إعلان

زارع: نمر بحالة طوارئ غير مُعلنة وقانون التظاهر ليس المشكلة (حوار)

12:49 م الأربعاء 22 يوليو 2015

محمد زارع مدير البرامج بمركز القاهرة لدراسات حقوق

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار ـ هاجر حسني:

''الأوضاع في تدهور مستمر ومن سيء لأسوأ'' هكذا رأى محمد زارع، مدير البرامج بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الأوضاع على المستوى الحقوقي في مصر خلال العام الأخير، فما يحدث في مصر في رأيه هو ''مؤشر خطير'' خاصة في ظل غياب القانون وحيادية التحقيقات، وهوما أكده خلال حواره لنا.

ما تقييمك لحالة حقوق الإنسان خلال عام من حكم الرئيس السيسي؟

هذا العام شهد انتهاكات غير مسبوقة من حيث الكم والكيف، هناك انتهاكات مختلفة على كافة الأصعدة في السجون وخاصة التعذيب كذلك لا يوجد ضمانات للمحاكمة العادلة والضغوط التي تُمارس على الحق في تكوين الجمعيات وعلى المنظمات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، فما يحدث في مصر حاليا هو مؤشر خطر، لأن غياب دولة القانون وسعي مؤسسات الدولة لارتكاب جرائم سيعمل على توسيع دوائر العنف.

هناك تضييق على المجتمع المدني.. تتفق أم تختلف؟

العمل الحقوقي في مصر يواجه مشكلات، وهذه العقبات ليست لها علاقة بمصادر التمويل كما تعلن الحكومة وليس لها علاقة بالشكل القانوني ولكن مشكلة الدولة هي في نشاط منظمات حقوق الإنسان الذي ترغب الدولة في إنهائة وملاحقته، وأصبح المطلوب من المنظمات فقط وهو أن تتبنى وجهة نظر الحكومة وتبرير الانتهاكات التي تقوم بها، فلابد أن تكون ناشط حقوقي مدافع عن الانتهاكات التي تقوم بها الدولة وألا تنتقد ممارساتها.

وهذه هي رؤية الحكومة للمنظمات ومشكلتها معها وليس مصادر التمويل لأن المصادر التي تمول المنظمات الحقوقية هي ذاتها التي تمول الدولة، فنحن دولة تعيش على المعونات والدعم الخارجي وهو ما يثبته زيارات ولقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي، ثم تأتي الدولة وتتهم المنظمات بالتمويل من الخارج رغم أن تمويلها هي له أجندة سياسية، والمنظمات الحقوقية ليس لها أجندة سياسية، فهي تنتقد الأوضاع منذ عهد المجلس العسكري ومحمد مرسي وفي الفترة الانتقالية وتنتقد الأوضاع في الوقت الحالي، وعنما تتحسن الأوضاع جيدة بالطبع سنشيد بها لكن الأوضاع لم تتحسن أبداً بل هي في تدهور مستمر ومن سيء إلى أسواء.

كيف رأيت الهجوم على منظمة هيومن رايتس ووتش وبعض المنظمات الدولية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان؟

هذه أول مرة منذ سنين طويلة لا يكون بمصر منظمات حقوقية دولية، مصر أصبحت طاردة لمنظمات حقوق الإنسان الدولية والحكومة تتعامل مع المنظمات الدولية من منطلق ضعيف، هي تشعر بأنها في حالة ضعف ولو كانت قوية لن ''تهزها'' التقارير التي تصدرها هذه المنظمات، بل كانت ستأخذ هذه التقارير على محمل الجد وتتناولها بالتحليل والتحقيق وتفتح تحقيقات في الانتهاكات، ولكن عندما تُصدر هذه المنظمات أي تقرير قبل أن تقرأه الحكومة تبدأ سلسلة من الهجوم الحاد على التقرير، ولكنهم لا يعلموا أن المجتمع الدولي سيقرأ هذا التقرير حتى وإن تم حجبه عن المجتمع المحلي.

ولو أن هناك من تتم محاكمتهم عن الانتهاكات التي ارتكبوها بحقوق الإنسان ما كنا سنجد مثل هذه التقارير، ولكن فعليا لا يوجد تحقيقات وحتى إذا حدث لا توجد إحالات للمحاكمة، وطوال العام الماضي لم يحال للمحاكمة سوى المتهمين في قضية ترحيلات أبو زعبل والمتهم في قضية شيماء الصباغ فيما عدا ذلك أشخاص كثيرون قتلوا وماتوا في السجون ولم يحدث شئ، فماذا ننتظر من المنظمات الحقوقية بعد ذلك، أنا لم أرى في حياتي دولة ديمقراطية تقول أن وجود منظمة حقوقية خطر على أمنها، ففي الدول الديمقراطية ترى الانتقادات الموجهة لها فرصة لإصلاح ما بها من أخطاء، وأبرز ما يثبت ذلك هو التحقيق مع الحقوقي نجاد البرعي عل خلفية تقديمه لمشروع قانون للتعذيب، فهو تقدم بحوالي 186 بلاغ بأكثر من 400 حالة تعذيب لم يفتح تحقيق جدي وسريع في أيا منهم، لكن البلاغ الوحيد الذي تم فتحه هو التحقيق معه.

شكاوى عديدة ترددت عن وجود تعذيب ممنهج داخل السجون والأقسام ووزارة الداخلية نفت ذلك، ما رأيك؟

بالطبع هناك تعذيب منهجي وأكثر من أي وقت مضى، وما يجعله يزداد ويكون أكثر توحشا هو مناخ الإفلات من العقاب غير المسبوق، فكان هناك مطالب واضحة لعدد من المنظمات العاملة بأن تشكل لجنة منهم في هذا المجال بزيارة السجون ومقار الاحتجاز ، ولكن لم يحدث ذلك، كما أن المجلس القومي لحقوق الإنسان قال من قبل إن هناك تعذيب، ربما نختلف في الأرقام والطريقة ولكنه موجود، مشكلة الأقسام والسجون ليست فقط في عدم وجود أجهزة التبريد المعطلة أو التهوية والتكدس داخل مقار الاحتجاز، بل ان تلك المشكلات تعتبر صغيرة بالنسبة للتعذيب الوحشي، والمعاملة الحاطة بالكرامة التي يتعرض لها المساجين سواء كانوا سياسيا أم غير ذلك.

هل هناك محاولة لإبعاد المعارضة؟

شيماء الصباغ، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان تصنف من المدافعات عن حقوق الإنسان، في ذكرى ٢٥ يناير الماضي عندما شاركت في الوقفة كان لديها مطالب متعلقة بحقوق الإنسان وهي المطالبة بإسقاط قانون التظاهر، تم قتلها بدم بارد.

هل ترى احتمالية لمناقشة قوانين التظاهر والمحاكمات العسكرية، أم ستظل قوانين نهائية؟

بالطبع هذه القوانين تعد مشكلة كبيرة، ولكن معظم المحتجزين لم يحتجزوا على خلفية قانون التظاهر بل تم تلفيق اتهامات تستند إلى قانون العقوبات و قانون التجمهر الساري في مصر منذ عام ١٩١٤ ، فمثلا علاء عبد الفتاح عندما تم احتجازه لم يكن فقط بسبب تنظيم مظاهرة بدون ترخيص، لأن هذه التهمة لا تستدعي الحبس ولكن غرامة فقط تتراوح من 10 إلى 30 ألف جنيه، لكن الحكم بالحبس 5 سنوات جاء بناء عل تهمة ملفقة له وهي التعدي على ضابط شرطة وسرقة جهاز لاسلكي “ووكي توكي”، وبالقياس على ذلك معتقلي الاتحادية ويارا سلام وسناء سيف، فالمشكلة ليست قانون التظاهر فقط ولكن غياب حيادية التحقيقات والتهم غير الصحيحة التي توجه للمتهمين، فالتظاهرات المسموح بها فقط هي التظاهرات المؤيدة بينما أي تظاهرة معارضة حتى إذا كان قوامها 25 شخص يتم التعامل معها بقوة مميتة.

أما وقانون توسيع اختصاصات المحاكم العسكرية فهو بالأساس غير دستوري والحكومة تعي ذلك ولكنها تطبقه حتى يتحقق الغرض منه، في الحقيقة مصر حالياً تشهد حالة طوارئ غير معلنة وحتى الضمانات الضعيفة جدا التي كانت تطبق أثناء وجود حالة الطوارئ لم تعد موجودة، فالحبس الاحتياطي أصبح بديلا للاعتقال الإداري في قانون الطوارئ بدون تحقيق أو محاكمة ويظل المحتجز في السجن عامين أو أكثر دون أن يوجه له اتهام وأحياناً دون أن يعلم سبب احتجازه.

يذهب البعض إلى أن الإعلام أصبح يد للنظام، هل ترى ذلك؟

الإعلام حاليا حتى الخاص منه أصبح فعليا متبني خطاب الإدارة الحالية، فعندما يكون هناك هجوم على شخص معين أو جهة معينة نجد جميع القنوات الإعلامية تسير على نغمة واحدة، وهذا يعطي انطباع بأن الموضوع ليس صدفة وأنه منظم ويدل على أن هناك جهات تتدخل في ووسائل الإعلام وتطلب منها سواء بالتراضي أو الترهيب أن تتناول اتجاه معين ومن يرفض ذلك يتعرض لهجوم، كما أن الإعلاميين المعروف عنهم الاستقلالية والحياد غير مرحب بهم للظهور على وسائل الإعلام، فعلى سبيل المثال ريم ماجد وبعد أن أذيعت حلقتان من برنامجها “جمع مؤنث سالم” تم وقف البرنامج، ووفقا لريم فإن هناك ضغوط مورست عليها من جهات سيادية، وأنا اتصور أن هذا الكلام صحيح، فلا يجوز أن يذاع برنامج لمدة حلقتين وبعد التجهيزات والإعلانات يتم إلغاءه.

وبخلاف الضغوط نجد أن الرقابة الذاتية أيضا لها دور فالإعلام بمرور الوقت يحاول أن يخفض سقف الحرية فهو يمارس بنفسه ضغوط على ذاته، فعلى سبيل المثال بعد ملف ثقوب في البدلة الميري والذي نشرته صحيفة المصري اليوم تم استدعاء رئيس ومدير التحرير للتحقيق في نيابة أمن الدولة العليا.

وبالطبع هناك برامج تليفزيونية وبعض الإعلاميين وكتاب مقالات يبثون خطاب يحث على الكراهية ويحرضون على القتل وسفك الدماء، وهو ما يستوجب وقف هذه البرامج فوفقا للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية القيد الوحيد على حرية الرأي والتعبير هو خطابات الكراهية والحض على العنف، كما نرى ما يدل على أن هناك إعلام موجه فلم يتم محاسبة شخص على تسريب تسجيلات لنشطاء سياسيين ومعارضين على القنوات الفضائية والذي لم يُتخذ أي إجراء قانوني ضدهم حتى الآن.

وماذا عن وعود الرئيس بالإفراج عن شباب الثورة؟

هناك أمرين، إما أن الرئيس لا يستطيع تنفيذ هذه الوعود ووقتها عليه أن يقول ذلك، إما أنه يقول وعود غير صادقة، وقطعا إذا حدث هذا العفو عن بعض السياسيين سيكون هناك بعض الارتياح، ولكنه لن يغني عن ضرورة وجود معالجة جزرية للمشكلة الأكبر التي تسببت في سجنهم ظلماً وهي استقلال القضاء وجهات التحقيق وإلغاء القوانين التي تتعارض مع الحق في التجمع السلمي.

فيديو قد يعجبك: