بعد احتجاز ناقلة بريطانية.. ماذا يمنع لندن وواشنطن عن ضرب إيران عسكريًا؟
كتب - محمد عطايا:
تطورت الأوضاع بشكل سريع في منطقة الخليج العربي، بعد إعلان واشنطن إسقاط طائرة مسيرة لإيران، واحتجاز الأخيرة ناقلة نفط بريطانية بزعم اختراق حدودها الإقليمية.
ورغم تعاقب الأحداث وسرعتها، إلا أن ردود الفعل يبدو أنها ستكون محدودة، ولن ترتقي إلى نزاع عسكري مسلح بالمعنى التقليدي، بل من المرجح أن تستمر واشنطن في نهجها التقليدي بفرض عقوبات على طهران، والتغيير الوحيد -ربما- هو أن تتبع لندن النهج ذاته، لرد اعتبارها على التجاوزات الإيرانية بحقها.
ماذا حدث في 3 أيام؟
الخميس الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إسقاط طائرة إيرانية مسيرة، بسبب تجسسها على المدمرة "يو إس إس بوكسر". وجاء الرد الإيراني سريعًا بتكذيب الرواية الأمريكية، ونشر فيديو يدعم تصريحات طهران.
لم تمض ساعات، حتى احتجزت إيران ناقلة نفط بريطانية، منتصف يوم الجمعة، في مضيق هرمز، ما أنذر بأن الساعات المقبلة قد لا تحمل الخير لأي من أطراف النزاع، وأن خطأ واحد يرتكبه أحد اللاعبون الرئيسيون في الخليج قد يكون كفيلًا لإشعال حرب كارثية في الشرق الأوسط.
ناقلة نفط ثانية، ترفع علم ليبيريا، وتشغلها السلطات البريطانية، أعلنت إيران أنها استولت عليها، إلا أنها أطلقت سراحها بعدما قالت إنها لم تخالف القوانين الدولية.
وزير خارجية بريطانيا، جيريمي هانت، قال إنه "قلق للغاية" من احتمال حدوث عواقب وخيمة، إذا لم تقم إيران بتسوية الوضع المتعلق بناقلة النفط التي ترفع علم بريطانيا "ستينا أمبيرو" بسرعة. ونصحت الحكومة البريطانية السفن بتجنب مضيق هرمز "لفترة مؤقتة".
وقالت شركة "ستينا بالك"، ومقرها السويد، المشغلة للناقلة "ستينا أمبيرو" في بيان إن السفينة "استجابت بشكل كامل لجميع قواعد الملاحة والقواعد الدولية، وليس هناك أي تقارير بشأن حدوث إصابات للطاقم".
وقال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب إن إدارته ستجري اتصالاً مع لندن. فيما أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستتصدى بكل قوة لأنشطة إيران الخبيثة في المنطقة.
وفي ساعات متأخرة من ليل الجمعة، أجبرت إيران ناقلة نفط جزائرية على تغيير وجهتها لتسير نحو المياه الإقليمية الإيرانية.
ماذا يمنع لندن وواشنطن عن الرد العسكري؟
حتى بعد تفاقم الأوضاع والاعتداء المباشر على الممتلكات البريطانية والأمريكية، لم تتخذ الدولتين بعد قرارًا بتحريك أي قوة عسكرية أو توجيه ضربة ضد النظام الإيراني، الذي على حد وصفهما يمثل الخطر الأكبر للملاحة الإقليمية والدولية.
يبدو أن الجميع لا يفضل المواجهة العسكرية، فكل المعطيات وردود الفعل لا تذهب إلى التصعيد العسكري حتى اللحظة، نظرًا لأن الجميع يدرك مدى الضرر الذي يعود على الجميع حال أي تصعيد عسكري في المنطقة، خاصة حال توقف تصدير النفط، الذي سيضر بالاقتصاد العالمي ككل.
الصحفي البريطاني الكبير، جدعون رشمان، أكد أن الحقائق العسكرية والدبلوماسية تقيد أن الرد البريطاني لن يرتق إلى مستوى المواجهة المسلحة.
وأكد في مقال بصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن المملكة المتحدة حاولت باستمرار متابعة طريق المفاوضات مع طهران، ولن تتحرك عسكريًا، وهو ما بدا واضحًا في تصريحات بوريس جونسون، المرشح بقوة لمنصب رئاسة وزراء بريطانيا القادم، خلفًا لتيريزا ماي.
في أي صدام عسكري مع إيران، ستلجأ بريطانيا إلى الولايات المتحدة للحصول على الدعم والشرعية الدولية، وهو أمر صعب، لأن واشنطن نفسها لا تسعى للتحرك عسكريًا ضد طهران، وبالتالي فإن تلك العملية تبدو مستبعدة.
رودي جولياني، مساعد ومحامي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أكد أن الصراع العسكري مع إيران هو الملاذ الأخير، وسط تصاعد التوترات الحالية.
وأوضح جولياني، في تصريحات لفضائية "فوكس نيوز"، أن الولايات المتحدة لديها القدرة على كبح القدرة النووية لطهران، والرد عليها عسكريًا، لكن ذلك لن يتم في الوقت الحالي.
رضا بارشزادة، الباحث في العلوم السياسية الإيراني، أكد أن جميع الجهات صانعة القرار ف يالخليج العربي ترغب في تجنب أي نوع من الاقتتال هناك.
وأضاف في تصريحات لـ"مصراوي"، أن الولايات المتحدة تحتاج إلى تأييد دولي قبل أن توجه ضربة للنظام الإيراني، نظرًا لأن حلفاء واشنطن الأوربيين لا يصدقون اتهامات ترامب لطهران.
ويرى الباحث الإيراني أن توجيه ضربات في العمق الإيراني يمكن أن يحمل مخاطر جسمية لأمريكا وبريطانيا، نظرًا لأن أي استهداف لمنشأة في طهران، سيدفع الأخيرة على توجيه وابل من صواريخها ضد لندن وواشنطن مباشرة.
فيديو قد يعجبك: