إعلان

زخرفة آيات القرآن.. هل هي "تعظيم لشعائر الله" أم "قرمطة" محرمة؟

07:49 م الثلاثاء 29 سبتمبر 2020

زخرفة القرآن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

نشر الدكتور فهد الرومي، أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود على حسابه الرسمي على تويتر عن "القرمطة" التي نهى عنها العلماء، وهي كتابة الآية القرآنية على وجه تداخل فيه كلماتها وحروفها بحيث تصعب قراءتها وتمييزها أولها من آخرها، معتبرًا إياها عبثًا بكلمات القرآن وإخراجها عن حكمة التنزيل، قائلًا إن القرآن لم ينزل لأجل أن يتخذ زينة في الكتابة بل نزل لقراءته وتدبر معانيه والعمل بما فيه، وأضاف الرومي أن كتابة القرآن على وجه الزخرفة المبالغ فيها فيه انحراف بالقرآن عما أنزل من أجله، مستشهدًا بما قاله الحليمي في تعداد وجوه تعظيم القرآن: "ومنها أن يفخم المصحف فيكتب مفرجًا بأحسن خط يقدر عليه ولا يصغر مقداره ولا يقرمط حروفه"، وحذر الرومي مما هو اخطر من ذلك وهو ان تكتب الآيات على صورة طاووس أو حصان أو غيرها من الحيوانات محذرًا من العبث بآيات القرآن وإهانتها.

والقرمطة في معاجم اللغة تعني الكتابة متقاربة السطور والحروف، وفي لسان العرب تعني القرمطة دقة الكتابة ومقاربة الخطو، وفي القاموس المحيط هي الكتابة متقاربة السطور والاحرف، وقد اختلف العلماء حول زخرفة آيات القرآن الكريم ما بين من رفضها وحرمها وما بين كن أجازها بل واشاد بها، وتنوه دار الإفتاء المصرية في إحدى فتاويها أن تلك المسألة من المسائل الخلافية التي لا إنكار فيها، فلا ينكر فعلها ولا تنقض إذا كتبت على الوجه المتقن..

رأي العالم السعودي ابن العثيمين في الزخرفة بالقرآن

يرى ابن العثيمين رحمه الله، العالم السعودي الشهير، أن اتخاذ الحروف القرآنية صورًا للنقوش والزخارف غير جائز، خاصة إذا اتخذت على صورة طائر أو حيوان أو رجل يصلي وخلاف ذلك، معتبرًا من يفعلون ذلك يكتبون الآيات على وجه محرم وهو "التصوير الذي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعله" مؤكدًا أن هذا الفعل "قبيح ومحرم".

وفي فتوى أخرى لابن العثيمين حين سئل عن حكم كتابة القرآن بالخط العريض الجميل على شكل رجل يصلي، أكد العثيمين أنه أمر غير جائز وأنه من "التعمق والتنطع" وذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: هلك المتنطعون، قائلًا أن كتابة القرآن على هيئة إنسان راكع أو يصلي يوهم بأن القرآن في منزلة أسفل وهو أمر منهي عنه، مستشهدًا بحديث الرسول عن النهي أن يقرأ الإنسان القرآن راكعًا أو ساجدًا لأن هيئته هيئة "ذل بالغ" في الحديث: "ألا وإني نهيت أن اقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا" مؤكدًا ان هذه الكتابة لا تجوز.

رأي دار الإفتاء المصرية في الزخرفة بآيات القرآن وتزيين المساجد

أما دار الإفتاء المصرية، فأكدت أن الكتابة أو الزخرفة بالقرآن أمر جائز شرعًا، مؤكدة أن الحضارة الإسلامية منذ بزوغها وكانت خدمة النص هي محورها ومركز قوتها، وان الكتابات القرآنية تعتبر شاهد على تعظيم المسلمين لكلام الله سبحانه وتعالى وتقديسهم له، وأوضحت دار الإفتاء في فتواها أن أصل النقش في اللغة هو تلوين الشيء والنمنمة والزخرفة، وهو يطلق على الكتابة أيضًا حيث جاء في حديث أنس بن مالك في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من فضة ونقش فيه: "محمد رسول الله"، وقال: " إِنِّي اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ وَنَقَشْتُ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؛ فَلا يَنْقُشَنَّ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ"، وعدت دار الإفتاء المصرية ذلك دليلًا على جواز كتابة الآيات القرآنية في المساجد خاصة أن عثمان بن عفان نقش الحجارة على أبواب المسجد النبوي وقبابه.

واستشهدت الدار في فتواها المنشورة على موقعها الرسمي بما فعله عمر بن عبد العزيز رحمه الله من تزين وزخرفة للمسجد النبوي بالكتابة بالذهب، فكتب سورة الفاتحة وقصار الصور في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وكلف بذلك خطاطًا يقال له سعد حطبة، بل أنه أعجب بحسن الخط فطلب منه أن يكتب له مصحفًا على مثل ما كتبه في جداران المسجد، وذكرت الدار أن أصحاب الظواهر هم من يكرهون ذلك ويُؤَنِّبون مَن فَعَله، قالوا: لأن فيه مخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أخبر من الطريقة؛ فإنه لما قيل له: ألا نهد مسجدك ثم نبنيه؟ فقال: "لَا، عَرْشٌ كَعَرْشِ مُوسَى"، وكان سقف مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جريد فكان ينكشف إذا مطروا حتى كانوا يسجدون في الماء والطين، وعن علي رضي الله عنه أنه مر بمسجد مزيَّن مزخرف فجعل يقول: لمن هذه البِيَع؟ وإنما قال ذلك لكراهيته هذا الصنع في المساجد، ولما بعث الوليد بن عبد الملك أربعين ألف دينار ليزين بها مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمر بها على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقال: المساكين أحوج إلى هذا المال من الأساطين، والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ تُزَخْرَفَ الْمَسَاجِدُ، وَتُعْلَى الْمَنَارَاتُ، وَقُلُوبُهُمْ خَاوِيَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ"

ولكن تؤكد دار الإفتاء أنه لا بأس بذلك؛ لما فيه من تكثير الجماعة، وتحريض الناس على الاعتكاف في المسجد، والجلوس فيه لانتظار الصلاة، وفي كل ذلك قربة وطاعة، والأعمال بالنيات.

الإفتاء توضح ضوابط كتابة القرآن سواء في المساجد أو غيرها

من هذه الضوابط ما هو متفق عليه ويجب الالتزام به، مثل أن تكون الكتابة محكمة غير معرضة للسقوط والامتهان، ومنها ما هو مختلف فيه كأن لا تكون في القبلة أو بالذهب أو من مال الوقف أو مبالغًا فيها، وتقول الدار أن من كره الزخرفة والكتابة بالقرآن أو حرمها فعل ذلك لتخلف أحدى هذه الضوابط، وأكدت أنه ايضًا في حال كتابة الآيات القرآنية على الجدران في غير المساجد، يجب أن تكون بطريقة متقنة محكمة أيضًا تراعي قدسية الآيات واحترامها، وأضافت الدار: " ويجب عند كتابة الآيات القرآنية على المساجد وغيرها الالتزامُ بما اتُّفِق عليه من هذه الضوابط، وتعهد الكتابة بالصيانة والتنظيف والترميم، وينبغي أن يُراعَى فيها تناسق الشكل والمضمون، وتناسب الجمال مع الجلال؛ كما هو مشاهَدٌ في الكتابات البديعة في مساجد المسلمين عبر التاريخ، شرقًا وغربًا، والتي صار كثير منها معالم بارزة يرى الناس من خلالها روائع الفن المعماري الإسلامي".

فيديو قد يعجبك: