إعلان

في ذكرى وفاة عباس العقاد: صاحب العبقريات والمدافع عن العقيدة

08:42 م الجمعة 12 مارس 2021

عباس العقاد

كتبت – آمال سامي:

"يقول الكاتب الأمريكي وندل هولمز: إن الإنسان- كل إنسان بلا استثناء- إنما هو ثلاثة أشخاص في صورة واحدة، الإنسان كما خلقه الله..الإنسان كما يراه الناس، والإنسان كما يرى هو نفسه...فمن من هؤلاء الأشخاص الثلاثة هو المقصود بعباس العقاد؟" هكذا يتساءل العقاد في كتابه الذي خطه بنفسه راويًا سيرته الذاتية، مختارًا ابسط الطرق وأكثرها مباشرة في اسمه.."أنا" يلخص العقاد آراء كثير من الناس حوله، باعتباره مفرطًا في الكبرياء والقسوة والجفاء، يعيش بين الكتب ولا يباشر الحياة كسائر الناس، لكنه يؤكد انه نقيض ذلك تمامًا.. مفرط في التواضع والرحمة واللين.. يعيش بين الكتب إلا أنه يباشر الحياة.. لكنه في الحقيقة قد وصف ما يراه الناس حوله، ففضلًا عن شخصيته الصلبة، فأسلوبه الأدبي الذي يعتبره البعض قاسيًا وصارمًا، ويعتبره آخرون غاية في الدقة والجمال الأدبي هو أيضًا محل الجدل..لكن من هو فعلًا عباس العقاد؟

هو طفل أسواني بسيط ولد في الثامن والعشرين من يونيو عام 1889م في مدينة أسوان، وفيها تلقى دراسته النظامية الوحيدة التي عمل بها فيما بعد، فمن مدرسة أسوان الابتدائية، حصل العقاد على الشهادة النظامية الوحيدة في حياته وعمره 14 عامًا، وهي الشهادة الابتدائية، وبها عمل العقاد موظفًا حكوميًا عاديًا بمدينة قنا عام 1905 ثم الزقازيق بعدها بعامين، حتى توفي أبوه فانتقل إلى القاهرة واستقر بها.

يقول العقاد عن تلك الفترة التي شهدت تحولًا كبيرًا في حياته: "سئمت وظائف الحكومة وجئت إلى القاهرة وعملت بالصحافة، وأخيرًا عينت عضوًا بمجلس الفنون والآداب كما عينت بالمجمع اللغوي".

في بداية حياته تردد مع أبيه على مجلس علماء الأزهر، فحضر مجالس أحمد الجداوي أحد أبرز علماء الأزهر الذين لازموا جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، يروي العقاد أن أساتذته جميعًا كانوا من اختياره إلا الشيخ الجداوي، فكان من اختيار ابيه، ويروي العقاد كيف كان يرى الشيخ محمد عبده "أعظم رجل ظهر في مصصر وما جاورها منذ خمسة قرون" وكيف كان قدوته في كل مذهبه.

العقاد والقضايا الإسلامية الكبرى

"أؤمن بالله..أؤمن بالله وراثة وشعورًا وبعد تفكير طويل" فالعقاد الذي نشأ بين أبوين مؤمنين، لا يتركان فريضة، ولا نافلة، فحتى دعاء الفجر والاستيقاظ قبله للقيام كان يفعله أبواه، إلا أنه يؤكد أن إيمانه بالله وبالعقيدة الإسلامية لم يكن فقط وراثة، لكنه كان بعد تفكير طويل..فكان العقاد كثير الإطلاع طويل التأمل، اطلع على كافة المذاهب المادية التي رفضها عقله، فجاءت كتابات العقاد تتسم بالعقلانية، وتناقش بالمنطق، وترد بالحجج على الأباطيل.

ربما كان أشهر ما كتبه العقاد للمكتبة الإسلامية هي "العبقريات"..عبقرية محمد..عبقرية عمر..وعبقرية الصديق..وغيرها، لكنه كتب أكثر من ذلك، فكتب العقاد الإسلامية تتجوز الأربعين كتابًا، فكتب العقاد مدافعًا عن الإسلام من الهجمة التغريبية التي شنت في عصره، فكتب "حقائق الإسلام وأباطيل خصومه"، و"التفكير فريضة إسلامية" وناقش قضايا شائكة كـ "الديموقراطية في الإسلام" و"الإسلام في القرن العشرين"، وحاول العقاد الرد على خصوم الإسلام وما كانوا يهاجمونه به، مؤكدًا على ان الدين لم يعطل العقل المسلم عن التفكير، بل اهتم تمام الاهتمام بالعقل والفكر والتفكر، ومن أبرز مؤلفاته أيضًا كتاب "الله" الذي ناقش فيه العقيدة الإلهية منذ بداية خلق الإنسان ومعرفته بأن له ربًا ذاكرًا كيف نشأت العقيدة الإلهية.

ترجم عديد من كتب العقاد ومؤلفاته إلى اللغات الأخرى، وكُرم العقاد في حياته إذ اختير عضوا في مجمع اللغة العربية عام 1940 وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1959م، وتوفي العقاد في مثل هذا اليوم، الثاني عشر من مارس عام 1964م ولم يترك أية أبناء، فهو قد قضى عمره وحيدًا فلم يتزوج أبدًا.

فيديو قد يعجبك: