إعلان

حوار- خبير اقتصادي في بلومبرج يتوقع انخفاض الفائدة بمصر 5% خلال 2018

11:50 م الأربعاء 31 يناير 2018

زياد داود

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالقادر رمضان:

توقع زياد داود، كبير الاقتصاديين في الشرق الأوسط، في شركة بلومبرج إيكونوميكس، أن يخفض البنك المركزي المصري، أسعار الفائدة بين 4 و5% على مدار العام الجاري، مع انحسار موجة التضخم.

وقال داود، في حوار مع مصراوي، إنه يتوقع تراجع معدلات التضخم إلى 15% في المتوسط، خلال العام الجاري، مع اختفاء تأثير تعويم الجنيه وضريبة القيمة المضافة على الأسعار.

ويرى داود الذي يتولى تغطية الشرق الأوسط، في بلومبرج المتخصصة في الأبحاث والأخبار الاقتصادية، أن الحكومة المصرية تسير بشكل جيد في تحقيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي اتفقت عليه مع صندوق النقد الدولي، متوقعا أن ينمو الاقتصاد بنحو 4.7% خلال العام الجاري، ويرتفع إلى 5.5% في العام المالي المقبل.

وأعد داود، الذي يحمل درجة الدكتوراه في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد، تقريرا عن الاقتصاد المصري، من المتوقع نشره خلال أيام.

ولا يتوقع كبير الاقتصاديين في الشرق الأوسط، أن ترفع الحكومة أسعار المحروقات خلال العام المالي الجاري، خاصة مع وجود انتخابات رئاسية في النصف الأول من 2018.

وقال إن الحكومة ستتحمل زيادة تكلفة دعم الوقود، بسبب ارتفاع أسعار البترول، على أن تواصل رفع الدعم عن الطاقة بداية من العام المالي المقبل.

ويقدم داود في هذا الحوار، رؤيته لتطورات الإصلاح الحكومي وتوقعاته للاقتصاد المصري في المرحلة المقبلة..

كيف ترى تأثير ارتفاع أسعار البترول قرب 70 دولار للبرميل على خطة رفع الدعم عن الطاقة وعجز الموازنة؟

أسعار البترول العالمية ارتفعت عن ما قدرته الحكومة في موازنتها خلال العام المالي الجاري (55 دولار للبرميل)، وهو ما يعني أن استمرارها في الإنفاق على دعم المحروقات، بنفس أسعارها الحالية، لن يحقق لها مستهدفاتها في خفض عجز الموازنة.

ورغم ذلك لا أعتقد أن الحكومة تعتزم رفع أسعار المواد البترولية خلال العام المالي الجاري، خاصة مع وجود انتخابات رئاسية في النصف الأول من 2018، وسوف تتحمل الحكومة زيادة تكلفة دعم الطاقة، بسبب ارتفاع أسعار البترول العالمية، وبالتالي لن تصل إلى خفض العجز المستهدف، لكنها من المؤكد ستواصل برنامج رفع الدعم عن الطاقة مرة أخرى في العام المالي المقبل، بشكل تدريجي وصولا إلى رفعه تماما.

وفي كل الأحوال الحكومة المصرية ستواصل خطتها لرفع الدعم عن الطاقة، فهناك اتفاق بهذ الخصوص مع صندوق النقد الدولي، وأعتقد أن الطرفين يسيران للأمام في هذا الأمر.

وأنا كاقتصادي، أرى أن دعم المواد البترولية، يستفيد منه في الأساس الطبقات الغنية، لكن أيضا المتضرر الأكبر من رفع الدعم هم الطبقات الأقل دخلا، ولذلك يمكن للحكومة أن تساند الطبقات محدودة الدخل من خلال سياسات أخرى للضمان الاجتماعي.

وليس من العقل أن تدعم الحكومة مواطن لكي يضع البنزين في سيارته، أو الكهرباء لتشغيل التكييف في منزله.

بعد أكثر من عام على تعويم الجنيه كيف تقيم نتائج هذا القرار؟

أعتقد أن خطوة تعويم الجنيه، في نوفمبر 2016، كانت مهمة وضرورية، ولم يكن هناك أي خيار أمام الحكومة سوى تعويم الجنيه أو خفضه كما حدث، لأنه كان هناك ضغط كبير على الدولار، ونقص في العملة الصعبة، وعجز كبير في الميزان التجاري، ولم يجد المستوردون الدولار من أجل الاستيراد حتى بالنسبة للسلع الأساسية، وهذا كان له تأثير سلبي كبير على الإنتاج الصناعي الذي يعتمد على سلع وسيطة مستوردة، ومن ثم كان التعويم هو الحل لتقليل العجز في الميزان التجاري، لأنه جعل تكلفة الاستيراد مرتفعة، وبالتالي قلل الإنفاق عليها، بما يحسن العجز في الحساب الجاري، كما أنه دعم تنافسية الصادرات المصرية، وكذلك أعطى دفعة للسياحة التي بدأت تنتعش.

هل ترى أن هناك خطورة من الاعتماد على "الأموال الساخنة" في سد الفجوة التمويلية؟

صحيح أن العجز في الحساب الجاري، تم تمويله من خلال الأموال الساخنة، التي جاءت بعد تعويم الجنيه، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وخاصة الأموال التي دخلت في أدوات الدين الحكومية بسبب الفرق الكبير في الفائدة المقدمة مقارنة بباقي دول العالم، لكن أعتقد أن هناك إدراك من المسؤولين في مصر وصندوق النقد الدولي، إلى هذا الأمر، وأنه من المهم الاتجاه نحو جذب الاستثمارات المباشرة.

المشكلة في الأموال الساخنة، أنها كما جاءت بسرعة يمكن أن تخرج بسرعة، وهذا ما جرى بالفعل بعد يناير 2011، حيث فقد الاحتياطي حوالي 20 مليار دولار في نحو سنة ونصف, ومن المهم أن تعمل الحكومة في الفترة المقبلة على سد العجز في الحساب الجاري من الاستثمارات المباشرة، لكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت.

والحقيقة أن تغطية العجز بالأموال الساخنة هو أفضل من عدم تغطيته تماما،أو أن يكون لديك عجز غير ممول، وذلك لحين بناء الثقة وجذب المستثمرين.

ما هي توقعاتك لنمو الاقتصاد المصري؟

نتوقع نمو الاقتصاد بنحو 4.7% خلال العام المالي الجاري، مقابل نحو 4.1% في العام المالي الماضي، وأن يرتفع إلى نحو 5.5% في العام المالي المقبل.

متى سيشعر المواطن المصري بثمار الإصلاحات والنمو؟

النمو السكاني في مصر 2.5% سنويا، ولكي يواكب الاقتصاد هذا النمو السكاني ونمو الإنتاج في العالم، لابد أن ينمو بنسب تزيد على 5%، وهذا من شأنه على الأقل أن يحد من زيادة البطالة، ومع استمرار معدلات النمو المرتفعة، سيشعر الناس بتوفر فرص العمل، وانخفاض معدلات البطالة، بما يساهم في تحسين دخولهم، كما أنه على مستوى الأسعار، فإنه بعد انتهاء تأثير التعويم، سيتراجع التضخم، وهو ما يعني أن الأسعار سترتفع ولكن بوتيرة أبطء وهو ما يعطي الناس فرصة للتنفس.

هل تعتقد أن الحكومة انتهت من مرحلة الإصلاحات "الأصعب"؟

على مستوى اتخاذ القرار وتأثيره على المواطن، أعتقد أن قرار التعويم كان قرار مهم وشئ كبير، ولا أعتقد أن أي إصلاحات جديدة ممكن ترفع التضخم فوق 30% كما جرى بعد تحرير سعر الصرف.. في رأي أن الإصلاحات الأكثر تأثيرا على المواطن قد مرت، لكن يبقى أمام الحكومة تحد مهم وهو جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ما هي توقعاتك للتضخم خلال العام الجاري؟

أتوقع أن تواصل معدلات التضخم انخفاضها، لتصل إلى حوالي 15% في المتوسط خلال العام الجاري، وذلك بسبب اختفاء عاملين من ثلاثة عوامل كانت سببا في القفزة الكبيرة التي شهدتها الأسعار، ووصلت بالتضخم فوق مستوى 30%، وهما التعويم وضريبة القيمة المضافة، أما العامل الثالث، والذي سوف يستمر هو مواصلة رفع أسعار المحروقات، ولكن تأثيره قد يكون في حدود 2 أو 3% على التضخم السنوي.

متى تتوقع خفض أسعار الفائدة خاصة بعد توصية صندوق النقد الدولي بعدم التعجل أو تخفيف السياسة النقدية قبل الآوان؟

البنك المركزي رفع أسعار الفائدة بنسبة 7% منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، ولا أتوقع أن يخفض الفائدة بنفس النسبة خلال العام الجاري، ولكن من المتوقع أن تنخفض بما يتراوح بين 4 و5% على مدار العام، وذلك لأن معدلات التضخم لن تعود إلى مستوى 13% الذي كان قبل التعويم، مع الاتجاه لرفع أسعار المواد البترولية، والذي سيكون له أثر تضخمي.

وأعتقد أن توقعات التضخم، لا زالت تحتاج إلى الحفاظ على السياسة النقدية المتشددة، حتى يتعود الناس على معدلات التضخم المنخفضة، وتصبح التوقعات في اتجاه استمرار تراجع التضخم ونزوله في مرحلة مقبلة إلى رقم آحادي أي أقل من 10%.

ولا أتوقع موعدا محددا لبدء خفض الفائدة سواء في اجتماع لجنة السياسة النقدية في 15 فبراير أو بعده، ولكن أتحدث عن نسبة انخفاض خلال العام بأكمله.

وأعتقد أن توصية صندوق النقد الدولي في تقريره بعد المراجعة الثانية للاقتصاد المصري، بضرورة توخي الحذر وعدم التعجل في تخفيف السياسة النقدية، ربما دفع البعض لتعديل توقعاتهم حول موعد خفض أسعار الفائدة.

لكن أعتقد أيضا أن هناك عاملا مهما سيضعه البنك المركزي في اعتباره عند اتخاذ قرار خفض الفائدة، وهو موعد رفع أسعار المحروقات، وما إذا كان هذا الأمر سيحدث قبل نهاية العام المالي أم في موازنة العام المقبل، حتى لا يخفض الفائدة ثم يعود لرفعها مجددا، من أجل وضع سياسة نقدية مستقرة.

لماذا لا تأتي الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر بالقدر الذي كان متوقعا بعد التعويم وبرنامج الإصلاح؟

بداية الاستثمارات المباشرة لا تعود في يوم وليلة، ومن غير المتوقع أن تدخل الاستثمارات المباشرة بقوة بمجرد تعويم العملة.. المستثمرون الأجانب يحتاجون للتأكد من استقرار السياسات المالية والنقدية وكذلك الاستقرار السياسي من أجل ضخ استثماراتهم.

لكن الأكيد أن تحرير سعر الصرف كان عقبة أساسية أمام الاستثمارات الأجنبية وتم حلها، إذ لم يكن ممكنا أن تدعو المستثمرين الأجانب لدخول البلد ثم لا يستطيعون تحويل أرباحهم، أو يجدون سعرين للعملة واحد رسمي والأخر في السوق الموازي.

وبحسب استطلاع منتدى الاقتصاد العالمي، لرأي مدراء الشركات، عن صعوبة الأعمال في الدول، كان أول سبب تحدثوا عنه في مصر، هو عدم استقرار السياسات النقدية والتضخم، وأعتقد أن هناك حاليا ارتياح لدى المستثمرين حول اتجاه الاقتصاد المصري نحو الاستقرار وكذلك اطمئنان بخصوص سعر الصرف وتوفر العملة الصعبة.. مهم جدا أنه لم يعد هناك سعرين للعملة أو أية قيود على تحويل الأرباح.

هل ترى أن قوانين الاستثمار والتراخيص الصناعية والإفلاس الجديدة سيكون لها تأثير إيجابي في جذاب الاستثمارات الأجنبية؟

هناك قوانين وتعديلات تشريعية مهمة صدرت في الفترة الأخيرة، لكن المستثمرين منتظرين تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.. يحتاج المستثمر الأجنبي أن يرى سجلا من النجاح والفعالية في تطبيق هذه القوانين.

كيف ترى أهمية ظهر في مساعدة الاقتصاد المصري؟

بدأت مصر إنتاج الغاز في منتصف التسعينيات، لكن إنتاجها بدأ يتراجع، وأصبحت حاليا تغطي العجز بين الاستهلاك والإنتاج من خلال الاستيراد، وبحسب تصريحات المسؤولين في الحكومة فإن الكميات التي سينتجها حقل ظهر، ستسهم في التوقف عن استيراد الغاز المسال من الخارج، وشراء حصة الشركاء الأجانب، وهذا سيوفر للبلاد عملة صعبة، كما يحسن عجز الميزان التجاري، ويرفع معدلات النمو الاقتصادي، ويوفر الغاز للمصانع من أجل الإنتاج.

فيديو قد يعجبك: