إعلان

"دينية الشيوخ": الحديث عن حق الكد والسعاية إحياء للصلة الصحيحة بالتراث

03:46 م الخميس 11 أغسطس 2022

الدكتور يوسف عامر رئيس لجنة الشئون الدينية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث


كتب- محمود مصطفى:

قال الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، إن الحديث عن حق الكد والسعاية هو إبرازٌ لمُهمةٍ جليلة هي من جهةٍ القيامُ بواجبِ الوقتِ من حيثُ المشاركةُ الفعّالةُ النافعةُ بتقديمِ الحلولِ والآراءِ المدروسَةِ المناسبةِ.

وأوضح عامر، في بيان، أن الحديث عنها من جهةٍ أخرى إحياء الصلة الصحيحة بالتراث الضخم الفخم الذي تركه لنا أسلافُنا، والذي يحتاج منَّا إلى فهمٍ دقيقٍ واستيعابٍ كاملٍ، واستثمارٍ، واستكمالٍ، وهذا أمر لا يتهيَّأُ لِكلِّ أحدٍ، وإذا لَم يَقُمْ بهِ مَن هوَ أهلٌ لَهُ استباحَ حِمَاهُ مَن لَيسَ مِن أهلِهِ فَضَلَّ وأَضَلَّ.

وأشار إلى أن موضوع الكد والسعاية عرفًا وفقهًا وقانونًا، تحدَّثَ فيه العلماؤُنا بما لا مزيدَ عليه، ولكن هَهُنا أمرٌ يَتصلُ بالموضوعِ وإنْ لم يكنْ مِن صَمِيمِه، أَلَا وهو أهميَّةُ إحياءِ مثلِ هذه المسائلِ الفقهية وهي:

- أولًا: إحياءٌ لتراثٍ عظيمٍ فَهمُهُ جزءٌ من قضيةِ الوَعْيِ الكُبْرَى.

- ثانيًا: هذا يُبيّنُ مرونةَ الفقهِ الإسلاميِّ وطواعيتَهُ، واستنارَةَ الفقهاءِ ومراعاتَهُم لواقِعِهِم، وقد ورَدَ فيما رواهُ ابنُ حِبَّانَ وغيرُه أنه «على العاقلِ أنْ يكونَ بصيرًا بزمانِه، مُقبِلًا على شَأنِه»، وهذا بلغةِ عصرِنا هو الدرايةُ البصيرَةُ بالواقعِ، والقيامُ بواجبِ الوقتِ.

- ثالثًا: ينبغي لمثل هذه الموضوعات أن تُنشّط من خلال وسائل عدة، منها الرسائلِ العلميّةِ، فالرسائلُ العِلميةُ كما أنَّ لها دورًا عِلميًّا جليلًا لا بدَّ أنْ يكونَ لها دورٌ على أرضِ الواقعِ، ومنحُ العالِمِيَّةِ (الدكتوراه) ليس معناهُ تخريجُ باحثٍ تقتصرُ منفعَةُ عِلمِهِ على قاعاتِ البحثِ العِلميِّ، بل بِتوجيهِهِ إلى مِثْلِ هذه الموضوعاتِ الماسَّةِ بالواقعِ نُقدّمُ للمجتمعِ مُشارِكًا نَافعًا في بناءِ نهضتِهِ، وصناعَةِ حَضارتِه.

وأشار إلى أن الفقهاءَ لما فَهِموا ما وردَ عن أميرِ المؤمنينَ سيدِنا عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه من قضائِهِ للمرأةِ التي كانتْ تعملُ مع زوجِها بنصفِ التركَةِ قبلَ قِسمتِهَا باعتبارِ كدِّها وسَعيِها في تكوينِها، ثم تأخذُ ميراثَهَا فيما بَقِيَ، لم يقفِوا عند حَرفِيَّةِ قضاء سيدِنا عمرَ، فلا يُشترط أن تأخذَ المرأة النصفَ، بل تأخذُ بقَدْرِ مساهمتها في المال، وليس الحكم قاصرًا على المرأةِ بل هو لكلِّ فردٍ من أفرادِ الأسرَةِ ساهَمَ في إثمارِ مالِ الأسرَةِ المشاعِ، يُقسم بينَهم حالَ افتراقِهِم كلٌّ بحَسَبِ كَدِّه وسَعيِهِ.

ونوه بأن ما فعلَهُ أميرُ المؤمنينَ رضي الله عنه نِتَاجٌ لِفهْمٍ صحيحٍ عميقٍ للإسلامِ، فالإسلام حَفِظَ الحقوقَ، وحرَّمَ أكلَهَا بالباطلِ وإهدارَهَا، فلا بدَّ أن يُحفظَ عليها حَقُّهَا إذا عَمِلَتْ وسَاهَمَتْ، وما استنبطَهُ الفقهاءُ هو فهمٌ عميقٌ مَبنيٌّ على ما أسَّسهُ الفاروقُ رضي الله عنه.

ولفت إلى أنه ينبغي نشرُ مثلِ هذا العلمِ بدرجةٍ مناسبةٍ لجمهورِ المثقفينَ وخصوصًا من طبقَةِ الشبابِ، وهذا سيكونُ له أكبرُ الأثرِ في التفتحِ الفكريِّ بما يَدحضُ التطرفَ المبنيَّ في أساسِه على الِانغلاقِ الفكريِّ والفَهْمِ السَّطحيِّ والنظرِ الضّيق، مشيرا إلى أن النشر يكون عبر عقدِ الندواتِ في الجامعات وغيرها وعن طريقِ وسائلِ الإعلامِ المختلفةِ، وكذا عن طريق الفنون المختلفة.

وشدد على أن نشر هذا العلم بلغةٍ مناسبةٍ لجمهورِ المثقفينَ، يَدحضُ كثيرًا من الشبهاتِ ضدَّ الإسلام، وإظهارٌ للوجهِ المُشرقِ للتفكيرِ الفقهيِّ المظلومِ بالمهاجمةِ حينًا، وبالفَهْمِ الخاطئِ حينًا آخرَ.

فيديو قد يعجبك: