إعلان

رزق النباشين في خطر.. ارتفاع أسعار "البلاستيك والكانز" تجذب زبائن جدد

04:27 م الأحد 21 مايو 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن:

قبل ثلاثة أشهر، حملت مارينا وأطفالها الثلاثة النفايات التي قاموا بجمعها طيلة ساعات الليل، على تروسيكل تستأجره، واتجهوا إلى أحد المخازن المختصة بشراء النفايات بمنطقة أرض اللواء، والحصول على مبلغ مالي يلبي احتياجات الأسرة، ليخبرها مسؤول الاستلام بالمخزن بارتفاع أسعار كيلو البلاستيك وعبوات المياه الغازية "الكانز" إلى الضعف، قبل أن يطلب منها تكثيف العمل لتتقاضى دخلا مرتفعا مثل غيرها من الأسر التي تعمل ليلا ونهارا ويتعدى دخلها الـ 500 جنيه يوميا.

345890863_624649372872728_4271575818026944414_n

"كنت فاكرة الموضوع هزار بس لما خدت الفلوس لقيت السعر زاد فعلا"، تقولها مارينا التي طلبت من أطفالها الذين تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و 16 عاما بزيادة ساعات عملهم اليومية المعتادة من السابعة مساء وحتى الخامسة فجرا، وفي المقابل تنفيذ مطالبهم التي يريدونها: "كل واحد فيهم عايز موبايل زي أصحابهم وأنا عاوزة أجيب غسالة"، لذا وجدت مارينا أن ارتفاع سعر "البلاستيك والكانز" فرصة لتحقيق رغبة أطفالها.

"بقينا نروح من المغرب لحد الساعة 9 الصبح"، تستكمل مارينا، وذلك أملا في زيادة الكميات التي تقوم ببيعها وبالتالي زيادة دخلها اليومي الذي كان يتراوح ما بين 250 وحتى 400 جنيه، لكن ذلك لم يحدث بعدما جذب ارتفاع أسعار النفايات "البلاستيك والكانز" آخرين باتوا يعملون في جمع البلاستيك والعبوات الفارغة لتحسين دخلهم ببيعها، ممن كانت أعمالهم تتقاطع مع ذلك العالم، كعمال مقاهي ومحال تجارية ومطاعم.

344602019_3514176788868110_1310613784422685432_n

"مارينا وأطفالها"، أسرة من بين أسر أخرى تعمل في انتقاء النفايات وبيعها، سواء بشكل دائم وتمثل لهم المهنة مصدر دخلهم الوحيد، أو العمل بصفة غير منتظمة من وقت لآخر بحثا عن زيادة الدخل في ظل ظروف اقتصادية صعبة، إذا كان الأمر متوفرا أمامهم.

"زيادة أسعار البلاستيك والعبوات المعدنية دي خلتنا نشوف ناس لأول مرة"، يقول مشير كامل، أحد أشهر تجار الخردة في منطقة أرض اللواء. بحكم سنوات عمله الطويلة في النفايات "البلاستيك والكانز"، اعتاد رؤية مجموعة من الزبائن يتعاملون معه بصفة يومية: "كل مقلب زبالة ليه ناس معينة شغالة فيه وبيتعاملوا معايا"، ليختلف هذا الأمر مع بداية العام الماضي الذي شهد بائعين جدد: "في ناس بقت تحوش الكانزات والزجاجات الفارغة في بيوتهم و تيجي تبيعها، زي عمال القهاوي والمطاعم مثلا".

346131885_734688411737184_1169710220657496357_n

"الواحد يلقى 50 جنيه يديها مصروف للعيال"، إجابة تلقاها مشير من أحد الأشخاص، وهو يزن له عبوات مياه فارغة، يقول مشير "الناس في الأول مكنتش تهتم ببيع الحاجات دي"، لكن من وجهة نظره يرى أن ارتفاع أسعار كيلو النفايات بجانب الظروف المعيشية كان الدافع لبعض الأشخاص بالاحتفاظ بالنفايات وبيعها على عكس ما كان يحدث في السابق بالتخلص منها بإلقائها في الشارع بطريقة عشوائية أو بطريقة آمنة من خلال شركات النظافة، أو جامعي القمامة، أو إلقائها في صناديق القمامة.

"دلوقتي في ناس شغالة في الكانزات والبلاستيك"، تستكمل مارينا التي تعمل في مهنة جمع النفايات منذ نعومة أظافرها مع أسرتها "والدها وأخواتها"، ثم مع زوجها وأطفالها كمصدر دخل أساسي يعود عليها بعدد من الجنيهات تعيينها وزوجها على تربية أطفالها في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة متطلبات الحياة تقول: "الأسعار كل يوم بتزيد عشان كدة لما سعر الكيلو زاد فرحت"، لكن فرحتها لم تكتمل بعد قلة كميات العبوات البلاستيكية والمعدنية التي كانت تقوم ببيعها.

344596656_651449456806416_2464243060495162585_n

لم يختلف الحال بالنسبة لـ"أم ابتسام" التي تعمل في مهنة جمع المواد الصالحة للبيع من النفايات منذ 6 سنوات، كمصدر دخل يساعدها في الإنفاق على أطفالها تقول "ناس كتير شغال زينا في جمع الكانز والبلاستك وأكتر حاجة بوابين العمارات".

مع ساعات الصباح الأولى، تستيقظ أم ابتسام من محل إقامتها بمنطقة بولاق الدكرور، ترتدي ملابسها وتصطحب ابنتها حنان التي لم يتعدى عمرها الـ10 سنوات وتصر على الذهاب معها لمساعدتها في فرز النفايات من مقالب القمامة بشارع جامعة الدول العربية: "بقالي سنين في المكان ده وكان في الأول في شغل دلوقتي لأ"، نتيجة عمل البعض في نفس المهنة، تتذكر عندما طلبت منها زوجة بواب العمارة القريبة من مقلب الزبالة التي تعمل فيه أن تخبرها بمكان المخزن الذي يقوم بشراء عبوات الكانز والمياه البلاستيكية لبيع الكميات التي قامت بجمعها من نفس مقلب الزبالة التي تعمل فيه أم ابتسام: "مش هقدر أقول لحد ما تجمعش وخصوصا لو هو غريب عشان المشاكل"، تقولها السيدة الخمسينية.

344600015_210002205134034_7486758586187696833_n

"نفسي الأسعار تنزل عشان نعرف ناكل عيش"، تقولها مارينا، تتمنى صاحبة الـ35 عاما التي تقطن في إحدى الشقق بنظام الإيجار في منطقة بولاق برفقة أسرتها أن تعود الأسعار كما كانت حتى تتمكن من العمل هي وزوجها "أنا وزوجي شغالين في نفس المهنة ومعانا أطفال كلهم في مدارس ويدوب رزق يوم بيوم"، تصف حالة العمل في الوقت الحالي مقارنة بالسنوات الماضية "زمان كان في شغل كتير دلوقتي مفيش وممكن اليوم كله أعمل 3 كيلو بس"، يتراوح سعرها من 150 إلى 200 جنيه على حسب المخزن ونوع النفايات: "في مخازن سعرها كويس ومخازن تانية لأ".

ما تشتكي منه مارينا هو نفس شكوى أم ابتسام التي ترى أن هناك تغيرا في القمامة في الوقت الحالي مقارنة بالسنوات الماضية تقول "الزبالة اتغيرت عن زمان الأول كان فيها رزق دلوقتي لأ"، مضيفة أن القمامة في السابق كانت تحتوي على الكثير من النفايات التي تصلح للبيع: "كنا نلاقي كانزات وكراتين غير الملابس"، على عكس الوقت الحالي: "دلوقتي مفيش حاجة أوى في القمامة".

346143828_258576403364749_3010973785616266438_n

ورغم أن للأمر بعد مالي واقتصادي، إلا أن ثقافة فصل المواد عن بعضها وبيعها بغرض إعادة التدوير، أمر إيجابي تحث عليه منظمات مهتمة بالبيئة، وتوصي بفصل النفايات، وفي حين أن تلك الدعوات لم تكن تلقى رواجا إلا أن ارتفاع أسعار القمامة غير ذلك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان