إعلان

وصيفات (صاحبة الجلالة) يروون لـ"مصراوي" كواليس مغامرات كسرن فيها حاجز الخوف والخطر

05:25 م الثلاثاء 03 مايو 2016

سماح عبد العاطى فى إحدى المغامرات الصحفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- علياء رفعت:

سحرتهن قوة الكلمة، فمَسهن عشق الصحافة، ودفعهن الشغف للبحث عن الحقائق في مهنة المتاعب. رابطوا في بلاط صاحبة الجلالة عاقدين العزم على نُصرة المظلوم، تنوير العقول، وكشف النقاب عن المستور. تجدهن تارة في ميادين الحرب والنزاعات المسلحة، وتارة أخرى يبحثن عن قضايا شائكة يقتلونها بحثًا ويضعوا النتيجة بين يدى القارىء فيتركون له الحُكم الأخير. يتعرضون للخطر والمتاعب ولكنهم يواجهونه بجسارة في سبيل الوصول للحقيقة التي يعدون الكشف عنها دورهم وواجبهم.. في اليوم العالمى لحرية الصحافة "مصراوي" التقى بصحفيات كسرن حاجز الخوف والخطر، شاركهن الاحتفاء بمغامراتهن ورصد كواليسها عن قرب كما عايشها أصحابها.

B

سماح عبد العاطى: "أجمل قصة لسه مكتبتهاش"

"التحقيق ده من أخطر التحقيقات اللي اشتغلتها على الإطلاق" قالتها سماح وهى تعود بذاكرتها سنوات إلى الوراء لتسرد لنا كواليس تحقيق تجارة الأعضاء البشرية، حيث عرض عليها زميلها علي زلط بقسم التحقيقات في "المصري اليوم" أن تقوم بالدور التمثيلي لمساعدته في كشف الحقيقة لأن بطاقتها الشخصية لا تكشف عن مهنتها وإنما عن حصولها على ليسانس الآداب.

"تبسطت في لبسي وروحت قابلت السمسار فعلًا، استغربوا جدًا لأنى صاحبة مؤهل عالي، لكن اقنعتهم إن ظروفي المادية صعبة وإني محتاجة الفلوس العملية عشان كده هبيع كليتي" من هُنا بدأت القصة، واستمر الزميلان في جمع المعلومات اللازمة وخوض كل المراحل سويًا رغم اقتناع سماح بأنهم سيكشفون حتمًا ولكنه ما لم يحدث.

منذ يوم عملها الأول بذلك التحقيق لم تخبر سماح ذويها بما كانت تفعله، تخاطر بحياتها يوميًا وتقوم بعمل التحاليل اللازمة تجهيزًا لعملية بيع كليتها، تطرد من رأسها فكرة كشفها التي ستقتل إثرها على الفور، وتتعامل بهدوء خارجي مع إمكانية إعطائها حقنة بنج في أى لحظة لتفقد كليتها بالفعل "في حاجات مينفعش نفكر فيها مرتين لأننا لو فكرنا فيها مش هنعملها، ولو قولنا لأهلنا عليها هنعيشهم في رعب وعمرنا ما هنكشف الحقيقة".


أما أصعب اللحظات التي عايشتها سماح أثناء ذلك التحقيق كانت اللحظات الأخيرة، اليوم الذي سبق استعدادها لإجراء العملية حيث توجهت برفقة زميلها علي زلط لوزارة الصحة لإبلاغهم بتلك العملية التى كانت توشك على القيام بها لضبط حالة الإتجار بالبشر أثناء حدوثها، وسط ذهول المسؤولين وقيادات الوزارة كان الزميلين يؤكدان على حيازتهم للأدلة الموثقة بالصوت والصورة والتي تثبت صحة ما يقولان.

"في اليوم التاني جهزت شنطة هدومي ونزلت من بيتنا وانا عارفة إنى ممكن مرجعش، أو ارجع بكلية واحدة" استعدت سماح لإجراء العملية وتوجهت للمستشفي بالفعل ولكن الطبيب اعتذر عن اجرائها ليختفى بعدها هو والسمسار بعد أن أبلغهم أحدهم بهوية سماح. نُشِر التحقيق في ديسمبر 2009 وأحدث ضجة صحفية، ونالت عنه سماح برفقة زميلها على زلط جائزة الصحافة العربية لعام 2010.

C

في أغسطس عام 2011 كانت الثورة الليبية في أوجها، هرب القذافي، ووقعت طرابلس في يد الثوار، بينما لا أحد يعلم طبيعة الحياة في ليبيا سوى عن طريق ما يرد من وكالات الأنباء العالمية، لِذا قررت سماح السفر إلى معقل الثورة برفقة زميلتها شيماء عادل ليكشفوا تفاصيل الحياة اليومية.

"كنت خايفة بدرجة كبيرة لأنها مخاطرة، مش عارفين ممكن نواجه إيه هناك، ولا هنرجع ولا لاء" كان هاجس الخوف يسيطر تمامًا على سماح بذلك الوقت ولكنها قررت أن تتحداه برفقة زميلتها ليسلكوا سويًا طريق السفر من القاهرة لمطروح، للسلوم، ومنها إلى طبرق، ثم إلى بني غازى، لينتقلوا في طائرة حربية تابعة للقوات الثورية لمسراطة.

"ركوب الطيارة دي كان أخطر فعل عملته في حياتي على الإطلاق" قالتها سماح وهى تصف تلك الرحلة المخيفة، حيث تجلس أعداد كبيرة من المواطنين الليبين على أرض الطائرة عائدين من بني غازى إلى مصراتة بعدما تم تطهيرها من قبل الثوار، درجة الحرارة تكسر حاجز الأربعين، الأطفال يصرخن، الجميع يجلس القرفصاء، والعجائز ينخفض ضغطهن، فيما يُكبر الرجال أثناء لحظة الإقلاع غير عابئين بإمكانية قصف الطائرة جويًا من قبل قوات حِلف الناتو إذا تم الاشتباه بها.

ومن مصراتة إلى بني غازى مضت سماح وشيماء بعد رصد الأوضاع، ليسقبلهم المواطنون الليبيون هناك بالأسلحة "كل الناس اللي كانت ماشية في الشارع كان معاها سلاح واحنا ماشيين من غير سترات واقية يعني ممكن نتقتل أى وقت"، لكن ذلك لم يمنعهم من رصد الأوضاع ثم الانطلاق للعاصمة طرابلس حيث سجن أبو سليم الذي كان يحتجز به القذافي الثوار، وقصر العزيزية الذي هُجر بعد هروب الرئيس ليقوموا برصد كل شيىء بدقة وعن كثب رغم المخاطر.

ورغم كُل تلك المخاطر التى خاضتها سماح في سبيل الكلمة إلا أنها ترى بأن أجمل قصة لم تكتبها بعد، فلا زالت -كما تقول- أسيرة الحدث والمغامرة في سبيل الحقيقة.

سارة نور الدين.. من طفلة تهوى الصحافة إلى صحفية تقتحم مناطق الخطر

"كنت راحة أغطي حدث فى الكيلو 4 ونص في مدينة نصر، ولاحظت إن هناك بيعيش مجموعة كبيرة من اللاجئين السودانين في مصر" التقطت سارة ذلك الخيط الرفيع، وأخذت تبحث وتنقب بجدٍ يُنبىء بمستقبل باهر لطالبة لا زالت في أخر سنوات دراستها بكلية الإعلام.

ورغم أن الوصول للاجئيين السودانين والحديث معهم في تلك المنطقة كان أمرًا صعبًا، إلا أنها تنكرت في زي فتاة مُنتقبة لتصل لهم من خلال الجمعية الشرعية التي كانت تمدهم وقتها بمعوناتٍ تساعدهم على سُبل الحياة، تظاهرت أنها إحدى فاعلات الخير اللائي يردت تقديم تبرعات، ولهذا سهلت الجمعية عملية دخولها.

داخل الجمعية ووسط المخيمات رصدت سارة مشكلات عديدة كان يتعرض لها اللاجئين السودانين والإرتريين على حد السواء، وكان ذلك هو أول تحقيق صحفي تتعرض فيه لخطر الكشف عن هويتها التي أخفتها، لينشر بعدها على ثلاث حلقات بجريدة البديل عام 2008.

في العام ذاته، ومن مُخيمات اللاجئين إلى الحدود المصرية الفلسطينية، توجهت سارة إلى غزة لتغطية الحرب الدائرة هناك والقصف الاسرائيلي على فلسطين، وبرغم حداثة سنها وقتها إلا أنها لم تخشى خوض التجربة " لما الاقي حاجة أقدر اعملها باقل تكاليف ونسب مخاطرة يبقى لازم اعملها".

D

منذ ذلك الوقت كسرت سارة حاجز الخوف، وانطقلت لتحقق الانجازات المتوالية في بلاط صاحبة الجلالة حتى قررت تغطية أماكن الحروب والنزاعات المسلحة مع بداية عام 2011، فكانت أول تغطياتها في ذلك العام لواحدة من أشد بؤر النزاعات في العالم خطورة على الصحفيين "الصومال".

وقتها ضربت الصومال واحدة من أقسى موجات المجاعات التى عانت منها البلاد على مدار سنوات طويلة، وكانت القوات الحكومية قد استطاعت نقل حركة شباب المجاهدين -تنظيم القاعدة في شرق إفريقيا- خارج مقدشيو بحوالي 2 كيلو متر، فبدا الوقت مناسب للسفر وتغطية الأحداث على الأرض بعيدًا عن أخبار الوكالات.

"قضيت 20 يوم ما بين كينيا ومقدشيو، مكنتش بغطي الحركات الإرهابية، كان الأساس تغطية المجاعة" قالتها سارة وهى تصنف تلك التغطية كواحدة من أصعب وأخطر التغطيات التي قامت بها على الإطلاق، ففي الصومال الصحفيون مستهدفون طوال الوقت حتى انهم لا يستطيعون الانتقال من مكان إلى آخر بمفردهم، بل هناك من يتولى نقلهم لحمايتهم دون أن يتعرضوا لطلقة طائشة أو مُستَهدِفة من أسلحة يطلق حامليها النيران طوال الوقت.

الأحوال في الصومال كان يندى لها الجبين كما وصفتها سارة، فمستشفى مقدشيو غير مؤهلة أو مُجهزة بأى إمكانيات، الصوماليون يقعون صرعى على قارعة الطريق، بعضهم يفارق الحياة والبعض الآخر ليس لديه القدرة على أن ينطق حرفًا واحدًا، فيما يقطع من لا زالوا يتمسكون برمق الحياة من النساء، الرجال، الأطفال مسافة 80 كيلو مترًا سيرًا على الأقدام وصولًا إلى مقدشيو فارين بحيواتهم من بطش حركة شباب المجاهدين، أملين في الحصول على الإغاثات التى لم تصل بعد ليقضوا أسابيع بلا طعام أو شراب.

"رجعت من الصومال معنديش قدرة ولا طاقة اتعامل مع البشر، مكنتش عارفة اتعايش" هكذا قضت سارة أيامها الأولى بعد عودتها، والتى تمت بأعجوبة، ففي آخر الأيام التي قضتها هناك كان تقوم بالتصوير في إحدى الأحياء المعروفة بأنها معقل لحركة شباب المجاهدين وقتها، وفي اليوم التالي تم قصف المكان الذي كانت تقيم فيه، ففهمت على الفور بأن هذة رسالة واضحة تستهدفها، وانطلقت بعدها إلى المطاربرفقة حراسة لتعود إلى مصر على متن أول طائرة.

صفاء صالح: "الخطر في كل مكان لكن ده ميمنعناش نعمل شغلنا"

E

" إيواء المُعنفات" هو التحقيق الأول الذي تعرضت خلاله صفاء للخطر - حسبما روت، فمع بداية انتشار دور المعنفات بمصر عام 2009 قررت أن تخوض التجربة لتكشف عما يجري خلف أسوار هذة الدور التى لم يكن يعلم بوجودها الكثيرون. ودور المُعنفات هى دور لإيواء السيدات اللائي تعرضن لإيذاء بدني من قِبل ذويهن من الذكور، حيث من المفترض أن يتم تأهليهن نفسيًا لمواجهة المجتمع والتعايش بعد ما تعرضن له، لكن الحقيقة التي كشف عنها التحقيق بدت مختلفة تمامًا.


تقدمت صفاء لإحدى هذة الدور باعتبارها "مُعنفة"، اخفت هويتها الصحفية وتعاملت على انها امرأة عادية أتت للدار طالبة للمساعدة، لتكتشف أن المنظمات النسائية تستغل هذة الدور بغرض الربح المادي فقط. يحتجزون السيدات داخلها مدة ثلاثة أشهر دون أن يتم تأهيلهم، أو تحصينهم من المجتمع الذي يلفظهم فور خروجهم إليه دون حجة مقنعة تُسكِت ألسنة تلوكهم لغيابهم.

"لو كان اتعرف إني صحفية مكنتش هطلع سليمة" قالتها صفاء وهى توضح خطورة تواجدها في هذة الدور التي رصدت فيها المعاملة السيئة للمعنفات بدلًا من تأهليهن إلى جانب سلبهن أدني سُبل العيش بكرامة.

في العام نفسه، وبعد أن أنهت تحقيقها الأول، خاضت صفاء تجربة جديدة لم تختلف كثيرًا عن سابقتها على مستوى الخطورة الذي تعرضت له، فللمرة الثانية تُخفي هويتها، وتسعي للعمل بإحدى مصانع "المعسل" لترصد ما تتعرض له العاملات هناك من استغلال بسبب ضيق ذات اليد والفقر الذي يدفعهم للعمل في مصانع لا تحقق لهم أى قدر من السلامة الصحية، فجميع العاملات في تلك المصانع معرضون للإصابة بأمراض الصدر، الكلي، الرئة، الدرن، والسرطان. * حصد تحقيق بنات التبغ جائزة سمير قصير عام 2010 .

F

ومن بنات التبع إلى العراق عام 2015 خاضت صفاء رحلة خَطِرة لرصد الأوضاع هناك عن كثب بعدما أحكمت داعش سيطرتها على مناطق عِدة. نُصب أعينها كان البحث عن الأيزيديات " مكنتش مصدقة إن في ستات بتتخطف وتتباع في سوق جوارى في داعش، ولا إن في سوق جوارى من الأساس"، لكنها بالبحث استطاعت أن تكشف كل الجرائم والانتهاكات التى ارتكبها داعش بحق الأيزيديات مما أدى لدخولها في نوبة اكتئاب عقب عودتها من السفر.

ورغم المخاطر التي تتعرض لها صفاء أثناء خوضها لكل تجربة إلا أنها تكتم ذلك عن ذويها قدر المُستطاع فتخبرهم انها ذاهبة لحضور أحد المؤتمرات أو الدورات التدريبية حتى لا تزيد من قلقهم بشأنها، ولكن فور عودتها سالمة تقص عليهم كُل شيىء مُعللة ذلك " الخطر حوالينا في كل مكان، لكن ده ميمنعناش نعمل شغلنا طالما هنأمن نفسنا كويس".

 اقرأ باقي موضوعات الملف:

حقيقة اغتيال ''مبارك'' والتعذيب.. حين كان السبق الصحفي لـ''مدونة''

حسام السكري: نقابة الصحفيين لها وقفات شجاعة.. والسلطة تحتكر كل المنابر (حوار)

''مصراوي '' يحاور أحد مؤسسي حملة ''الرقة تُذبح في صمت''

هل يضع الصحفيون في مصر رقابة على أنفسهم؟ (تقرير)

أعمال صحفية غيرت مجتمعاتها.. أثر الإعلام ''يٌرى''

سيرة أول شهيد للصحافة في الثورة.. السلطة الرابعة ''مجابتش حق ولادها''

بالفيديو والصور: إعلاميون بلا ''إعلام''.. كيف يقتل أبناء المهنة المصداقية؟ (تقرير)

مؤمن قيقع.. وقع خطاه بـ ''كرسي متحرك'' يُغضب ''إسرائيل'' (حوار)

إلى متى تعدم الدولة الترزي وتترك ''الحداد''؟ (مقال)

فيديو قد يعجبك: