إعلان

ابن الجوزي: واعظ الملوك والخلفاء ومجدد القرن السادس الهجري

07:11 م الأحد 02 فبراير 2020

ابن الجوزي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

يقدم مصراوي في حلقات متتالية نبذة تاريخية عن أبرز المجددين في تاريخ الإسلام، على مدار أكثر من ألف وأربعمائة عام، وذلك في ضوء مؤتمر الأزهر الأخير لتجديد الفكر الإسلامي؛ حيث كان للأمة الإسلامية علماء عظام صنفوا باعتبارهم "مجددين" استنادًا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها".

في السطور التالية، نستعرض سيرة أحد أبرز هؤلاء المجددين وهو الإمام ابن الجوزي الذي عده فؤاد عبد المنعم أحد أبرز المجددين في تاريخ على رأس القرن السادس الهجري، وذلك في تحقيقه كتاب ابن الجوزي: "لفتة الكبد إلى نصيحة الولد".

هو الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المشهور بابن الجوزي؛ نسبة إلى جوزة كانت في داره.

درس العلم في صغره، وسمع الحديث، وحفظ القرآن الكريم، ودرس الفقه وفنون الوعظ.

وقد ولد ابن الجوزي سنة 510 حسب ترجيح ابن كثير في البداية والنهاية في بغداد وقت سيطرة السلاجقة على الدولة العباسية.

ويقول عنه ابن كثير: "كان أستاذًا فردًا في الوعظ، وله مشاركات حسنة في بقية العلوم، وقد كان فيه بهاء وترفع في نفسه".

وفي سير أعلام النبلاء، قال عنه الذهبي: "كان رأسًا في التذكير بلا مدافعة.. لم يأت قبله ولا بعده مثله، فهو حامل لواء الوعظ والقيم بفنونه مع الشكل الحسن والصوت الطيب والوقع في النفوس وحسن السيرة".

لم تكن تلك فقط مهارات ابن الجوزي، فقد كان ماهرًا في التفسير والسيرة والتاريخ، ومعرفة الحديث وفنونه، وأيضًا الفقه، وله كذلك جهود في الطب.

كانت بداية ابن الجوزي في الوعظ والخطابة في السادسة عشرة من عمره، وكان يحضر مجلسه ناس كثيرون، منهم الولاة والأمراء والوزراء، وكان درسه يقع بجانب داره على شاطئ دجلة بالقرب من قصر الخليفة.

ويقول ابن كثير: "أقل ما كان يجتمع في مجلسه عشرة آلاف، وربما اجتمع فيه مائة ألف أو يزيدون".

ولابن الجوزي مصنفات كثيرة جدًا في شتى العلوم، وبلغت حوالي ثلاثمائة مصنف، في التفسير والحديث والتاريخ والطب واللغة والفقه والمواعظ وغيرها، حتى يقول الذهبي:

"ما علمت أن أحدًا من العلماء صنف ما صنف هذا الرجل"، ومن أبرز تلك المؤلفات:

  • بر الوالدين.
  • الشفاء في مواعظ الملوك والخلفاء.
  • فضائل القدس.
  • بحر الدموع.
  • غريب الحديث.

مواقفه مع الخلفاء:

ويروي ابن كثير قصة حضور الخليفة المستضيء لمجلسه وهو يعظ، فالتفت إليه، وقال:

"يا أمير المؤمنين، إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، وإن قول القائل: اتق الله خير لكم من قوله: إنكم أهل بيت مغفور لكم. وكان عمر بن الخطاب يقول: إذا بلغني عن عامل أنه ظالم فلم أغيره، فأنا الظالم. يا أمير المؤمنين، وكان يوسف لا يشبع في زمن القحط حتى لا ينسى الجيعان، وكان عمر يضرب بطنه عام الرمادة ويقول: قرقر أو لا تقرقر، والله لا سمنا ولا سمينا حتى يخصب الناس".

قال: فتصدق المستضيء بمال جزيل، وأطلق المحابيس، وكسا خلقا من الفقراء.

وفاته:

توفي أبو الفرج ابن الجوزي في ليلة الجمعة في الثاني عشر من رمضان عام 597 هـ وكان قد شارف على التسعين عامًا، ودفن في باب حرب بالقرب من قبر الإمام أحمد بن حنبل.

ويروي ابن كثير عن ذلك اليوم أن جنازته حملت على رؤوس الناس، وكان اليوم مشهودًا حتى قيل إنه أفطر جماعة من الناس بسبب شدة الحر وكثرة الزحام.

وصيته:

وقد أوصى ابن الجوزي بأن تكتب على قبره هذه الأبيات:

يا كثير العفو عمن كثر الذنب لديه

جاءك المذنب يرجو الصف ح عن جرم يديه

أنا ضيف وجزاء الضي ف إحسان إليه.

فيديو قد يعجبك: