إعلان

التجارة في الحرب.. شاحنات مصرية تنتظر العبور إلى السودان

12:38 ص السبت 13 مايو 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب: محمود الطوخي

عشرات الشاحنات تكدست بمدينة "أبو سمبل" بمحافظة أسوان على بعد كيلومترات من معبر "أرقين" البري على الحدود المصرية السودانية، في انتظار السماح بعبورها إلى المنطقة المحايدة التي تقع بين الجانبين ومنها إلى الحظيرة الجمركية السودانية، ومن بينهم 5 شاحنات تتبع شركة خدمات النقل بمنطقة "غمرة" التي يعمل بها محمد عبد البديع أحد العالقين على المعبر الحدودي، يقول: "تحركت الشاحنات إلى الحدود قبل اندلاع الحرب بقرابة أسبوع كامل".

قبل 15 إبريل الماضي، تحركت الشاحنات كعادتها من بعض المحافظات صوب الحدود المصرية السودانية لتسلك طريقها إلى ولاية الخرطوم عبر معبر "أرقين" البري في رحلة تستغرق نحو أسبوعين ذهاباً وإياباً في عملية التبادل التجاري بين البلدين التي قُدّرت بنحو مليار و200 مليون دولار في نهاية عام 2021 بحسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

أيام قليلة متبقية قبيل حلول العيد والكثير من البضائع تحمل على الشاحنات لينطلق بها السائقون إلى السودان ومن ضمنهم محمد صقر الذي بدا كل شيء طبيعياً خلال رحلته التي بدأت من محافظة الإسكندرية في 13 أبريل الماضي، يقول صقر لـ "مصراوي": "لا تشغلنا الأخبار كثيراً خلال رحلتنا فلا يتوفر لدينا تلفاز ولا وقت لتصفح المواقع الإخبارية على الهواتف".

رحلة سفر صقر، كان يفترض أن يعود منها ليقضى آخر أيام عيد الفطر مع أسرته، لكن شيئاً لم يكن بالحسبان كان في انتظاره ورفقائه عند وصولهم إلى المحطة الأخيرة "الجراج" التي تقع قبل معبر "أرقين" البري بنحو 100 كيلومتر، إجراءات أمنية مشدّدة غير التي اعتادوها على مدار سنوات عملوا خلالها بين مصر والسودان، وأنباء تفيد باندلاع حرب في الخرطوم وجهتهم الأخيرة: "شعرنا بالريبة والقلق... فنحن لم نعتد الصخب الهائل الذي يشهده المعبر والجمرك حالياً".

قرار بمنع عبور الشاحنات إلى الجانب السوداني حال دون وصول صقر ومن معه إلى وجهتهم، ومطالبات من الشركة التابع لها بالتمهل والانتظار ريثما تهدأ الأوضاع على الجهة الأخرى من الحدود، تتابعت الأيام عليه يوما تلو الآخر فانقضي أسبوع كامل وكل الأمور آلت إلى الأسوأ: "بدأت أعداد الشاحنات تتزايد داخل الجراج ولا وجود لدلالة تبشّر بتوقف الحرب".

لم يمنع قرار غلق المعابر أمام الشاحنات، تدفقها من القاهرة ومختلف المحافظات إلى مختلف المعابر الحدودية مثل معبر "أوسيف" البري الذي تسلكه الشاحنات التابعة لشركة "الفيومي" خلال رحلتها إلى ولاية بورتسودان، يقول عمر الفيومي أحد المسؤولين بالشركة: "تلقينا وعودا بتسيير الشاحنات خلال يومين أو ثلاثة...لكن بعيدا عن المعابر المؤدية إلى الخرطوم".

وسط الصحراء وخلال ساعات النهار تزداد درجات الحرارة ومعها مخاوف صقر تجاه حمولته من مادة "التنر" القابلة للاشتعال، فآثر هو وبعض سائقي الشاحنات التي تحوي مواد خطرة مثل "الكلور" إبقاء شاحناتهم على بعد عشرات الأمتار بمعزل عن باقي الشاحنات تحسباً لحادث يأمل عدم وقوعه: "لن تُجدِ أية محاولات لإطفاء ذلك الحريق حال نشوبه... ما يمكن أن نفعله هو اتخاذ ساتر نحتمي خلفه".

حلّ عيد الفطر علي صقر ورفقائه وقد نفذ مخزونهم من الغذاء والماء، فاضطروا إلى شراء احتياجاتهم من المؤن بأسعار قد تصل إلى 5 أضعاف سعرها الأصلي: "بدأت في اقتراض بعضاً من أموال العهدة المالية التي أحضرتها من الشركة".

وبعد 20 يوما انتهت رحلته المعلقة بقرار الشركة التابع لها بعودته، تاركاً خلفه رفيقه أحمد إبراهيم ليكمل انتظاره بعدما انقطع التواصل بينه وبين المستورد السوداني، وأخلت الشركة الموردة مسؤوليتها عما يحمله من بضائع، يقول إبراهيم لـ"مصراوي": "لا أعلم إن كان التاجر السوداني حياً أم ميتاً... لكن ما أعلمه جيداً أنني بِتُّ عالقاً هنا".

رغم ذلك فإن قناعة إبراهيم بأفضلية حاله عن الكثيرين غيره تتأكد يوما بعد يوم: "التقينا بعض السائقين العائدين من الخرطوم وأخبرونا بمدى سوء الأوضاع هناك بالنسبة لبعض سائقي الشاحنات العالقين بعدما انقطعت بهم السبل في تفريغ ما لديهم من بضائع وأصبحوا محاصرين".

خسائر كثيرة ستتحملها شركة عبد البديع لحين عودة شاحناتها الخمس من رحلتها المنقوصة، فمع كل يوم يمر تتكبد نحو 1000 جنيه مقابل كل شاحنة متوقفة عند المعبر: "ستزداد خسارتنا كثيراً عند عودة الشاحنات محملة بالبضائع التي سنضطر إلى تخزينها لحين انتهاء الأزمة".

فيديو قد يعجبك: