بروما

ورئيس الوحدة الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

09:00 م الإثنين 18 سبتمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أطلقتْ مكتبة الإسكندرية هذا الشهر نشاطًا جديدًا تحت اسم الصالون الثقافي، وخصصتْ أول لقاءاته لمناقشة موضوع مستقبل القوة الناعمة لمصر، وكان تنوّع المشاركين واختلاف خلفياتهم سببًا في تعدد القضايا التي طُرحتْ عند مناقشة هذا الموضوع. إذ سعتْ مناقشات الصالون لتوسيع مقومات القوة الناعمة لتتخطّى المقوّمات التقليدية التي تطرح عادة في أي لقاء يُخصص لمناقشة هذا الموضوع، والتي عادة ما كانتْ تقتصر على التعليم والفنون والثقافة والأدب كمقومات للقوة الناعمة التي تمتلكها الدولة.

حيث طرحتْ المناقشات ما يمكن تسميته مجالات مستحدثة للقوة الناعمة، ضمت على سبيل المثال الخبرة التشريعية والخبرة في عمليات بناء السلام وقطاع تكنولوجيا المعلومات والاستثمار في اللاجئين الذين تستضيفهم مصر.

وفي الحقيقة، فإن تحديد أي من هذه المقومات هو الذي يتم توظيفه لتوسيع نطاق تأثير الدولة في الخارج بالاعتماد على الإقناع الذي يُعد جوهر القوة الناعمة، مرتبط بصورة كبيرة بسؤال رئيسي يتعلق بمن الذي ينتج مقومات القوة الناعمة؟

هناك من تحدَّث بوضوح عن أن أغلب المنتج الذي يُشكل القوة الناعمة للدولة يتم إنتاجه من المؤسسات غير الرسمية، مع وجود بعض المقومات التي ترتبط بالمؤسسات الرسمية للدولة مثل ما يتعلق بالمشاركة في عمليات بناء السلام.

ورغم أن هذا الرأي يعكس الواقع، إلا أن المفارقة أن أغلب المناقشات المتعلقة بهذا الموضوع تركز دومًا على تحرك المؤسسات الرسمية وتوظيفها لمقومات التأثير الناعم، وهو ما يرتبط فعليًا بما تدركه وتراه هذه المؤسسات من مقوّمات للتأثير، والذي عادة لا يعبر عن الخريطة الكاملة للمقومات التي توجد في الدولة، فما هو غير رسمي وما هو لا يُمكن السيطرة عليه بصورة كاملة عادة ما يتم إغفاله أو التقليل من أهميته.

وبالتالي يقتصر الأمر على دائرة ضيقة من المقومات التي تُساهم المؤسسات الرسمية في إنتاج الجزء الأكبر منها، والتي يتم التركيز عليها من قبل تلك المؤسسات لتوسيع نطاق التأثير الناعم للدولة في الخارج، وبالمناسبة قد لا تتمتع الدولة بميزة تنافسية في هذه المقوّمات.

كما أنه عادة ما يتم التقليل من أهمية الأدوار التي يُمكن أن تلعبها المؤسسات غير الرسمية في توسيع نطاق تأثير الدولة في الخارج، سواءً كانت مراكز فكر أو منظمات تنموية أو رجال أعمال، متغافلين عن حقيقة أن سلسلة مطاعم كنتاكي مثلًا التي تُعد أحد مقومات القوة الناعمة الأمريكية مرتبطة بقطاع رجال الأعمال الذي لا يرتبط بالضرورة بالمؤسسات الرسمية للدولة.

وهنا في رأيي تأتي أهمية أن يتم الدفع بقيادات حقيقية في كل مجال له علاقة بالقوة الناعمة، تكون قادرة على تطوير رؤية واضحة حول كيفيّة توظيفها سواء كانت رسمية أو غير رسمية، والأهم أن تكون قادرة على الاستفادة من المقومات غير الرسمية في تعظيم التأثير الناعم للدولة في الخارج كل في مجاله.

إعلان